الحلف الدموي الرباعي
اعلن في بغداد يوم السابع والعشرين من ايلول 2015 عن تأسيس حلف دولي رباعي تحت غطاء (مركز معلومات إستخباري) يضم روسيا وايران وسوريا والعراق مقره في العاصمة العراقية لغرض التنسيق الامني لمواجهة تنظيم داعش الذي يتواجد في مدن سورية وعراقية ،بعد عجز القوات النظامية والمليشيات من مواجهة وطرد هذا التنظيم.
ياتي هذا الاعلان بعد سلسلة من الاجتماعات السرية بين الاطراف الاربعة وبعد انتشار قوات برية وجوية روسية في الساحل السوري لدعم نظام بشار الاسد ،
وقد اعلنت موسكو عن انضمامها إلى التحالف الرباعي ، فيما كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتحدث لشبكة “سي بي سي” الإخبارية عن سعيه إلى وضع ما وصفه بـ “إطار منسق مع الشركاء لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية”، مضيفاً “اقترحنا التعاون مع دول المنطقة. نحاول وضع نوع من الإطار المنسق”.
وفي ظل تفاوت التأويلات حول التمدّد الروسي نحو العراق وما وفرته واشنطن من غطاء لموسكو، لاسيما بعد التدخل المباشر في سورية، يرى مراقبون أنه يأتي كنوع من المساومة مع الأمريكيين على الملف السوري، وبهدف إنقاذ رئيس النظام السوري بشار الأسد. وإن من أخطر الإحتمالات القائمة هو أن العمل يسير بشكل سريع ومنظم لائارة المشاكل في البحرين والكويت وتطويق السعودية وجرها للحرب مما يعني قيام حرب خليج رابعة ـ
أولا ـــ إستراتيجية روسيا : تسعى روسيا من إنضمامها للتحالف الرباعي إلى تحقيق عدد من الغايات من ابرزها :
1ــ تعمل روسيا على بناء قاعدة من المصالح في سوريا والعراق والامتداد بها إلى منطقة الخليج العربي ـ
2 ــالمصالح المتبادلة بين روسيا وايران هي الفرصة المواتية لتقاسم النفوذ المشترك
3 ــ يصب التحالف في مصلحة النظام الإيراني وإنقاذه من المأزق بسبب خسارته في سوريا واليمن وثورة الشعب ضد تواجد ونفوذ ايران في العراق.
4 ــ الهدف الحيوي من هذا التحالف هو ضرب المقاومة والمجاهدين في كل من سوريا العراق بذريعة التصدي لتنظيم داعش.
5 ـ ان تصريح راعي الكنيسة الارذدوكسية في روسيا بإضفاء البركة على مشاركة روسيا في الحرب ضد داعش واعتبارها حربا مقدسة يعيد للذاكرة العربية صورة الحروب الصليبية ضد الإسلام والمسلمين .
6ــ يرمي التحالف هو في نسخته الإمبريالية إلى مشروع رسم خارطة جديدة للمنطقة تتقاسم غنائمها ولاية الفقيه النووية والارذوكسية الروسية ـ
7ــ من المتوقع أن يؤدي التحالف الى تحويل المنطقة الى خندقين متقابلين ويزاد احتمال نشوب حرب إقليمية سواء سياسيا او عقائديا او طائفيا ـ
وقد أصدرت المعارضة العراقية بيانات متتابعة تدين فيها الدور الروسي ذا الابعاد المصلحية والذي لايصب في صالح إستتباب الامن والاستقرار في عموم دول المنطقة وفي مقدمتها العراق وسوريا ولا في مجال محاربة الارهاب وتحديد مصادره الحقيقية وفي مقدمتها النظام الايراني والمليشيات الطائفية وفرق الموت.
وفي الاسبوع الثاني من ايلول / سبتمبر 2015 تم اختيار مطار المثنى العسكري في بغداد مقرا للمركز الاستخباري المشترك ـ بين العراق وروسيا وإيران وسوريا.
وقد توالى خلال الاسابيع الثلاثة الماضية وصول عدد من الضباط الروس الى بغداد للبدء في عملية التنسيق المشترك ، لادارة العمليات العسكرية وقد أعلن ان رئاسة المركز المذكور ستوكل الى رئيس اركان الجيش العراقي بالوكالة الفريق الركن عثمان الغانمي إضافة الى ضباط في الإستخبارات العسكرية العراقية ومنهم الناطق السابق باسم وزارة الداخلية اللواء الركن عبد الكريم خلف فيما سيمثل طهران الملحق العسكري في السفارة الإيرانية لدى العراق.
