مشاهدات الأبطال
في ذكرى نصر العاشر من رمضان .. الأبطال يتذكرون انتصار العاشر من رمضان 1393 هـ السادس من أكتوبر 1973 يعد الانتصار العسكري الوحيد في الصراع العربي الإسرائيلي وعلى جبهة القتال سطر أبطال مصر بطولات عظيمة أذهلت العالم بل حدثت معجزات ونفحات ربانية في الشهر الفضيل ومن ثم كان شهر رمضان وعدا وموعدا مع الفتوحات والانتصارات وفي هذا التحقيق نرصد ذكريات نخبة من الأبطال الذين شاركوا في هذا النصر العظيم
يقول البطل محمد محمد عبد السلام العباسي من القرين محافظة الشرقية :
يوم التاسع من شهر رمضان 1393 وافق يوم الجمعة وصلينا الصلاة على علم مصر وشعرت أن هناك أحداث غير عادية وبرغم الصيام صدرت الأوامر بالإفطار يوم العاشر ولكن صممنا على الصيام وفي الساعة الثانية ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973 العاشر من رمضان 1393 هـ انطلقت الطائرات المصرية لتدك مواقع وحصون العدو ونجحت في مهمتها وفي طريق عودتها شاهدتها تطير على مسافات منخفضة ولمحت في السماء ( الله أكبر ) مكتوبة بخطوط السحب فكانت صيحة العبور وعبرت مع رفاقي قناة السويس وأسرعت نحو دشمة إسرائيلية ومزقت العلم الإسرائيلي ورفعت العلم المصري ثم ألقيت قنبلة على فتحة الدشمة وتم قتل حوالي 30 إسرائيلي كانوا بداخلها وتم تحرير القنطرة شرق ونلت شرف رفع العلم المصري عليها وتم تكريمي بعد انتهاء المعارك .
أضاف البطل محمد المصري صاحب الرقم القياسي في تدمير الدبابات حيث تمكن من تدمير 27 دبابة إسرائيلية بثلاثين صاروخ خلال معارك رمضان 1393 أكتوبر 1973 م : يوم الاثنين 8 أكتوبر 1973م / 12 رمضان 1393 هـ تم الاستيلاء تماماً على خط بارليف على طول القناة وحاول اللواء 190 مدرع الإسرائيلي بقيادة اللواء عساف ياجورى القيام بهجوم مضاد واختراق القوات المصرية والوصول إلى النقط المصرية القوية التي لم تسقط بعد ومنها نقطة الفردان وعلى الفور أصدر البطل العميد حسن أبو سعده قائد الفرقة الثانية أوامره بفتح الطريق أمام اللواء 190 مدرع الإسرائيلي وتطويقه ثم التعامل معه وفي لحظة فريدة تم تحويل المنطقة إلى كتلة من النيران وكأنها قطعة من الجحيم وكانت المفاجأة مذهلة مما ساعد على نجاح المهام وفى أقل من نصف ساعة تم تدمير اللواء الإسرائيلي وتمكنت في هذا اليوم من تدمير 6 دبابات إسرائيلية ومع تدمير آخر دبابة إسرائيلية في قطاع الفردان هدأت المعارك نسبيا فقام قائدي البطل الرائد صلاح حواش برى عطشنا وحرص كل واحد على أن يشرب زميله أولا وأثناء قيام البطل صلاح حواش بإعطائي غطاء الزمزمية المملوء بالماء سقط على رمال سيناء الحبيبة فزحفت له ا ووجدته يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجراحه حيث أصابته دانة إسرائيلية مباشرة وقبل أن تصعد روحه إلى بارئها قال بصوت متحشرج : ( مصر أمانة بين أيديكم يا مصرى ) ثم صعدت روحه إلى السماء ، حزنت كثيرا لاستشهاد قائدي وبعد قليل حضر 3 جنود وطلبوا الذهاب معهم إلى مقر القيادة بعد أن استأذنوا من القائد الذي حل محل قائدي البطل الشهيد صلاح حواش فذهبت معهم وقال البطل حسن أبو سعده : يابطل أحضرتك هنا تحقيقا لرغبة هذا .. فنظرت ووجدت شخص ملامحه غير مصرية وكثيف الشعر فقلت من هذا يافندم ؟ فقال : عساف ياجوري قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلي والذي دمرت دبابته فبعد وقوعه في الأسر طلب كوب ماء ورؤية الجندي الذي دمر دبابته فأحضرنا له كوب الماء وهاأنت أمامه وهنا طلب عساف تقبيل يدي فرضت لربما يصيبها بسوء .
