البحث عن الفيلة

د. محمد أبو زيد الفقي

clip_image002_48b51.jpg

د. محمد أبو زيد الفقي

www.mohammedalfeqy.com

ذات مساء من أيام الشتاء الباردة، فى مدينة نيويورك بأمريكا الشمالية، كنت أحضر مؤتمرا فى منطقة نورث بيرجن، بولاية نيوجيرسي على الشاطئ الأخر لنهر هودسن، الذي يفصل بين ولاية نيويورك ونيوجيرسي، بعد المؤتمر وأثناء خروجي من المركز الإسلامي، دعاني أحد رجال الأعمال المصريين للعشاء معه هو وأسرته، في أحد المطاعم العربية في شارع بيرجن لين.

حضرت الزوجة الأمريكية الأصل والطباع وافتقدت ابنهم الوحيد، وكانوا قد تركوه ليختار ما بين اللعب واللهو مع أقرانه، أو الحضور للمؤتمر، وانصرفا عنه، وبدأنا ثلاثتنا في البحث عن  أحمد  " الابن " ، وبعد فترة ـــ غير قصيرة ــ وجدناه أمام الكمبيوتر في الطابق الثالث من المبنى، فانتظرناه حتى انتهى من بحثه على الجهاز، ثم أخذناه وذهبنا إلى المطعم، وقبل أن يكتمل وضع العشاء سألته: ماذا كنت تفعل يا أحمد؟

فقال لي : كنت أحضر بحثا عن الفيلة كلفني به المدرس لإنجازه فى عطلة نهاية الأسبوع، وكنت قد قررت أن أقوم به مساء الغد، لكنى لما سمعتك وأعجبني حديثك  ذهبت إلى [ النت ] لأنجز هذا العمل على الفور، لكى يتوفر لدى وقت لسماعك غدا .

شكرته على هذه المجاملة اللطيفة، وهنا بادرت أمه بالقول: لقد قلت ما يجب أن يقال في الإسلام، وأنا وأربعة غيري من الأمريكيات استمعنا إليك بانتباه شديد، وكنت قد تحدثت عن  (العمل العمراني في القرآن الكريم ).

المهم تحدثت إلى أحمد وسألته عن بحثه، ماذا فعلت فيه ؟   قال لى : دخلت على مكتبة  [ الكونجرس ] ثم دخلت على مركز معلومات فى الهند [ منباى ] ، ثم دخلت على مركز معلومات فى كينيا فى أفريقيا ، وجمعت المادة العلمية ، وسوف اكتبها غدا صباحا بخطى كما طلب منى المدرس ، قلت و لماذا خطك ؟ !! قال  : لأنهم علمونا فى المدرسة أن نكتب بخطنا كتابة صحيحة ، وأن نقرأ قراءة صحيحة ، من السنة الأولى فى التعليم الإبتدائى ، وأنا الآن فى السنة الخامسة [ إبتدائى ] ، فلا يصح أن أرتكب خطأ فى القراءة والكتابة ، قلت : وبماذا خرجت من بحثك ؟ ــ هذا السؤال نوجهه فى مصر لدارسى الماجستير والدكتوراه ، فلا يجيبون .

ــ قال : اكتشفت أن الفيل له عالم خاص به ، وأنه يستطيع التفاهم مع باقي الفيلة بلغة لا ندركها نحن لأول وهلة ، ولكننا يمكن أن نتدرب على فهمها ، بشرط أن تقوم بيننا وبين الفيل علاقة حب وقرب وفهم ، ثم انخرط يحكى لنا عن بحثه ، بشكل ادهشنى وحدى ، فلم تظهر علامات الدهشة على أبيه أو أمه ، بل قالوا لى أثناء ذهابه لدورة المياه : إنه ليس من الأوائل في المدرسة فهناك من هو أكثر منه ذكاء ً وعلماً ولكنه يعتبر من المتوسطين.

