شرح نفسي للأزمات الإنسانية " بطريقة رياضية "
" توقف العقل, أو العقل المجرور, هو بداية الانحدار. وهو الجحيم الإنساني "
(صفة + تفكير قطيعي + قوة ) = ( مجازر إنسانية )
- نتيجة سريعة ثم شرح مفصل ..
تبدأ الكراهية كحد أدنى, والقتل كحد أقصى, نتيجة لصفة يطلقها شخص على شخص, أو مجموعة. هذه " الصفة " كفيلة بجعل تلك المجموعة أدنى إنسانياً من المجموعة الأولى, ويجب قتالها وقتلها .
الشرح, ومن البداية.....
تتحدد مشاعرك تجاه شخص ما, أو مجموعة ما, بحسب الصفة المطبقة أو التي تطبق على هذا الشخص... الصفة تعمل على نزع الصفة الإنسانية عن الموصوف, أو إظهار هذه الصفة بشكل جلي... عندما تزيل الصفة الإنسانية عن شخص, فأنت تستطيع أن تسبب الأذى لهذا الشخص دون أدنى تأنيب ضمير .. إعطاء صفة قاتلة أو وحشية لشخص ما.. فيتوجب عليك قتال وقتل ذلك الشخص, دون أن تشعر بتأنيب الضمير, وإنما تشعر براحة نفسية, وكأنك تقدم خدمة للإنسانية والاعتقاد الذي تعتقد به......
مثال
ستلاحظ بنفسك كقارئ, كيف يتغير شعورك تجاه نفس الشخص مع كل صفة جديدة, وتخيل نفسك في موقع قوة, تستطيع أن تفعل بهذا الشخص " الموصوف " ما تريد...
- إنسان..... مندس..... مقاوم .... إرهابي .... ... داعشي ... ثائر ... عميل .. من جماعة كذا ... من طائفة كذا .. كافر .. سلفي ...
مع كل تغير في الشعور الإنساني تجاه كل صفة, تستطيع أن تعتمد على هذا الشعور الجديد في تطبيق القانون الخاص بكَ. إذا كنت في موضع قوة, والطرف الآخر في موضع ضعف .. والعكس صحيح ..
" في الثواني الأولى من مولدك, وقبل أن تحرك إصبعاً من أصابعك, يطلق عليك صفة.هذه الصفة تجعلك من طائفة كذا ومن دين كذا ومن جماعة كذا ومن حزب كذا, وكارهاً لكذا وحاقداً على كذا وكذا ..... الخ. وهذا كله يحصل قبل أن تميز إصبعك من ثدي أمك "
المشكلة
إن من يطلق الصفة على جماعة " ع " هو في موضع قيادي أو محترم أو مؤثر, في جماعة " س ". وبالتالي تتغير صفة جماعة " ع " تغييراً غير حقيقي, طبقاً للصفة التي يطلقها ذاك القيادي أو المؤثر. وبالتالي يتغير شعور جماعة " س " اتجاه " ع " بحسب الصفة الجديدة ...
مثال : يكفي أن يقول قيادي في جماعة " س " بأن جماعة "ع " إرهابيين .. فتصبح جماعة " ع " مجموعة إرهابية بالفعل, وجب قتالها وقتلها. ومن يقتلها فهو يدافع عن الوطن وهو وطني ....
قيادي في " ص " يقول بأن جماعة " ط " هي مجموعة كافرة أو تكفر, فيجب قتالها وقتلها ..
ملاحظة : الصفة التي يطلقها هذا القيادي, في الأغلب هي ليست صفة حقيقة.. وإنما هي صفة ...
بحسب مفهومة الشخصية ... بحسب توجهه السياسي ... بحسب مصالحه الشخصية... بحسب الأوامر الآتية من سلطة عليا ...
الإرثان القديم والحديث, والسيف المسلط ..
الإرث القديم, مفهوم الإيمان والكفر ووجوب قتال الكفار ....
والحديث, مفهوم الوطنية والخيانة, وتفصيل الوطن على قياس أشخاص ...
كلا المفهومين سيوف مسلطة, يلجأ بها طرف الأقوى, عندما يشعر بتزحزح مكانته, ويدعي أن الطرف الأخر, إما كافر ويطبق عليه حدود الحسبة والقتل ..أو خائن " وفق معايير هو نسجها " ويطبق عليه قوانين الخيانة ...
المشكلة الأساسية :
التفكير الوحدوي, الذي أخذ من الدين ثم على السياسة ثم طبق على أصغر حارة, وأصغر بيت ..
فكر واحد " دون معارضة " , إله واحد, ملك واحد, رئيس واحد, حزب واحد . شيخ واحد ... ومن يخرج خارج هذه الوحدوية، إما خائن أو عميل أو كافر أو ملحد أو مندس ...
" الألقاب جاهزة وتحتاج فقط إلى التنفيذ ".
وهذا يؤدي إلى التفكير المجتمعي الجمعي وتفكير القطيع, وحتى كلمة تفكير هي كلمة خاطئة وإنما الأصح هو الانقياد القطيعي .. في مجتمعات لا تفكر, وإنما تأخذ أوامر ومعلومات معلبة جاهزة, تستطيع أن تقودها باتجاه القتل والذبح والسبي من دون تأنيب ضمير. وإنما على العكس بفخر وعزة. ويتصورون بجانب الجثث والرؤوس المقطوعة, وكأنهم يتصورون في مكان أثري أو تاريخي أو ديني......
" توقف العقل أو العقل المجرور, هو بداية الانحدار, وهو الجحيم الإنسانية "
النتيجة كاملة ..
تبدأ الكراهية كحد أدنى, والقتل والتشويه والذبح والحرق ( وما سيبتكرونه عما قريب ) كحد أقصى, نتيجة لصفة يطلقها شخص على شخص أو مجموعة. وقد تكون هذه الصفة تحمل إرث تاريخي قد يصل إلى أيام القبيلة, ولم يتطور خلال العقود المنصرمة إلى المستوى الوطن. وقد تحمل صفة حديثة تتماشى مع مفهوم الوطن...
هذه الصفة التي تطلقها مجموعة ( بغض النظر عن مصداقية هذه الصفة ) كفيلة بتغير الشعور العام تجاه تلك المجموعة, وتجعل تلك المجموعة أدنى إنسانياً من المجموعة الأولى ويجب قتالها. وإذا زٌوِّد هذا التغيير بسلاح أو قوة عامة, ستحدث مجازر لعدم وجود العقل المفكر والأخلاق الرادعة, وتجعل من المجموعة الأولى أصحاب حق, يقتلون لتنفيذ هذا الحق دون أن يرفّ لهم جفن....
ثلاث عوامل للأزمات الإنسانية
صفة " إما ذات طابع وطني أو ديني " تفكير قطيعي " ويسمى بالتفكير المجرور, ويكون في المجتمعات المنقادة لشيخ أو رجل سياسي دون تفكير, وحتى لا تملك حق التفكير... امتلاك القوة لدى طرف ...
والنتيجة كالتالي : (صفة + تفكير قطيعي + قوة ) = ( مجازر إنسانية )
وسوم: العدد 633