فتنة احتكار الإيمان والإخلاص
احتكار الإخلاص لدين الله..وادعاء التفرد بالفهم الحق لشرعة الله..آفة قديمة وفتنة مبكرة هوجاء..واجهت مسيرة الإسلام ولم تنجو منها حتى العهود الراشدة..وقد وئدت هذه الفتنة في أزمنتها..إلا أن قرنَها يذرُ من حين إلى آخر..وها نحن اليوم نواجه هذه الفتنة المدمرة من جديد..خرج من بين أظهرنا نفر يحتكرون الإيمان والإخلاص لله..ويدعون لأنفسهم التفرد بالفهم الحق لقيم الإسلام دون غيرهم من المسلمين..يكفِّرون ويفسِّقون ويضلِّلون من يخالفهم ويسير على غير نهجهم..يصفون الأمة ودولها بالجهل والجاهلية والكفر..وينعون موت دولة الإسلام فلا وجود لها بزعمهم..وويصرون أنهم الفئة الناجية والطائفة القائمة على الحق..وأنهم المعنيون بإعادة قيام دولة الإسلام وتحكيم سياسته الراشدة..وأنهم المؤهلون الوحيدون ديانة وفقهاً وتضحية وإخلاصاً لهذه المهمة الجليلة المقدسة..وأنهم الأجدر والأكفأ والأمناء دون سواهم من المسلمين على تحقيقها..فهم من يجسد الإسلام قوة في الإيمان..وصفاءً بالاعتقاد والتوحيد الخالص..وهم الذين يمثلون الإسلام حضراً..رسوخاً في العلم والفهم والفقه والإتباع..وإخلاصاً في التضحية.. وصدقاً في الولاء والبراء..فمن يخافهم يخالف الله ورسوله..ومن يعارض رأيهم يناقض الإسلام وقيمه..ومن يخرج على نهجهم يخرج على نهج القرآن والسنة الصحيحة..ومن يخاصمهم يخاصم الإسلام..ومن يؤذيهم يؤذي الله ورسوله ويناقض ويجافي تعاليم الإسلام..ومن يرفض تطلعاتهم السياسية ونهجهم الحزبي والفئوي في احتكار الحكم..يرفض حكم الله وتطبيق شرعة الإسلام..ومن ينكر عليهم انحيازهم لخصوصياتهم الحزبية فهو محاربٌ لله ورسوله..لا يكرههم إلا كاره لله ورسوله..ولا يخاصمهم إلا مخاصم لله ودينه وشرعته وخائن ومتآمرعلى الأمة..هم الإسلام والإسلام هم..هم الطائفة الناجية الماضية في الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك..عجباً لهؤلاء لقوم..!؟ أنسي هؤلاء ..؟قول الله تعالى:"فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى"أم نسوا قول الإمام مالك يرحمه الله:"كلٌ يُؤخذُ منْ كلامِه ويُردُ إلا صاحبُ هذا القبرِ عَليهِ الصلاةُ والسلامُ"أولم يدبروا قول الله تعالى:"اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ"وقوله تعالى:"وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ"وقوله تعالى:"وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ"أولم يتأمل هؤلاء قول الله تعالى:"وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"نسأل الله تعالى ألا نُفتن في ديننا فنتبع الهوى..وَألا نَضِلَ فنُضِل والعياذ بالله.
وسوم: العدد 626