البحث عن الفيلة

د. محمد أبو زيد الفقي

الأستاذ بجامعة الأزهر

www.mohammedalfeqy.com

ذات مساء من أيام الشتاء الباردة، فى مدينة نيويورك بأمريكا الشمالية، كنت أحضر مؤتمرا فى منطقة نورث بيرجن، بولاية نيوجيرسي على الشاطئ الأخر لنهر هودسن، الذي يفصل بين ولاية نيويورك ونيوجيرسي، بعد المؤتمر وأثناء خروجي من المركز الإسلامي، دعاني أحد رجال الأعمال المصريين للعشاء معه هو وأسرته، في أحد المطاعم العربية في شارع بيرجن لين.

حضرت الزوجة الأمريكية الأصل والطباع وافتقدت ابنهم الوحيد، وكانوا قد تركوه ليختار ما بين اللعب واللهو مع أقرانه، أو الحضور للمؤتمر، وانصرفا عنه، وبدأنا ثلاثتنا في البحث عن  أحمد  " الابن " ، وبعد فترة ـــ غير قصيرة ــ وجدناه أمام الكمبيوتر في الطابق الثالث من المبنى، فانتظرناه حتى انتهى من بحثه على الجهاز، ثم أخذناه وذهبنا إلى المطعم، وقبل أن يكتمل وضع العشاء سألته: ماذا كنت تفعل يا أحمد؟

فقال لي : كنت أحضر بحثا عن الفيلة كلفني به المدرس لإنجازه فى عطلة نهاية الأسبوع، وكنت قد قررت أن أقوم به مساء الغد، لكنى لما سمعتك وأعجبني حديثك  ذهبت إلى [ النت ] لأنجز هذا العمل على الفور، لكى يتوفر لدى وقت لسماعك غدا .

شكرته على هذه المجاملة اللطيفة، وهنا بادرت أمه بالقول: لقد قلت ما يجب أن يقال في الإسلام، وأنا وأربعة غيري من الأمريكيات استمعنا إليك بانتباه شديد، وكنت قد تحدثت عن  (العمل العمراني في القرآن الكريم ).

المهم تحدثت إلى أحمد وسألته عن بحثه، ماذا فعلت فيه ؟   قال لى : دخلت على مكتبة  [ الكونجرس ] ثم دخلت على مركز معلومات فى الهند [ منباى ] ، ثم دخلت على مركز معلومات فى كينيا فى أفريقيا ، وجمعت المادة العلمية ، وسوف اكتبها غدا صباحا بخطى كما طلب منى المدرس ، قلت و لماذا خطك ؟ !! قال  : لأنهم علمونا فى المدرسة أن نكتب بخطنا كتابة صحيحة ، وأن نقرأ قراءة صحيحة ، من السنة الأولى فى التعليم الإبتدائى ، وأنا الآن فى السنة الخامسة [ إبتدائى ] ، فلا يصح أن أرتكب خطأ فى القراءة والكتابة ، قلت : وبماذا خرجت من بحثك ؟ ــ هذا السؤال نوجهه فى مصر لدارسى الماجستير والدكتوراه ، فلا يجيبون .

ــ قال : اكتشفت أن الفيل له عالم خاص به ، وأنه يستطيع التفاهم مع باقي الفيلة بلغة لا ندركها نحن لأول وهلة ، ولكننا يمكن أن نتدرب على فهمها ، بشرط أن تقوم بيننا وبين الفيل علاقة حب وقرب وفهم ، ثم انخرط يحكى لنا عن بحثه ، بشكل ادهشنى وحدى ، فلم تظهر علامات الدهشة على أبيه أو أمه ، بل قالوا لى أثناء ذهابه لدورة المياه : إنه ليس من الأوائل في المدرسة فهناك من هو أكثر منه ذكاء ً وعلماً ولكنه يعتبر من المتوسطين.

وسوم: 636