المرتزقة.. الحرب الايرانية القذرة ضد الثورة

clip_image002_757ca.jpg

المرتزق هو أي شخص يجرى تجنيده خصيصا  ــــ محليا أو في الخارج ــــ  ليقاتل في نزاع مسلح أو يشارك فعلا ومباشرة في الأعمال العدائية, هكذا ورد تعريف المرتزقة في الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف الموقعة عام 1949، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، وهي أول اتفاقية دولية تتناول بالتحديد موضوع المرتزقة.

واعتمدت الأمم المتحدة في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 1989 الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، وجرمت كل مرتزق وكل من يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل المرتزقة, كما حظرت على الدول تجنيدهم واستخدامهم، إذ لا يتمتع المرتزق بوضع المقاتل أو أسير الحرب.

ورغم قدم الظاهرة تاريخيا إلا أنها برزت على السطح بشكل ملحوظ أثناء الاحتلال الامريكي للعراق، حيث تعمل فيه نحو 60 شركة أمنية تعتمد كليا على المرتزقة، ولعل شركة بلاك ووتر واحدة من بين أشهر هذه الشركات ، ويتقاضى أفرادها –الذين يتمتعون بالحصانة- رواتب عالية.

ويقدر الباحث باسل يوسف النيرب في كتابه “المرتزقة جيوش الظل” (2008) عدد منظمات الارتزاق في العالم يزيد على 300 ألف منظمة.(1) ،

عقب قيام الثورة السورية  عام 2011، باشهر معدودات  كاد رصيد ديكتاتورية عائلة الأسد ينفذ من المقاتلين، لذا اتجهت إلى الاعتماد بشكل متزايد على المرتزقة (2)، قالنظام  كان  يواجه منذ  بداية الحراك الشعبي  خصماً عنيدا لا يمكنه هزيمته وهو النسيج المتماسك للثورة  . ولدرء المخاطر المحدقة بإنهيار أعمدة البيت العلوي ،وانهيار القوات الحكومية عبر المراحل التالية :

المرحلة الاولى :  شهدت انضمام وحدات متمرسة من ميليشيا حزب الله للقتال إلى جانب الأسد منذ عام 2012، تبعهم بعد ذلك الإيرانيون ومليشيا الاحزاب الطائفية في العراق ، وباشراف جهاز إطلاعات جرى إلحاق وحدات مرتزقة من والباكستانيين وحوثيي اليمن  – أي الشيعة من كافة الأصقاع ممن يعتمد عليهم النظام باطراد، بيد أن تأخر النصر يصعّب على حلفاء الأسد تبرير الأعداد المزايدة من القتلى ـ

المرحلة الثانية : نجحت كتائب الثوّار السوريّين خلال الربع الأوّل من عام 2013 في تحقيق انتصاراتٍ عسكرية مهمّة من أبرزها تحرير مدينة الرقّة، وإفشال الحملة العسكريّة على حمص القديمة، ووصولهم إلى تخوم العاصمة دمشق (حي جوبر). ونتيجة لتأكّل سيطرة النظام العسكرية، ساد انطباعٌ عامّ بإمكانية اختلال توازن القوى عسكريًّا ورجحانه لمصلحة الثورة. لكن الانطباع السابق سرعان ما تبدّد؛ فقد بدأ النظام السوريّ منذ مطلع نيسان / أبريل 2013 حملةً عسكريّة مضادّة في عموم مناطق سورية، لكنّه حصر أولويّاته العسكرية مرحليًّا في ثلاث معارك، هي(3)

1 ـ معركة الغوطتين: نجح النظام في تحقيق اختراقاتٍ عسكريّة على جبهة الغوطة الغربيّة (داريا والمعضمية)، وأحكمَ السيطرة على طريق المطار.

2 ـــ  معركة معرّة النعمان: استطاع النظام في 14 نيسان/ أبريل 2013، فكّ الحصار جزئيًّا عن معسكرَي وادي الضيف والحامدية. كما حاول فتْح طريق دمشق – حلب الدولي من دون أن يحقّق هدفه. وفي أواخر نيسان/ أبريل 2013، أجبرت كتائب الثوّار قوّاتِ النظام على الانسحاب من قرى بابولين، والتح، وتحتايا باتّجاه مدينة خان شيخون، نقطة التمركز الرئيسة لقوّات النظام في ريف إدلب الجنوبي.

3 ـ معركة القصير: بدأت في الأسبوع الأوّل من شهر نيسان/ أبريل 2013،  كانت القصير امتدادا للمرحلة التي سبقتها ففي عام 2013  وبالرغم  من السيطرة النسبية على المدينة ، فإن حزب الله خسر مائة وثلاثين مقاتلاً  لاحكام قبضته  على القصير وخسر أكثر من ذلك بكثير في محاولته التمسك بالمدينة التي خاض أبناؤها أشرس معارك الثورة  ، حتى أن حسن نصر الله زور الوقائع بادعاء أن قتلى حزبه قضوا في “حادث مروري”  طبقا  لشهادات الوفاة التي أصدرها لمقاتليه الذين لقوا مصرعهم في سوريا. ورغم  ذلك  ادعى حسن تصر الله بأن حزبه خرج من معركة القصير منتصرا ـ

المرحلة الثالثة :  لحسم الموقف الميداني  لصالح  القصر العلوي ، استنفرت  إيران في هذه المرحلة  كل قواها بمايشبه النفير العام  والتعبئة العامة ، للقضاء على الثورة ،  فصرح حسن نصر الله ؛ أن خمسين الف مقاتل من حزبه متأهبون لدخول الشام، فيما توالى  بالتزامن تدفق مليشيات العصائب وبدر من العراق ، وبادر فيلق القدس بزج  عدد كبير من مقاتليه ، وتم في ذات الوقت  تجنيد  عناصر من ( الافغان وباكستان). وكذلك السجناء الجناة المودعين في المعتقلات؛ وقد خاض مرتزقة  الجمع لطائفي الحرب على جبهة  مدينة حلب ومحاور المناطق المحيطة بحماة ودمشق ودرعا ـ وقد  أسقطت  فصائل  الثورة  قرابة سبعمائة  قتيلا قضوا في حلب ودرعا فقط، (4)

