حَقِيقةُ الأُستاذيَّة
أمس (1/7/2012م)، دعتني إلى نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، رابطة الإصلاح بكلية دار العلوم، وفاجأتني باحتفال كريم المحبة والحفاوة والأنس والطعام والشراب، ابتهاجاً بحصولي على الأستاذية، في حضور شعب من شيوخ الكلية وكهولها وشبابها. وإذا المناسبة مناسبتان ممتزجتان: رئاسة الدكتور مرسي – نصره الله! – وأستاذية كاتب هذه السطور، عفا الله عنه، وعافاه! ودعيت إلى ارتجال كلمة في المقام.
عجبت في الكلمة من حرص هؤلاء الشباب على تكريمي وأنا المقصر عن حقهم دائماً! لا ريب في أن لتعلقهم بي سراً يستحق البحث عنه! أذكر أننا تجالسنا أنا وبعضهم في أوائل وقفات ميدان التحرير، وأنني أشرت عليهم برأي بدا لهم فيما بعد صوابه، وأنهم في أوائل عمل الجامعة بعد ذلك استدركوا وقفات التحرير بوقفات الجامعة، وأنهم فوضوني في مطالب التغيير، حتى استغرب موقفي ذاك بعض أساتذتي، فلما ذكرتُ له التفويض حذرني على مسامع المحتشدين عند إدارة جامعة القاهرة. إنت مش عايز تترقى والا إيه! وقد كنت تقدمت في 9/1/2011م، للترقي إلى درجة أستاذ، ووزعت الأعمال، فاشتعلت مصر، وتعثرت ترقيتي سنة على رغم كفاية الأعمال!
لقد تأخرت ست سنوات – فرسالتي للدكتوراه في 1996م – وما تأخرت عن كسل ولا إهمال، فلم أكف يوماً عن طلب العلم، بل لا أبالي إلا به ولا أعبأ إلا بطلابة، حتى أكرر دائماً على تلامذتي أن منافسي الحق إنما هو الموهوب منهم، فإذا كانت بيني وبينه خمس وعشرون سنة أو ثلاثون، انتظرت أن ترجح كفته، إلا أن أصابره على طلب العلم. ولو كانت بيدي الآن شهادة الأستاذية لوضعتها تحت قدمي رفعاً لمقام طلب العلم على مقام طلب الوظيفة!
ثم كانت انتخابات الكلية وأيّدنا فيها مرشحاً على مرشح، وتعهدنا بمعاونة من يفوز، وفاز الدكتور محمد صالح توفيق، وأنشأنا رابطة الإصلاح لحشد جهود أهل كلية دار العلوم جميعاً لمعاونته على إدارة الكلية والتقدم بها، وقد انتخبني أعضاء الرابطة في غيابي من غير استشارتي رئيساً لها، ولا أنكر أن انقطاعي لطب العلم أكسلني عن شأو الرابطة، ومنعني من خير كثير؛ فلا أدري كيف أشكر هؤلاء الشباب! ولقد ذكرت من قبل وأذكر دائماً ميلي إليهم، وحرصي عليهم، وتقديمي للواحد منهم على المئة من غيرهم! شكر الله لهم وبارك فيهم، وأحسن إليهم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
ولقد تأفف أولاً لوضعي من درجة الأستاذية أستاذنا الدكتور محمود الربيعي، ثم هنأني أخيراً تهنئة طيبة! فأما أستاذنا الدكتور محمد فتوح أحمد فاستنكر ذلك، ثم أقبل أخيراً يهنئني قائلاً: الآن صادفت الأستاذية الجدير بها، وأُعطيت القوسُ باريها! ولم يكن يجوز لك أن تَحُطَّ من شأنها؛ بل ينبغي أن تستبشر إذا نالها من يستحقها، ولا عليك أن ينالها من لا يستحقها!
وسوم: العدد 629