عن البحيرات سألوني

د. محمد أبو زيد الفقي

في مصر العديد من  البحيرات يقع معظمها في نهاية دلتا مصر في الشمال  وهي مصدر للأسماك الجيدة، والرخيصة، لكن عندما توسد الأمر الجهال أضاعوا البحيرات، كيف؟

1-   بحيرة مريوط :

    كانت من البحيرات المشهورة بأسماكها الجيدة، وهى تصنع شبه هلال شرق مدينة الإسكندرية، كما كانت تكفي مدينة الإسكندرية ، وتصدِّر للخارج ، وللمحافظات المجاورة داخل مصر، إلا أنه منذ أربعين سنة ظهرت مشكلة الصرف الصحي في مدينة الإسكندرية، وظل الخبراء المصريون العظام أصحاب الماجستير والدكتوراه، يجتمعون لمدة عشرين عاما، مرة يخرجون علينا ببيان  عن الصرف في البحر، وأخرى عن الصرف في البر، وفى النهاية تم التعتيم علي هذا الموضوع ، واتجهت مواسير الصرف  الصحي إلي البحيرة الجميلة، فأحالتها إلي شبه بلاَّعة، أو بئر عميق للصرف الصحي، يضاف إلي ذلك أن المصانع في الإسكندرية، وما يقابلها علي شاطئ البحيرة الآخر في العامرية، بدأت تصرف مخلفاتها في البحيرة، ومن هنا قرر الخبراء والأطباء العالميون أن أسماك  هذه البحيرة لم تعد صالحة للاستهلاك الآدمي أو الحيواني  وأن من يأكل أسماك هذه البحيرة لابد أن يصاب بالسرطان وهو أمر حتمي.

 أما مسؤولو الغبرة عندنا فلم يهتز لهم جفن، لأنهم أجسام لا عقول لها، وبسببهم ضاعت بحيرة مريوط  إلي الأبد.

2-   بحيرة إدكو :

      تقع هذه البحيرة  جنوب مدينة إدكو في محافظة البحيرة، وتنتهي بعد قرية المعدِّية بالقرب من مدينة الإسكندرية وهي بالكامل داخل محافظة البحيرة، وربما سميت المحافظة باسم هذه البحيرة، فمساحتها كبيرة، وأسماكها جيدة، وهي مع البحر جعلت من مدينة إدكو مكانا توجد فيه كل الأسماك، وبأسعار في متناول الفقراء، لكن في فترة حكم الرئيس مبارك، فترة التملُّك عن طريق التأشيرات اقتطع أغنياء خبثاء، ورجال أعمال جبناء، مساحات كبيرة من هذه البحيرة، وحولوها  لمزارع خاصة، وأطعموا الأسماك فيها مخلفات محلات الجزارة والصرف الصحي، ولا تستطيع أن تقترب من سيارة تحمل هذه المخلفات لقذارة الرائحة  وشدتها.

 ومن ثم تحولت البحيرة إلي مصدر للسرطان بعد أن كانت مصدر للصحة والعافية.

3-   بحيرة البرلس:

تقع بالكامل في شمال محافظة كفر الشيخ، وتم تجفيف كثير من أراضيها للزراعة والبناء، كما تم استقطاع مساحات شاسعة منها لزراعة الأسماك في مزارع خاصة، تدر ربحا علي أصحابها، ولا علاقة لها بالفقراء، وجرب أصحاب هذه المزارع، كل أنواع الأعلاف، مثل ما حدث في بحيرة إدكو،

 و أصبحت الأسماك مصدرا جيدا للسرطان وحدث في هذه البحيرة شيء غريب هو تجفيف زرِّيعة الأسماك وتحويلها إلي مركزات لأعلاف الدواجن!

4-   بحيرة المنزلة:

  تقع شمال محافظة الدقهلية، وتصل إلي حدود محافظتي دمياط، وبورسعيد، وهذه البحيرة حدث فيها ماحدث في البحيرات الأخرى، إلا أنها تحولت فوق ذلك إلي : أوكار لبيع المخدرات الخارجة من البحر، ومأوى للخارجين علي القانون في كل أنحاء مصر، وأقام الحشاشون قصورا وفيلات وبيوتا فوق سطح البحيرة ونالها ما نال غيرها من البحيرات الشمالية.

