مجتزأة من مذكراتي لعام 1980

مجتزأة من مذكراتي لعام 1980 :

ثم توتر الجو في حلب فجأة وانتقل التمرد الى النقابات العلمية وخاصة بعد ان اكتسحت المعارضة قيادات النقابات بشكل كامل .

ودخلت نقابة المهندسين بحلب بإضراب شامل بعد ان قدمت مطاليبها لرأس النظام..دون اي تجاوب كالعادة.

اجتمع المهندسون المضربون امام نقابة المهندسين في موقعها الحالي على طريق المحافظة امام مدرسة الفرنسيسكان وعلى بعد خمس دقائق من مبنى مخابرات امن الدولة في منطقة المحافظة .

الاضراب كان شاملا وتجرأ لأول مرة المهندسون العاملون في دوائر الدولة إضافة لاصحاب المكاتب بالخروج متحدين النظام. فكان للإضراب ضجة كبيره تناقلته بعض وسائل الإعلام الأجنبية .

وفي غمرة تجمعنا أمام النقابة مرت في الشارع امامنا سيارة مسرعة القى احد ركابها شيئا في يده الى داخل حديقة النقابة وماهي الا لحظات حتى انفجرت وتأكدنا انها قنبلة كانت صوتية الغاية ارعابنا وفرط الاضراب والحمد لله لم يصب احد بأذى.

وواصلنا الإضراب.

ولكن ماهي الا لحظات حتى تجمعت عدة سيارات للمخابرات امام النقابة ودخلت لمقابلة رئيس فرع النقابة الدكتور خير الدين حقي. وحاولوا في الاجتماع ان يقنعونا ان اعداء النظام واعداءنا كانوا وراء رمي القنبلة وانه جاري ملاحقتهم ولن يسمحوا بالاعتداء علينا ولكن علينا انهاء الإضراب حتى لا تيستغله اعداء سوريا واسرائيل على حد تعبيرهم .

 نفس الاكاذيب ونفس الإسلوب منذ ان تسلطوا على رقاب البشر ..فكاد ان ينشب عراكا بالأيدي معهم في غرفة رئيس فرع النقابة ونحن نصرخ في وجوههم ايها الكاذبون لم تتعودوا ان تصدقوا لمرة واحدة مع الشعب. إلى هذه الدرجة تستهبلوننا؟ ونحن نوجه اصابع الإتهام لهم ونضع اصابعنا في عيونهم..

وفي النهاية طلبوا من نشطائنا ان يتوجهوا معهم الى مبنى أمن الدولة القريب منا للتكلم مع مدير مخابرات امن الدولة.

وصل الوفد الى غرفة مدير المخابرات .وكانت مفاجأة اخرى بإنتظارنا هي تهريج من نوع اخر .

السيد الشيخ العلامة رئيس مخابرات أمن الدولة ( مادد ) سجادة صلاة أمامه وهو يصلي بخشوع .انهى الصﻻة ثم اتبعها بتمتمة قيل لنا انه دعاء ثم لملم سجادته وانتظر من الوفد ان يبادره بعد تمثيليته بجملة تقول له : حرما... تقبل الله يا سيادة العقيد ولكن لم ينطقها احد. وانتهت الزيارة بوعود برفع مطالب المهندسين لرئيس الجمهورية.

أعزائي القراء..

ومن يومها...

 وانا انتظر نتيجة مطاليبنا من السيد الرئيس والتي هي نفس مطالب رجالنا ونسائنا واطفالنا اليوم. وحتى الان لم يصلنا الرد..

ومن يومها ايضا..

 وانا افكر بسجادة الصلاة الأنيقة والتي ادى عليها رئيس المخابرات صلاة الخداع والنفاق والكذب.

وانا اقول لنفسي.

كم يستصغر هؤلاء عقولنا ومشاعرنا.

 وكيف تم بكل إذدراء رفض المطالب التي رفعناها للاسد الاب واكثر من ذلك ، كيف تم الغاء اللقاء معه واستبداله بطريقة مهينة باجتماع الاسد في نفس التاريخ باليوم والساعة بفرقة كركلا اللبنانية الراقصة

وانا استرجع معكم اليوم جرائم النظام والتي لم تنقطع يوما لا انسى ان اترحم على خمسمائة مهندس من خيرة مهندسينا إما غيبوا في متاهات السجون او اعدموا وانقطعت اخبارهم.

واترحم اليوم على نصف مليون انسان من خيرة ابناء سوريا قتلهم المجرم الاسد الثاني لانهم طالبوا بحريتهم كما طالبنا بها بالامس ولكن لم ننلها.

واليوم بإذن الله سينالها شعبنا..فطريق التردد انتهى من حياتنا منذ اربع اعوام وامامنا طريق واحد لا ثاني له. 

هو طريق الانتصار.

اتحدوا...تنتصروا..

وسوم: العدد 626