وتعزيزا لقوة الدفاع عن النظام تحرك جهاز اطلاعات الايراني عبر علاقته الاستخبارية مع الجهاز الروسي  ، واتفق الطرفان  على ارسال 400 مرتزق على اربع وجبات متتالية  بذريعة خبراء ، وبتاريخ  السابع عشر من تشرين ثان / نوفمبر 2013 وطبقا  لموقع ” فونتانكا”، ومقره مدينة سانت بطرسبورج الروسية، الذي  كشف عن الفضيحة ؛ فقد ذكر مشاركة  فرقة من المرتزقة الروس، تحمل اسم “الفرقة السلافية”، في القتال  إلى جانب قوات النظام، مقابل خمسة آلاف دولار شهريا ، وحسب الموقع الروسي نفسه ؛ أجرى الراغبون بالانضمام إلى “الفرقة السلافية” مقابلات مع عقيد سابق في المخابرات الروسية. تم على أثرها  تجنيد عدد من العسكريين المتقاعدين ذوي الخبرة ممن  سبق لهم أن قاتلوا في شمال القوقاز وطاجكستان، للذهاب إلى  سوريا لقتال الثوار .

وسافرت المجموعة الأولى من “الفرقة السلافية” إلى بيروت، وبتنسيق مع مليشيا حزب الله جرى تأمين وصولها برا إلى دمشق ، ثم تم نقلها بالطائرة إلى قاعدة اللاذقية العسكرية التي تقع بين طرطوس واللاذقية.

وقد روى بعض المرتزقة جانبا من معاركهم في سوريا، حيث تم إرسالهم لدعم قوات النظام وصد هجوم للثوار في السخنة قرب حمص، لكن “الفرقة السلافية” فشلت في دحر كتائب المعارضة وانسحبت من موقع الاشتباكات. وفي هذا السياق، اعتبر الجنود المرتزقة أنهم كانوا محظوظين وأنقذتهم عاصفة رملية غطت على عملية انسحابهم  (5).

وقد أعلنت المعارضة السورية عن مقتل المرتزق الروسي الكسي ماليوتي خلال معارك في ضواحي حمص ـ  كما وثقت الفضيحة هيئة الأمن الفيدرالية الروسية، وقد أعلن النائب الأول لمدير الهيئة سيرغي سميرنوف، عقب اجتماع للهيئة الاقليمية لمكافحة الإرهاب في منظمة شنغهاي للتعاون، إن المقاتلين المرتزقة سيمثلون “خطرا كبيراً” على الأمن الروسي لدى عودتهم للبلاد،  فيما ذكر رئيس هيئة الأمن الفيدرالية، ألكسندر بوتنيكوف، بأن عدد “المرتزقة قرابة 200 من روسيا وأوروبا وآسيا الوسطى، من يشاركون في الحرب الأهلية الدامية التي بدأت كانتفاضة شعبية تطالب بتنحي الأسد.(6)

. المرحلة الرابعة : بلغ عدد المرتزقة بداية عام  2014 وفقاً للدراسة التي أجراها مركز “مئير عميت للاستخبارات والمعلومات” (7) الذين يقاتلون لصالح الأسد فيتراوح ما بين 7 إلى 8 آلاف مقاتل.  تمثل  مليشيا حزب الله النسبة  الاعلى  في لائحة المرتزقة  يليها  الاجنحة المسلحة التابعة للاحزاب العراقية الموالية لولاية الفقيه التي تضم ( “لواء أبي الفضل العباس لواء ذي الفقار، لواء كفيل زينب، لواء القوة الحيدرية، لواء عمار بن ياسر، كتائب حزب الله العراق، كتائب سيد الشهداء، لواء الإمام الحسن المجتبى، سرية الشهيد أحمد كيارة، لواء الإمام الحسين، فيلق بدر الجناح العسكري، وآخرها فيلق الوعد الصادق الذي تم تشكيله أواخر 2013 .

د. سيف الدين هاشم

مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع :

(1) مركز دراسات الجزيرة نت ـ من هم المرتزقة ؟ ، 18 /3/2013 وانظر الراوي ـ معجم العقل السياسي الامريكي المعاصر ج3 ص 466 مركز العصر ـ لندن  2015

(2) ــ ديمة الغزي ـ المرتزقة في سوريا (أفغان يقاتلون في حرب الاسد)  ـ  شبكة السوري الجديد  (16/5/2015)

(3) ـــــ  راجع مركز الابحاث ودراسة  السياسات (معركة القصير”: التداعيات والآثار) ـ      (32 /5 /2013)

(4) ـــ الاتحاد الاشتراكي ـ المرتزقة في سوريا: أفغان يقاتلون في حرب الأسد

(5) ـ  عبطان المجالي ـ  مرتزقة روس يقاتلون إلى جانب الأسد مقابل 5000 دولار  ـــ العربية (17/11/2013)  و انظر ؛ شبكة الوكيل الاخباري / رابط

(6) ــــ بوابة الشروق مسؤول: “نحو 400 من المرتزقة الروس يقاتلون في سوريا(4) ـ

(7) ـــ  أنس شربتلي ـ سرايا طليعة الخراساني” تنظيم شيعي جديد يقاتل جانب الأسد ـ أورينت نت ـ   (9/1/2014)

وسوم: العدد 632