ولا يزالون يقاتلونكم حتى يجهضوا ثورتكم إن استطاعوا

 

الشباب الذين يشيعهم "حزب الله" إلى أهاليهم كل يوم ليسوا مجرد مقاتلين ضلوا الطريق فتوجهوا شمالاً بدل الجنوب إلى سوريا بدل  فلسطين المحتلة.

ماذا قد يقال غداً إذا صار عدد الذين سقطوا في سوريه أكبر من الذين سقطوا  دفاعاً عن الجنوب.

بدايات تدخل حزب الله في سوريا

أكد ناشطون سوريون مشاركة "حزب الله" مبكراً في قمع ثورتهم على النظام، لكنّ دليلاً لم يظهر إلا عندما بدأت جثث قتلى الحزب بالوصول إلى لبنان، ولم يقر الحزب رسمياً بمشاركته بالحرب إلا عند بدء معركة القصير في مايو 2013.

ففي 29 أغسطس/ آب من عام 2011  نشرت "النهار"  البيروتية خبراً عن تشييع قتيل من الحزب يدعى حسن علي سماحة في بلدة الكرك بمنطقة زحلة شرقي لبنان.

وقالت الصحيفة: إن الحزب أفاد بأن سماحة سقط "خلال قيامه بواجبه الجهادي" دون إشارة إلى المكان، وهو مؤشر ضمني على سقوطه في سوريا, في حين أن وزارة الداخلية اللبنانية حاولت نفي الخبر, وقال متحدث باسمها للصحيفة: إن سماحة قضى في حادث سير ببيروت.

واستمر تكتم قادة الحزب على تورطه رغم استمرار تشييع جنازات القتلى لغاية أكتوبر/تشرين الأول عام 2012 عندما سقط أحد أبرز قياديي الحزب في سوريا محمد حسين الحاج ناصيف الملقب بأبو عباس، وقتها اضطر الحزب إلى الإعلان عن وفاته وشارك قادته في تشييعه, مع استمرار استخدام اللازمة الدعائية القائلة إنه مات "أثناء تأديته واجبه الجهادي".

ومع انطلاق معركة استعادة مدينة القصير بمحافظة حمص من يد المعارضة السورية في مايو/أيار عام 2013 تغيرت مقاربة الحزب العلنية للأزمة السورية، وقتها ألقى الأمين العام للحزب "حسن نصر الله" خطاباً مثل إعلان حرب على الثورة السورية، تعهد في سياقه بدحر ما أسماه التمرد والإبقاء على نظام بشار الأسد، معلناً أن "سوريا هي ظهر المقاومة وسندها، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي وتسمح للتكفيريين بكسر عمودها الفقري".

يَقتُلون ويُقتَلون

في حلب وحمص و القلمون وما بعد القلمون  يقتلون ويقتلون في حرب يريدها سماحة السيد وهذا لقبه أن تكون مقدسه على طريقته "فلن تسبى زينب مرتين" فقط لكي يبقى بشار الأسد، ويبشر مقاتليه الذين أثخنوا بالجراح أنه سيحارب في كل مكان فالخيارات قليلة فإما أن تسبى نساؤنا أو نعيش في ذل أو أن نحارب أكثر مما فعلنا في السنوات السابقة حتى لو فني نصفنا أو ثلاثة أرباعنا فليس ثمة خيار آخر أمام هجمة كبيرة الكل فيها ضد حزبه وحلفائه في المنطقة، هذا ما أكده الأمين العام لحزب الله اللبناني "حسن نصر الله" في كلمة له نهار الأحد 24 مايو/أيار  أن حزبه سوف يستمر في القتال في سوريا إلى جانب نظام  بشار الأسد مهما كلف الأمر وأن الحزب يقاتل في مختلف الجبهات.

أرقام تقريبية بسبب التعتيم

في تقرير خاص أعده مركز العدالة للدراسة والتوثيق للجزيرة نت  عن أعداد قتلى المليشيات المساندة للنظام، فقد أوضح الناطق باسم مركز توثيق الانتهاكات في سوريا بسام الأحمد أن أعداد القتلى الموثّقين من "حزب الله" منذ بداية الثورة إلى حين توثيق المركز لهذا التقرير 21/3/2014 بلغ 110 قتلى سقطوا خلال المعارك في سوريا، ويؤكد أن الأرقام التقريبية للأعداد الفعلية لقتلى الحزب قد فاقت ألف قتيل.