ثانيا ـ حكومة بغداد : ادركت حكومة الاحزاب الدينية في يغداد تجاه الحراك السياسي القائم في جنوب ووسط العراق بأنها لم تعد تحظى بأي دعم حتى من داخل طوائفها ، بعد إفتضاح سلوكها الاجرامي وفسادها المالي والاداري ، وبعد أن أغرقت البلد بمشاكل مالية يصعب معالجتها على المدى المنظور ، ومن هنا فإن حكومة العبادي المطوقة من كل جانب ، وجدت في التحالف وسيلة للخلاص، ولم تجد هذه الاحزاب حليفا أفضل من إيران ، التي كان لها دورها في تنصيب حزب الدعوة والمنظمات الموالية على رقاب العراقيين ، وتمكين حكومة المنطقة الخضراء من إحكام القبضة على تظام الحكم والهيمنة على مرافق الدولة ـ
ثالثا ــ المشروع الايراني : لم يعد خافيا أن طبخة الحلف الرباعي هي الثمرة الذهبية لكل من طهران ولحكومتي بشار والعبادي المتهاوتين ، وان التحالف الرباعي جرى الاعداد له منذ اكثر من ثلاثة اشهر ، وقد شكلت طهران لجنة برئاسة سفيرها في بغداد (حسن دانائي فر ) وقائد فيلق القدس الايراني (قاسم سليماني) و (أبو مهدي المهندس) (ممثل مكتب المرشد في العراق )، لانضاج فكرة التحالف الرباعي. وأنّ الفكرة نضجت داخل السفارة الإيرانية ودعمها قادة الحشد الشعبي وخصوصاً هادي العامري وعملوا على إتمامها بالتشاور مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقد تحمس وطالب التعجيل بها بعد إنفجار الحراك السياسي في جنوب ووسط العراق وقد سبقت ذلك كله حصول إيران على موافقة روسيا.
جاءت مشاركة ايران في الحلف الرباعي، لتحقيق المقاصد الدموية التالية :
1 ــ الحركة الحرة للقوات المسلحة الايرانية بكل صنوفها ، واطلاق يدها في الشأن العراقي
2 ــ تأمين مصالح الدولة الايرانية داخل العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعلى الاصعدة الاخرى ،
3ـــ توسيع نفوذها المركزي لادارة العمل المضاد تجاه دول الخليج العربي،
4 ــ تعزيز قواعد تصدير الثورة وتخصيص والمعسكرات لاعداد وتدريب المقاتلين ، بقصد تنفيذ اهداف منتخبة في المنطقة ـ لاسيما السعودية ودولة الكويت والبحرين كأسبقية أولى ،
5 ـ من المتوقع وطبقا لمصادر المعارضة العراقية ؛ بأن إضفاء الشرعية على دخول القوات العسكرية الايرانية سيحقق لطهران فرصة تعزيز حجم التواجد المسلح من البسيج والحرس الثوري ومليشيا حزب الله اللبناني ـ
6 ــ تتوقع المعارضة العراقية بأن التخلص من قادة الحراك السياسي السني ، سيكون واحدا من مهام إيران تحت ذريعة الحرب على تنظبم الدولة الاسلامية ـ
7ــ ستكون عمليات التطهير الطائفي واحداث التغييرات الديمغرافية في بغداد وديالى وصلاح الدين من اولوية الأهداف الايرانية في العراق، ومن المحتمل أيجاد الذرائع السياسية لترحيل سكان سامراء ، بغرض السيطرة على المدينة التي كانت ضمن أهداف طهران منذ نهاية القرن التاسع عشر ـ
8 ــ سيتيح وجود ايران رسميا تواصل المدد العسكري واللوجستي، لدعم نظام بشار الاسد وتصفية قادة المعارضة السورية ، بالتنسيق مع حزب الله اللبناني ،
رابعا ـ موقف واشنطن : تعول القوات العراقية على دعم الولايات المتحدة لاستعادة المدن الخاضعة لسيطرة «داعش» منذ اشهر والاعتماد على السلاح الاميركي المتطور لمواجهة المتشددين.
ودق الاعلان الاميركي ناقوس الخطر عن التلويح بتوقف الحملة العسكرية لاستعادة السيطرة على الرمادي من قبضة «داعش« من دخول العلاقات الاميركية ـ العراقية في مرحلة الفتور وسط قلق واشنطن من التحالف ـ الروسي الجديد وانعكاسه على طبيعة التعاون بين البلدين.
ففي خطوة قد تفسر بانها احد تداعيات اعلان الحلف الرباعي بقيادة روسيا أعلن المتحدث باسم العمليات العسكرية الأميركية الكولونيل ستيف وارن : إن «الجهود العسكرية أرجئت جزئيا بسبب درجات الحرارة القياسية خلال الصيف وبسبب الطريقة التي يدافع بها المتطرفون عن المدينة التي سيطروا عليها في أواسط ايار الماضي«. فيما تشير الصحف الامريكية عن اتخاذ البيت الابيض سلسلة اجراءات عقابية ضد العراق بسبب أقدام حكومة العبادي إستحداث مركز التحالف الرباعي في بغداد بقيادة روسيا . وان «واشتطن ترى ان التحالف الرباعي يهدف لاضعاف قيادة الولايات المتحدة في العراق وتقوية نفوذ ايران وروسيا فيه«.ولذلك فإن من المتوقع أن تتخذ امريكا اجراءت عقابية من بينها تقليص تعاونها مع العراق وربما يصل الامر الى حد تعطل مساعداتها المعلوماتية وتجمد مساعداتها الجوية في معارك الرمادي وبيجي خصوصا ان الولايات المتحدة تعتقد ان قواعد البيانات والمعلومات التي زودتها للعراق ستذهب لايران وروسيا»، مؤكدة ان الاكراد اتخذوا قرارهم بعدم انضمامهم للتحالف الرباعي الجديد .
للحديث بقية
راجع :
أبو نهاد العبيدي ـ أبعاد خطورة التحالف الرباعي على العراق والامة العربية ـ شبكة البصرة (5/10/2015) أكثم سيف الدين انتقادات للعبادي بعد تلويحه بالتعاون مع “التحالف الرباعي ـ بغداد ــ 3 أكتوبر 2015 علي البغدادي ـ واشنطن تعاقب بغداد لانخراطها في الحلف الرباعي، المستقبل 28 /9/ 2015
د.سيف الدين هاشم
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: 637