بِلادُ الكُفَّارِ ...!
رب العالمين ورب الناس أجمعين(مؤمنهم وكافرهم مصلحهم ومفسدهم) سبحانه..جعل الأرض سكناً لهم جميعاً لقوله تعالى:"وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ"والأصل في الناس أنهم مؤمنون لقوله تعالى:"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى"والأشياء كلها مؤمنة لقوله تعالى:"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ"والخلائق كلها جنها وأنسها وأشياؤها في عبادة الله لقوله سبحانه:"يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ"والجميع يمشون في الأرض يعمرُّونها لقوله تعالى:"هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"ويستثمرون مكنوناتها لصالح الجميع لقوله تعالى:"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"وكرَّم الإنسان فمنحه حرية الاختيار لقوله تعالى:"إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"وشرَّع سبحانه قوانين للحياة لقوله تعالى:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ"وشرَّعَ للآخرة قوانين لقوله تعالى:"وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا"وأنصف الجميع فقال تباركت أسماؤه:"كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا"وشرَّعَ جلَّ جلاله قاعدة مطلقة للحرية والعدل في الحياة الدنيا فقال سبحانه:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ"وبعد..فإن هذه المنظومة الربانية الخالدة تؤكد أننا أمام مشهد حياتي متكامل متسق..ليس فيه تصنيفات جغرافية أو قومية أو دينية..فَالنَّاسُ كُلُّهم مُكرَّمُون..والأرض كُلُّها مُسخرة للجميع كل حسب جهده وقدراته..ليس هناك تقسيم عام للأرض جزء منها للمؤمنين وآخر للكافرين..نعم بكل تأكيد هناك مؤمنون وهناك كافرون..ولكن ليس هناك فرز عقدي ومعايير دينية تفصل بينهم..وليس هناك قوانين للعزل والفصل الديني بين مجتمعاتهم وبلدانهم..فالكُلُّ عباد الله..والكُلُّ خلق الله..والكُلُّ عالة على الله..وأحبهم إلى الله أحبهم لعياله لقوله :"الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّهِ فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَى عِيَالِهِ"فلا مبرر للقول:بلاد مسلمين وبلاد كفار.
وسوم: 639