ويرجع الأحمد سبب تفاوت الأعداد الموثقة والأعداد التقريبية إلى أن الحزب اتبع هو  سياسة التعتيم عن عدد قتلاه لحسابات كثيرة.

ويضيف الأحمد في حديث للجزيرة نت "كان "حزب الله" يعتمد في البداية على ذكر بعض القادة فقط ممن قتلوا في المعارك بسوريا، وكان لا يذكر تفاصيل عن مقتلهم سوى أنهم قتلوا أثناء تأديتهم الواجب الجهادي، ومع تزايد عدد قتلاه وعدم استطاعته التعتيم عن الأمر أكثر من ذلك بدأ بالإعلان عن ضحاياه بشكل طفيف مقارنة بالأعداد الحقيقية التي تسقط بشكل يومي خصوصا أنه في تلك المرحلة كان مشاركاً في معركة القصير".

وعن الأسباب التي تمنع حزب الله من الإعلان عن عدد قتلاه الحقيقي يقول الأحمد "قبل إعلان الحزب عن مشاركته في الحرب السورية كانت السياسة المتبعة آنذاك في لبنان تجاه الملف السوري هي النأي بالنفس، وكان الحزب هو المسيطر على الحكومة في تلك الفترة فلا يستطيع أن يناقض نفسه أمام اللبنانيين، أضف إلى ذلك إلى أن البوح بأعداد قتلاه في الحرب سيحطم معنويات مقاتليه".

ونقل موقع "جنوبية" اللبناني عن مصدر في "مؤسسة الجرحى" التابعة لحزب الله في تاريخ 16/11/2014 أن خسائر الحزب في سوريا منذ تدخله العسكري فيها بلغ 950 قتيلا و280 جريحاً .

أما إجمالي عدد الجرحى الذين تعالجوا وتعافوا فقد بلغ 1840 جريحا بحسب نفس المصدر.

وارتفعت فاتورة خسائر الحزب البشرية منذ شهر تشرين الأول من نفس العام  خصوصاً مع اشتداد حدة المعارك اليومية بين مقاتلي الحزب و قوات المعارضة السورية في منطقة القلمون خاصة لتبلغ حوالي 100 قتيل في صفوف مقاتلي الحزب اللبناني.

ومن ناحية أخرى يشير الباحث في مركز أمية للدراسات الزميل "فادي شامية" إلى أن أعدد قتلى الحزب بلغت /806/ وذلك وفق اعتراف الحزب نفسه حيث نعاهم  بالاسم لكن الرقم الفعلي اكبر بكثير.

وكان زعيم الحزب "حسن نصر الله" وعد جمهوره بالنصر الحاسم في سوريا على من يسميهم "التكفيريين".

 ففي معركة القصير وحدها قتل  حوالي 135 شخص من عناصر حزب الله  وهو رقم قياسي يقارب أو يقل عن عدد قتلى حزب الله في حرب تموز 2006 أمام العدو الإسرائيلي لكن أمام العدو  الجديد "لحزب الله" المتمثل لكل من طالب بالحرية في سوريا بات عدد قتلى الحزب يفوق أضعاف ما دفعه في حرب 2006

انتقادات "حزمت قبل أن يحزموا وعصفت قبل أن يعصفوا"

انتقد مؤسس "حزب الله" اللبناني وأمينه العام الأسبق، الشيخ صبحي الطفيلي، خطاب الأمين العام الحالي للحزب "حسن نصر الله"، الذي هاجم في أحد خطاباته "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد "الحوثيين" في اليمن، مستغرباً انتقاد "نصر الله" للتدخل باليمن في الوقت الذي تشارك قواته في الحرب السورية.

وأشار الطفيلي في مقابلة أجراها مع وكالة "الأناضول" إلى أن "نصر الله" ينتقد "عاصفة الحزم" وهو الذي يمارس ما ينتقده في سورية، وقال متوجهاً له: "أنت حزمت قبل أن يحزموا، وأنت عصفت قبل أن يعصفوا، والكلام الذي وجهته نحوهم سهامه تصيبك".

وكشف الطفيلي أن "التململ بدأ يظهر في قاعدة حزب الله الذي لا يمكنه أن يتحمل الأعباء الكبيرة والهائلة في سورية"، مشيراً إلى أن الحزب "يحاول أن يخفف من مشاركة شبابه اللبنانيين في هذه الحرب، من خلال تجنيد شباب آخرين".

