الإسلام والغرب

د. إبراهيم حسن حسين

منذ عامين طرح المفكر روجيه جارودي المتنقل بين اتجاهات عصر الأيديولوجيات مشروعه " حوار الحضارات " داعياً إلى تأسيس أرضية للتفاهم بين شعوب الأرض ، وكان مشروعه يتسم بسمة أساسية هي نقد الهيمنة الغربية على عالم اليوم ، واعتبر الغرب عرضاً ألمّ بمسيرة البشرية وبشّر بزواله .

وقد روج الغرب لتصورات تؤكد حق الغرب بالوصاية على بقية الشعوب ، ثم جاءت نظرية نهاية التاريخ التي أطلقها " فوكوياما " ، تلك النظرية التي انتشرت سريعاً ثم تهاوت سريعاً .

وفي صيف عام 1993 نشر الأمريكي " صموئيل هنتجتون " مقالاً في صحيفة foreign affairs بعنوان " صراع الحضارات " محاولاً قراءة مستقبل العالم من خلال صراع بين الحضارة الإسلامية والغربية والكونفوشيوسية ، وقد أثار ذلك جدلاً كبيراً في العالم ، وقد جعلوا من الإسلام عدواً خوفاً من اجتياحه العالم بقيمه السمحة وعدالته التي شهد لها العالم ، فقد ضم الإسلام تحت لوائه جنسيات وعرقيات كثيرة عرفت فيه السماحة والعدل والحب ، فانتشر نوره في كل مكان ، حاملاً الخير للعالم أجمع ، والإسلام دين سماوي لا يمكن أن نقارنه بحضارة بشرية صنعها الإنسان ، فلا يحق أن نتحدث عما يسمى صراع الحضارات ونضع الحضارة الإسلامية في ميزان مع الحضارة الغربية أو غيرها ، فقد كانت قوة الإسلام في توحيده العظيم ، لذلك فهو يشكل حالة أرق مزمنة للغرب ، بل إن الذهنية الغربية تربط سلامة مجتمعاتها وشعوبها ودولها وقيمها ببقاء الإسلام أسيراً لحالة التبعية والضعف والانكسار ، وهذه الفكرة يغذيها تاريخ طويل من الصراعات المتبادلة يمتد أربعة عشر قرناً .

لذلك فإن الصعود الإسلامي في العالم يستند إلى عالمية الإسلام التي كان القرآن أساسها ، فقد اختار الله سبحانه وتعالى من بين كل اللغات والألسنة اللغة العربية لتكون الوعاء الأمين الذي يحمل الحقيقة الإلهية الكونية القرآنية إلى الإنسانية كلها .

فقد جاء القرآن الكريم بحكم الاندماج العضوي بين حقيقته الإلهية ، وصفته العربية قرآناً " غير ذي عوج " بل " قرآناً عربياً غير ذي عوج " بحيث جاءت صفته العربية وكأنها طبيعة ثانية له بعد طبيعته الإلهية المطلقة ، وأصبح وصفه بالكمال " غير ذي عوج " مقترناً بوصفه العربي .. أرأيت أعظم من ذلك ؟.

وسوم: العدد 626