بصراحة.. هل هناك مؤسسات في سورية لا يريد المجتمع الدولي لها أن تسقط؟
صك المجتمع الدولي آذاننا بما يقول إنه يخشى إن سقط نظام الأسد أن تسقط مؤسسات الدولة السورية، وعلى ماذا يبني هذا المجتمع الدولي اعتقاده أن في سورية مؤسسات وقوانين وأنظمة قبل الثورة وبعدها حتى يغض الطرف عن الإجرام والوحشية التي مارسها ويمارسها النظام السوري بحق الشعب السوري على مدار أربع سنوات من القتل الممنهج والتخريب والتدمير المتعمد.
هذا المجتمع الدولي الذي تجرد من القيم الإنسانية والأخلاقية ينظر إلى ما يجري في سورية بعين مصابة بعمى سريري ولسان حاله يقول: "قتل كلب في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر".
هذا المجتمع الدولي المنافق الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا ما قتل رهينة غربية بيد عصابة إرهابية مجرمة، في حين يبارك للأسد قتل شعبه بكل وسائل القتل المحرمة وغير المحرمة لأكثر من أربع سنوات، تفوق بجرائمه وأساليب قتله على نيرون وهولاكو وموسوليني وهتلر مجتمعين، بكل ما اتصف به هؤلاء من وحشية وسادية.
لم يكن المجتمع الدولي مبالياً في يوم من الأيام بحالة سورية الفريدة من نوعها بين كل دول العالم، فلو عدنا بذاكرتنا إلى ما قبل نصف قرن وشخّصنا الحالة السورية وما كانت عليه لوجدنا أنفسنا أمام دولة أمنية لا وجود للمؤسسات على أرضها، وكلنا يعلم أن أهم مؤسسات الدولة ثلاث هي: السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، وكل هذه السلطات كانت تصنعها أجهزة الأمن وتديرها، أما المؤسسة العسكرية فكانت مهمتها حماية النظام وليس حماية الدولة، بدليل أن هذه المؤسسة كانت تتصدى بكل وحشية لقمع الشعب السوري عند توجسها من أي تحرك قد يهدد النظام، في حين كانت تغض الطرف عن أي عدوان خارجي يريد البلاد أو الإضرار بها، حيث كانت الأجواء السورية مسرح للطيران الصهيوني يضرب في المكان والزمان الذي يريد، وكانت هذه المؤسسة في كل مرة تعلن أنها تحتفظ لنفسها بحق الرد على العدوان في الزمان والمكان الذي تحدده، ولم نسمع يوماً أنها ردت على أي نوع من هذه الاعتداءات.
المجتمع الدولي المنافق يغمض عينيه عن كل الذي فعله ويفعله النظام بسورية بحق مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية وقد دمر أكثر من 70% منها وسوى بها الأرض، فمدينة حلب العاصمة التجارية لسورية وثاني مدنها باتت تنعق في أرجائها الغربان بعد تدمير الأسد لكل ما يمت للحياة بصلة فيها، وكذلك فعل في مدينة حمص وداريا والزبداني ودوما وجوبر ودرعا والقصير ومنبج والباب والحسكة وادلب، وعشرات البلدات والقرى في أرياف تلك المدن، شعاره في كل ذلك من اليوم الأول الذي نادى به الشعب السوري برحيل الأسد "الأسد أو نحرق البلد".
شعار: "الأسد أو نحرق البلد" شعار صريح ما فيه لبس أو غموض، صادر عن نظام حكم ترعاه الدول المارقة ومحاور الشر المنتشرة في قارات آسيا وأوروبا وأمريكا، التي تذرف الدمع خوفاً على مؤسسات الدولة أن تسقط إذا سقط الأسد، ولا تذرف الدمع على مئات الآلاف من القتلى ولا على شلالات الدم المتفجرة من أجساد مئات الآلاف من الجرحى، ولا على الملايين من المهجرين في أصقاع الأرض ولا على الملايين النازحين من بيوتهم وبلدانهم داخل سورية.
وسوم: العدد 629