وفي حديثه عن سياسة "حزب الله" في تعبئة قواته، أوضح الطفيلي أن الحزب بات يتخذ مما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" ذريعة للاستمرار في حشد قاعدته الشعبية.

أما  المرجع الشيعي السيد "علي الأمين" في حواره مع صحيفة الوطن اللبنانية بتاريخ 2014-02-26 قال: حزب الله بتدخله في سوريا يمضي في طريق الانتحار ولن يحصد سوى المزيد من سوء السمعة في الداخل اللبناني والعالمين العربي والإسلامي، والمزيد من الخسائر التي تنعكس على كل لبنان بانتقال الأحداث السورية إلى أرضنا!

ودعا (حزب الله) إلى الانسحاب العاجل من سورية قائلاً: بأنه باستمرار تدخله في القتال هناك يمضي على طريق الانتحار لنفسه وشعبه ووطنه!

مشيراً إلى أن حزب الله لا يمثّل الرؤية الدينية والسياسية للطائفة الشيعية، ولا يصح اختزال الطوائف بأحزاب ! فكل حزب يمثّل نفسه.

وفي سياق متصل يعبر رئيس تحرير صحيفة البلد اللبنانية "علي الأمين" - في كتاب هل الثورة السورية محرقة حزب الله ؟ الصادر عن مركز امية - قائلاً : إزاء هذا المشهد تتنامى فرص غرق "حزب الله" في الرمال السورية.

 وينقل مراسلون من داخل سورية ومن حلب، وريفها تحديداً، أن خطاب العداء موجه ضد الشيعة عموماً وليس "حزب الله" فحسب، وهذا بات حقيقة لا يستطيع المرء أن يتجاوز آثارها المرتقبة.

 وأضاف "الأمين" أن هذا الواقع نما وكبر وترسخ بقوة التحالف بين النظام السوري وإيران في مواجهة الثورة السورية، وبحجم القتل والدمار الذي يعتقد السوريون في تلك المناطق أنه ما كان ليقع لولا غطاء ودعم إيران و"حزب الله".

مؤكداً أن السوريين اليوم لا يميزون بين نظام الأسد وعصبته العلوية من جهة وبين الشيعة عموماً فهم مقتنعون بأن حياة النظام قائم على (شريان شيعي) يمتد من حزب الله، وإيران، والعراق.

والجدير بالذكر أيضاً، أنه نظم عشرات اللبنانيين الشيعة، وقفة احتجاجية، ضد تدخل حزب الله اللبناني في الحرب السورية، معتبرين أن ذلك يشكل “خطراً” على الطائفة الشيعية ولبنان على حد سواء.

وأعرب المعتصمون عن ألمهم لـ”تحريض بعض المواقع والقيادات اللبنانية لزيادة الخوض في الحرب السورية”. وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة القدس العربي  بتاريخ 18/6/ 2015.

ويستمر تدفق التوابيت الحاملة جثامين عناصر حزب الله من سوريا إلى لبنان

يتنامى تورّط "حزب الله" في سوريا و يستمر عناصر الحزب القادمون من لبنان والحاملون أكفانهم على عقولهم في قتل الشعب

السوري وتحدّي إرادته في الحياة والحرية، وتزداد أيضاً فاتورة قتلى الحزب، ولا توجد مؤشرات على أنه يخطط لخفض "التزامه" تجاه نظام الأسد في المدى القريب.

و رأى  كثيرون إلى هذا الدعم على أنه اصطفاف طائفي أعمى إلى جانب نظام علوي بغض النظر عن شرعيته في الحكم. كما أثار حفيظة السواد الأعظم من الشعوب العربية ازدواجية حسن نصر الله في مواقفه حيال ثورات الربيع العربي، فمن ناحية كان يدعم الحراك (الشيعي) في البحرين ضد حكومتها بينما بادر العداء لكل من رفض النظام في سورية بما في ذلك النشطاء السلميين.

 وحسب آراء كثير من الخبراء، فإن "الثورة السورية" عرّت "حزب الله" تماماً ونزعت عنه أية ورقة  توت كانت قد تبقت، وأفقده التدخل لدعم النظام واجتياح القرى السورية وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل شرعيته على المستوى الإسلامي كما فقد الحزب وزعيمه أي نوع من أنواع الحد الأدنى من المصداقية لدى الشعوب.

كما أن الطريقة التي أدار فيها حزب الله مواقفه كانت بمثابة وصفة ناجعة لهدر عقود من التربع في قلوب الملايين.