أما البطل سمير عبد المنصف قاسم فقال : من النقاط الحصينة بخط بارليف النقطة 149 هذه النقطة قام العدو بتحصينها وتسليحها بعد وقف إطلاق نار معارك الاستنزاف عام 1970 حيث يوجد بها 8 رشاش نصف بوصة و( 6 ) مدفع مضاد للدبابات عديم الارتداد و( 3 ) مدفع هاون عيار 81 مم و( 3 ) مدفع هاون عيار 120 مم و( 2 ) دبابة بأطقمها و( 2 ) عربة صواريخ أرض/ أرض متوسطة المدى وأجهزة حديثة للرؤية الليلية والتصنت الإلكتروني حتى مدى 10 كيلو متر واتصال وتوجيه للطائرات الحربية الإسرائيلية وكميات كبيرة من الذخيرة وقطع الغيار والمعدات والإمدادات الطبية والمواد الغذائية التي تكفى ما بداخلها لأكثر من 30 يوما ومجهزة هندسياً ومحاطة بالأسلاك الشائكة والأشركة الخداعية والعوائق المعدنية وفي أعلى النقطة برجاً للمراقبة وتوجد على تبة مرتفعة تشرف على الأراضي المحيطة بها لعشرات الكيلو مترات وتتحكم في محاورة إستراتيجية تعوق الجيش المصري إذا فكر في عبور قناة السويس والتقدم إلى سيناء ومن تلك المحاور .. المحور الشرقي المتجه إلى الممرات والمحور الجنوبي المؤدى إلى رأس سدر والمحور الشمالي المتجه إلى جنوب البحيرات وفي 7 أكتوبر 1973م الحادي عشر من رمضان 1393هـ تم تكليفي مع رفاقي بالهجوم على النقطة ودارت الاشتباكات الطاحنة وهنا قام البطل محمد زرد بلف جسمه بحزام ناسف وأقتحم النقطة ولم يهتم بالنيران الإسرائيلية الكثيفة وفي ثوان معدودة سقطت النقطة وتم أسر مجموعة كبيرة من الإسرائيليين وأستشهد البطل محمد زرد في ميدان الشرف والكرامة وفى اليوم التالي تهاوت 9 مواقع أخرى من خط بارليف .
عند علامة الكيلو 11 طريق الشط متلا يوجد مركز قيادة إسرائيلي في بطن تبة مرتفعة وهذا المكان يسيطر على القطاع من البحيرات المرة الصغرى شمالا حتى بور توفيق جنوبا وحرصت إسرائيل على إخفائه عن مراقبة القوات المصرية وأيضا كان المركز يشتمل على غرفة عمليات مجهزة بالوثائق والخرائط والأجهزة الإلكترونية الحديثة ووسائل الاتصال المختلفة التي تحقق له الاتصال بكافة الأسلحة المختلفة البرية والجوية وتساعد على تحقيق الإعاقة والشوشرة ضد القوات المصرية وكذلك سرعة الإنذار للقوات الرئيسية والتبليغ عن الموقف أولا بأول وتم تزويد المركز بأجهزة التكييف والإنارة والمرافق الصحية والمطابخ والثلاجات ووسائل الترفيه المتعددة علاوة على مؤن تكفي من بداخله لمدة شهور .
أنشأت إسرائيل هذا المركز من الخرسانة المسلحة وفوقها خمسة طوابق من مكعبات الأحجار والقضبان الحديدية لتوفير الأمان والوقاية الكاملة ضد عمليات القصف سواء الجوي أو المدفعي بالإضافة إلى وجود نقط ملاحظة على الهيئات المشرفة وحفر للمواقع والأسلحة المختلفة ومرابض الدبابات ومدافع عيار 155 م تتحرك ذاتيا كما أنشأت إسرائيل جوار مركز القيادة محطة ضخ للمياه لإمداد القوات الموجودة بمحور متلا والنقط القوية على القناة بالمياه من خلال خطوط أنابيب مصنوعة من البلاستيك أما حجم القوات الموجودة في مركز القيادة والاحتياطات المخصصة لنجدته بحوالي 2 سرية مشاة ميكانيكي و( 2 ) سرية دبابات وسرية مقذوفات موجهة م د س س 11 .
في صباح يوم 9 أكتوبر 1973م الموافق 13 رمضان 1393 هـ صدرت الأوامر بتطوير الهجوم والوصول إلى رأس كوبري الجيش عند علامة الكيلو 12 طريق الشط / متلا وقمت مع رفاقي بالهجوم الصامت ليلا والوصول إلى خط رأس كوبري الجيش وحرمان العدو من خطوطه النيرانية المجهزة على أن تلحق الدبابات بنا ثم سرية صاعقة لتأمين المرتفعات التي يتخذها العدو كخطوط نيرانية وفي 11 أكتوبر أبلغت عناصر استطلاع اللواء ببداية قيام العدو بسحب دباباته وعربات صواريخه شرقا كالمعتاد إلى منطقة تجمعها وظل العدو يقوم بضرب النار وإضاءة أرض المعركة بهدف الإزعاج ثم تحركت سرية من أبطال الصاعقة وتبعتها قوة اللواء وتقدمنا وكسبنا 6 كيلو مترات بدون قتال وتم تكليفي مع رفاقي الأبطال ومنهم : قائد المجموعة ملازم أول شريف علوي والملازم أول محمد القاضي والجنود أحمد حمدون وزين علي وعبد المقصود بتنفيذ عملية ضد القوات الإسرائيلية وكانت النتائج رائعة حيث تم تدمير الموقع الإسرائيلي الذي يضم عدد من المدافع عيار 155 ملي ( أبو جاموس ) .وتمت محاصرة مركز القيادة الإسرائيلي وفي التوقيت المحدد تم الهجوم عليه بسرية مشاة من جهة الغرب وأخرى من الشمال وفوجىء العدو بقواتنا الباسلة ودار القتال بالسلاح الأبيض وفر عدد كبير من الإسرائيليين تجاه الشرق فواصلنا قتالهم وتطهير المركز وإخلاء أجهزة الشوشرة والإعاقة والرادارات الأرضية وأجهزة الإنذار وفي الساعة الثالثة لفجر يوم 12 أكتوبر 1973م الموافق 16 رمضان 1393هـ تمكنا من الاستيلاء على مركز القيادة الإسرائيلي وحاول العدو دفع 30 دبابة لاسترداد مركز القيادة فتصدت له قواتنا الباسلة وتمكنت من تدمير 13 دبابة والحصول على 6 دبابات وهربت الدبابات الأخرى مذعورة وتم رفع العلم المصري على مركز القيادة معلنا سقوطه التام .
وسوم: العدد 645