إفراغ عاشوراء من دلالتها الدينية إساءة واضحة للإسلام

من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن صيام اليهود يوم العاشر من محرم الحرام، فقيل له إنهم يصومونه لأنه اليوم الذي أظهر فيه الله عز وجل نبيه الكريم موسى عليه السلام على فرعون ،فقال عليه السلام :" نحن أولى بموسى منهم "، وأمر أصحابه بصيامه، وتعهد بصيام اليوم التاسع في العام المقبل إلا أنه التحق بالرفيق الأعلى ،وبقيت سنة صيام التاسع والعاشر بعده . هذه هي الدلالة الحقيقية لعاشوراء عند المسلمين السنة بينما يربط الشيعة عاشوراء بمقتل سبط النبي الحسين بن علي رضي الله عنهما في مدينة كربلاء بالعراق ويتخذون من هذا اليوم مناسبة للنياحة  ،وضرب الصدور بل وشج الرؤوس ،وإدماء الأجساد بالمدى والسلاسل . وعندما نقارن إحياء ذكرى عاشوراء عند السنة وعند الشيعة نجد أن طريقة السنة في إحيائها هي الأقرب لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن النياحة، ولطم الخدود ،وضرب الصدور ،وشق الجيوب ،ولا ينكر ذلك إلا مكابر . ومعلوم أن عبادة الصيام تعتبر تقربا إلى الله عز وجل، وتعبيرا عن شكره على نعمه . ومن نعم الله عز وجل الكبرى إظهار الحق على الباطل زمن موسى عليه السلام، وجعل ذلك سنته سبحانه وتعالى في خلقه إلى قيام الساعة . والمسلمون حين يحتفلون عن طريق الصيام بعاشوراء، فهم في الحقيقة يعبرون عن ثباتهم على الحق ضد الباطل . ومن الثبات على الحق إقامة الدين، والالتزام به، وتحكيم شرع الله عز وجل . وإذا كان المسلمون السنة يختلفون عن الشيعة في إحياء ذكرى عاشوراء، فإن كثيرا منهم ينحرفون عن دلالتها ،ولا يكتفون بصيام يوم العاشر شكرا لله عز وجل بل يبتدعون بدعا يرفضها الإسلام رفضا قاطعا منها: التراشق بالماء وفاسد البيض، وإضرام النيران، واستخدام المفرقعات، والسحر والشعوذة . وتبدو هذه البدع المستحدثة  خليطا من العقائد الفاسدة، ذلك أن التراشق بالماء يوحي بطقوس الصابئة ، وإضرام النيران يوحي بطقوس المجوس ، والامتناع عن تنظيف البيوت يوحي بطقوس اليهود ، والسحرة والشعوذة يوحي بطقوس السحرة والكهان، وكل ذلك منهي عنه في دين الإسلام ، وممارسته تعتبر إساءة واضحة للإسلام. ولقد ذكرت بعض المنابر الإعلامية على الشبكة العنكبوتية أن بعض الجهات في المغرب عرفت أعمال شغب وعنف بمناسبة عاشوراء، ذلك أن التراشق بالماء استغله بعض الجهلة لاستعمال المياه الملوثة لإذاية غيرهم، كما استعمل البيض الفاسد  بل استعملت حتى بعض الأحماض الخطيرة  الشيء الذي يعني تسلل المجرمين بين صفوف الممارسين لهذه الأعمال المشينة لارتكاب جرائم . وذكرت الأخبار أيضا أن مجموعات من المراهقين اشتبكوا بالأسلحة البيضاء بعدما تحول التراشق بالماء والبيض إلى صراع دام حقيقي .وذكرت الأخبار أيضا أن قوات الأمن والوقاية المدنية تدخلت لمنع إضرام النيران المهددة لسلامة الأشخاص والممتلكات . وذكرت الأخبار أيضا أن ممارسة السحر والشعوذة منتشرة في بعض المناطق بمناسبة عاشوراء حيث تلجأ بعض النساء إلى استعمال التمائم وحتى بعض المواد السامة التي تدس في الطعام لأزواجهن بغرض جلب قلوبهم ومنعها من أن تميل عنهن إلى غيرهن . وهكذا يحول الجهلة مناسبة عاشوراء التي جعلها الله عز وجل مناسبة شكر نعمة انتصار الحق على الباطل إلى مناسبة باطل تمارس فيها أعمال مستقبحة مخالفة لما جاء به دين الإسلام ولما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومما يحرفه الجهلة أيضا  بهذه المناسبة هو اعتبارها مجرد مناسبة لاقتناء اللعب للصغار، علما بأن الأصل في هذه اللعب أن الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بصيام عاشوراء صمن ،وصومن صغارهن أيضا، وكن يصنعن لهن من العهن أي الصوف لعبا لشغلهم عن الجوع . ويقتصر الناس في زماننا على اقتناء اللعب لصغارهم في عاشوراء دون تصويمهم ، وهكذا صارت اللعب هدفا، ولم تعد وسيلة كما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وخلاصة القول أنه يجب على علماء الأمة ودعاتها محاصرة مظاهر الاحتفال المنحرفة بهذه المناسبة، كما أنه يتعين على الدولة وهي المسؤولة عن الدين حمايته من كل إساءة تحصل بسبب سوء الفهم سواء كان ذلك مقصودا ومتعمدا أو عن جهل وغفلة .   

وسوم: 639