وإذا علمنا أن  علف الدواجن مكون من نسب محددة من الذرة الصفراء وفول الصويا، يضاف إليه نسبة من مسحوق السمك المجفف، تسمى هذه النسبة

[ المركِّزات ] ، وهي أهم عنصر في الأعلاف، وكان أصحاب مصانع الأعلاف يستوردونها من دول أوروبا، وبعد زيادة سعر الدولار، ورغبة أصحاب مزارع الدواجن في أعلى سعر بأقل تكلفة  تفتَّق العقل المصري ــ عقل بعض العلماء والخبراء ــ الذين لا ينشطون إلا في الخراب، عن اكتشاف خطير، هو صيد الزرِّيعة ( زرِّيعة الأسماك) في البحيرات، وتجفيفها، وطحنها، وبيعها لمصانع المركزات، وانطلقت اللنشات الكبيرة العفيَّة في البحيرات  تجمع الزرِّيعة  بشباك ضيقة الفتحات، وقد عايشت هذه المشكلة مع أهالي البرلس، وهناك 16 لنشا لم تستطع المسطحات المائية، ولا الشرطة النشطة سياسياً، ولا أي جهة منعهم من هذا العمل، حتى قال بعض الخبثاء: إنهم واصلون إلي نخاع الدولة، ولا أحد يستطيع أن يمنعهم عن هذا العمل المجرم.

وبلغة الأرقام نكتشف التالي:

اللنش يصطاد في الرحلة الواحدة  000 250 مائتان وخمسين ألف زرِّيعة من 20:10 جرام  المتوسط 15 جرام

 5 – بحيرة البردويل:

                  وهي في سيناء الشمالية  تتصل بالبحر المتوسط، تدخلها الأسماك  وتتكاثر فيها طبيعي ، وأسماكها من أجود الأسماك في مصر الآن ، إلا أنها لم تجد علماء في الثروة السمكية اللذين صدَّعونا بكلماتهم، وانجازاتهم الوهمية.. لم تجد من يطورها ويقسمها إلي قواطع، ولم تجد من ينقل زرِّيعة الأسماك من البحر المتوسط ، عن طريق عمل خزان يمر منه ماءً مغايراً لماء البحيرة و أقل ملوحة، فهذا يجذب الزرِّيعة والأسماك إلي البحيرة بأعداد كثيرة.

 6 – بحيرة قارون:

         تقع في شمال غرب محافظة الفيوم، ويسميها أهل الفيوم [ البْركة ] .

وكانت  في الماضي تنتج عدة أطنان من الأسماك، وكان الماء يأتيها من ماء الصرف الزراعي، وما يفيض من بحر يوسف، من بعد مدينة سنورس، ولكن لما أقيمت عليها الاستراحات والفنادق الصغيرة، وتم إرسال الصرف الصحي إليها، وهو الصرف القادم من القرى والمدن، ماتت أسماك البحيرة  ولم تجد أحدا من خبراء الغبراء يدافع عنها.

هل عندك حل؟

سؤال يقذفك به أي مسؤول ملتصق بكرسيه، ولا يدري أن الحل كالتالي:

أ – قيام الدولة بإنشاء مفارخ سمكية ، لكل بحيرة حتى نذودها بالأسماك التي حرمت منها . وتكليف كل محافظة بإنشاء هذه المفارخ فوراً  وبحسم لأن هذه البحيرات لم تعد تنتج إلا من 2:1 طن ،  من واحد إلي اثنين طن في اليوم ، وكانت قبل ذلك تنتج 30:20 طن من عشرين إلي ثلاثين طن في اليوم .

 ب ــ  علي الدولة القيام بإجراءات حاسمة لمنع أصحاب اللنشات من ممارسة صيد الزرِّيعة  وتجفيفها و طحنها لعمل مركزات لأعلاف الدواجن، وطردهم من البحيرة مهما كانت علاقتهم بمجموعات الفساد في الدولة  لأن ما نتحدث عنه مستقبل الحياة علي أرض مصر ، وليست مسألة ترفيهية .

 جــ  ــ استنهاض همم أصحاب التخصصات في زراعة الأسماك ، الذين أشك أنهم لم يزرعوا  سمكة واحدة للوطن  وإنما يعملون في المزارع الخاصة عند رجال الأعمال ، وهذه المزارع تزرع الموت مع الأسماك في وقت واحد.

وسوم: العدد 646