الإسلام هو الدّين الذي يبشّر به العلم في هذا العصر

 الإسلام وحده - لو ينصفون - هو المعني بهذه البشارة العلمية للأديان , لأنه هو الدين الوحيد الذي يوافق التوجهات العلمية والإنسانية للإنسان المعاصر, ولأن الإلحاد ما قام إلا كرد فعل على جهالات الكنيسة التي حجرت العقل البشري , وقمعت الفكر المتحرر, وأفسدت فطرة الإنسان , فتطلب التخلص من أغلالها خوض معركة مريرة , كانت كلفتها كبيرة , جعلت الإنسان في الغرب يذهب بعيدا في معاداته للأديان, الى دركة الإنكار لوجود الديان , إلا أن الكثير من الذين ألحدوا في أوربا باسم العلم لم ينكروا وجود الخالق سبحانه الذي شعروا بوجوده بفطرتهم السليمة ومن خلال نتائج بحوثهم وتأملاتهم العلمية , إنما أنكروا الإله الثلاثي الذي تصوره الكنيسة , والذي باسمه يقمع من يقول بكروية الأرض الى درجة الحكم بحرقه حيا , والذي ينصب باسمه سماسرة بينه وبين الناس التائبين ليأخذوا منهم الرشاوى من أجل مغفرة ذنوبهم , والذي يدعو الناس أن يتقربوا إليه بالأوساخ والقذارة , والذي باسمه تقام محاكم التفتيش لتعقب العلماء والصلحاء لتعذيبهم أو تصفيتهم بسبب آرائهم العلمية و عقائدهم الدينية.

فهل العودة الى الدين تعني الرجوع الى تلك التعاليم الكنسية المثبتة في كتبها المقدسة , مما يعني عودة الظلامية والهمجية والتخلف ؟ أم أن الكنيسة ستعمل على تحريف تلك الكتب مرة أخرى لتنسجم

إن الإسلام وحده هو الذي يساير الوثبة العلمية المتطورة , والروح الفكرية المتحررة , والطموحات الإنسانية المتحضرة للإنسان المعاصر, انه الدين الوحيد الذي يبني عقيدته على أساس العلم, ويتخذ من البحث العلمي وسيلة لإثبات حقائقه , ويرفرف بالإنسان في معارج الكمال المادي والسمو الروحي الأخلاقي , وهو وحده المؤهل للمحافظة على مكتسبات الحضارة الحديثة في ميادين العلم الكوني والاجتماع والسياسة .

إن العلم الحقيقي يدعو منذ عقود مضت وبإلحاح الى العودة الى الدين الذي أثبتت البحوث العلمية المعمقة والنزيهة أنه الحق , وهو دين الفطرة – الإسلام -

يقول هرشل العالم الفلكي الانجليزي :" كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد لقدرته ولا نهاية , فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد تعاونوا وتضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده "

ويقول هربرت سبنسر في رسالته التربية :" العلم يناقض الخرافات ولكنه لا يناقض الدين نفسه

يوجد في الكثير من العلم الطبيعي الشائع روح الزندقة , لكن العلم الصحيح الذي تجاوز المعلومات السطحية , ورسب في أعماق الحقائق بريء من هذه الروح , والعلم الطبيعي لا ينافي الدين , والتوجه الى العلم الطبيعي عبادة صامتة واعتراف صامت بنفاسة الأشياء التي نعاينها وندرسها , ثم بقدرة خالقها, فليس ذلك التوجه تسبيحا شفهيا , بل هو تسبيح عملي" (من كتاب الإيمان والحياة للقرضاوي )

وهذه هي الحقيقة ذاتها التي جاء بها القرآن وبالطريقة التي دعا إليها في البرهنة على صحة الدين , إن هدى الإسلام يتلاقى دائما مع الفكرة المستقيمة النيرة , والفطرة السليمة الخيرة , في كل عصر ومصر.

يقول عز وجل:" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفََاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ " (53 فصلت )

ويقول عز من قائل :" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوِاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ الليلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأولِي الألبَابِ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّناَ مَا خَلَقْتَ هذاَ بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " (آل عمران 191)

ويقول سبحانه :" قُلِ انظُرُوا مَاذاَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ" (يونس 101 )

ويقول جل جلاله :" إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَمَا أنزَلَ اللهُ مِنَ السَّماَءِ مِن رٍّزْقٍ فَأحيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهاَ وَتَصْرِيفِ الرِّياَحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تِلكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلوهاَ عَلَيْكَ بِالحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآيَاتِهِ يُؤمِنُون َ؟ " ( الجاثية من الآية 3 الى 6 )

ويقول أيضا : " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ " ( فاطر 28 )