فرعون الأصل والنسخ المقلّدة
أيها الأخوة إنني أكتب لا لاعتقادي أن الكتابة والمؤلفات والخطب والمحاضرات كافية لحفظ الحقوق أو إعادة المسلوب منها أو إرجاع المياه إلى مجاريها أو ردع الخونة والطغاة والزنادقة وجميع أعداء الأمة مهما اختلفت اسماؤهم ومهما كانت الشعارات البراقة وغير البراقة التي يستخفون خلفها وإنني أعتقد أن هؤلاء أسوأ من الفراعنة على الرغم من تاريخ الفراعنة الشائه القذر.
إن تاريخ الفراعنة مظلم كما أنه أحمر مصبوغ بدماء المظلومين وماتلك الاهرامات التي يتفاخربها(الفرعونيون)من ابناء مصر الجريحة الا اعلان صارخ يفضح الظلم الذي يسخر آلاف الناس لبناء صرح يخلد الطاغية او يكون مدفناً له ولأسرته ويموت في هذا العمل الخطيرآلاف العمال ولا يبقى من العاملين في هذه الشواهق على قيدالحياة الا من نجاه الله تعالى وأراد له البقاء.
ومع أن هذه الأهرامات ليست هي الرذيله الوحيدة للفراعنة بل ما أإكثر رذائلهم ومخازيهم فلقد كان فرعون موسى اكثر اتزاناً وديمقراطية من النسخ الفرعونية المشوهه التي تحكم مصر وغيرها في هذه العصور.
لقد قال فرعون موسى لمن حوله الا تستمعون وقال لسيدنا موسى فأت بآية ان كنت من الصادقين وبما أن حماقته دفعته إلى ادعاء الربوبية فقد استنكر أن يدعوه موسى عليه السلام إلى عبادة الله تعالى فقال مستغرباًأو متجاهلاًومارب العالمين.
والمطلع من خلال القرآن الكريم على ماحدث بين نبي الله موسى عليه السلام وعدو الله فرعون يرى حواراً ومناظرة وإرجاءً لموسى وأخيه من غير سجن ولاحكم بالاعدام بل ثمة قبول بالتحدي والمواجهه.
وبما أن القوم قد زعموأن موسى عليه السلام ساحر فقد جمعو السحرة ليوم معلوم وكان السحرة اكثر ادباً من قضاة مصر فقالو لسيدنا موسى إما أن تلقي واما ان نكون نحن الملقين.
اذن ان النسخة الاصلية من فرعون كانت اكثر تأنياًمن النسخ المشوهة التي تعتمد التقليد من غير ان تتقنه .وقد آن أوان الحديث عن نقطتين في غاية الأهمية:
النقطة الأولى :من المعروف عند العقلاء جميعاً أنه إذا اختلف اثنان أو جماعتان فإن الحكم بينهما يجب أن يكون غيرهما.أما أن يفرض أحد الطرفين نفسه حاكماًوحكماًوهو في الوقت نفسه عدو وخصم فهذا خلل مبدئي يسقط كل حكم سوف يصدر وما أروع قول المتنبي في هذا :فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.
إن مايجري في مصر ليس مجرد خلاف بين فئتين بل هو عداوة مستحكمة في فئة الانقلابيين للإسلام وحملته واتباعه ومن المعروف أنه كان وراء انقلابهم جهات كثيرة كلها تعادي الاسلام عداوة لا هوادة فيها وبعد هذا كله فإن الانقلابيين يحاكمون خصومهم محاكمات ليس لها في التاريخ مثيل ولئن كان الانقلابيون يظنون أن أحداً من العقلاء منخدع بالقضاء المصري فهم لاشك حمقى إن لم نقل اكثر من هذا .
النقطة الثانية:هي أن الانقلابيين يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم ظالمون وأنهم في الباطل موغلون لذا فقد سخرو الاعلام المشترى ووظفوه لشيطنة خصومهم ظناً منهم أن هذا سيخدع الناس ويجعلهم يؤمنون بالباطل ويصفقون له ومادرى الطغاة أن الناس شبوا عن الطوق وأن الفبركات لم تعد تنطلي عليهم. هل من الانصاف ان ترى مئات الفضائيات المأجورة الموتورة تنبح ليلاً نهاراً بأكاذيب يستحي منها الأطفال بينما ليس لخصوم الطغاة وعلى رأسهم الاسلاميون فضائية واحدة تبين رأيهم وتكشف أكاذيب فضائيات النسخ الفرعونية الشائهة ,واياك أن تعد تلك الفضائيات التي يظهر فيها الملتحون والمعممون المأجورون فضائيات للاسلاميين من أهل الحق بل هي فضائيات تنفث سموماً فتاكة هي أشد خطراً على الاسلام وأهله من فضائيات الزنادقة والعلمانيين .
في دول الغرب التي يراها العلمانيون والليبراليون قبلتهم تقوم الدنيا ولاتقعد إذا استخدم الرئيس وسائل الاعلام الرسمية لخدمة نفسه أو حزبه وربما أدى هذا إلى اسقاطه .وفي مواسم الانتخابات يجب أن يكون حظ الجميع من وسائل الاعلام الرسمية متساوياً.أما في حكم النسخ القميئة من الفرعون فإن الاعلام الرسمي وغير الرسمي لا ينطق إلا بتعظيم الحاكم المتسلط وليس لغير المتأله في الإعلام نصيب .
أما أهل الحق فإن اقصى أمانيهم ألايقتلو في الشوارع وفي السجون بالآلاف.ولو أن الفرعون الشائه كان واثقاً من نفسه لمنح خصومه حق ترخيص الفضائيات وأتاح لهم الظهور لتقابل الحجة بالحجة لكن المخزي أن الفراعنة الأقزام لا يعرفون إلا لغة الرصاص,وبينهم وبين العقل والمنطق كما بين المشرق والمغرب . ولقد أحسن من قال:
وإذا ما خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا
ما أحقر صورة الجبان الذي يقف في برية يتحدى العالمين وهذه حال الطغاة الظالمين المستبدين..هم الخصم والحكم وسلام على الحق والعدل...والمذياع والاعلام المطبل المزمر لهم وحدهم ولغيرهم تكميم الافواه او غياهب السجون..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين..
أحمد الجمال الحموي
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقاً
عضو مؤسس في رابطة ادباء الشام
عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
وسوم: العدد 627