دوافع و مزايا التجويع كسلاح في الحروب!

معظم الناس الذين يمارسون التعذيب أو الأعمال القذرة كالحصار حتى  التجويع الجماعي للأبرياء, ليسوا بأشخاص مرضى نفسيين و ليسوا كذلك بساديين لديهم اضطراب نفسي خطير! الأسباب ليستْ مرضية طبية نفسية , بل الاسباب أساسا هي ثقافية اجتماعية وليدة البيئة و التربية.

فالشخص العنصري في مجتمع عنصري يعد طبيعيا و قد يحظى باحترام و تقدير و يكون زعيم ذو هيبة و تقدير ! و هذا ادانة ليس للعنصري فقط بل للمجتمع و الثقافة التي نشأ فيها هذا الشخص! التشفّي أو سكوت الغالبية العظمى من المجتمعات الحاضنة لحزب الله و النظام السوري الاسدي عن حصار مضايا و تجويع أهلها حتّى الموت, و من قبلها تشفّيهم أو سكوتهم عن مجزرة الكيماوي في الغوطة آب 2013م  أو مجزرة الحولة قبلها على سبيل المثال لا الحصر , هو ادانة لثقافة انغلاقيه و عنصرية تهيمن على هذه المجتمعات!  عقب حدوث مجزرة صبرا و شاتيلا 1982 في لبنان حدثت مظاهرات تل ابيب ضمتْ عشرات الالاف من الإسرائيليين و تم تشكيل لجنة تحقيق عليا من قبل الكنيستْ الإسرائيلي, بالتأكيد إنّ هذا لا يقلل او يلغي المسؤولية الجنائية و الاخلاقية على الجيش الاسرائيلي و قادة اسرائيل آنذاك و لكنه يعطي مؤشر على حيوية كامنة في المجتمع الاسرائيلي, و كذلك الامر عقب هجمات 11 أيلول 2001م  الارهابية حيث لم نجد مظاهرات أو تعبيرات شعبية مهمّة مستنكرة لها في العالم الاسلامي!                                                                               الأغلبية العظمى من الذين يقومون بالتعذيب و الاعمال القذرة في الحروب  يكونون  أشخاصا طبيعيين ,عاديين جداً من مختلف الثقافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكنهم يخضعون للسلطة في وقت ما،  وتجربة زيمباردو في  سجن ستانفورد1971م تدعم هذا الاستنتاج ، فالقائمين على هذه التجربة خلصوا إلى أن عمليات التعذيب قد يقوم بها أناس عاديين في ظل نظام أيديولوجي يحظى بدعم مؤسساتي و اجتماعي فاعل.

*نقترح ما يلي كأسباب تدفع القادة السياسيين و العسكرين لاستخدام التجويع الجماعي كسلاح في الحروب:                                                                     أولا- الحصار مع التجويع الجماعي هو إحدى الاستراتيجيات المستخدمة في الحروب لضمان استسلام و اخضاع الخصوم. و قد كان هذا شائعا في  العصور القديمة  أكثر, و لم يمارس بشكل كبير عقب الحرب العالمية الاولى و الثانية ( حصار ليننيغراد من 1941-1944) إلا في سياق الثورة/ الحرب السورية.

ثانيا- عقاب جماعي للمجتمع الحاضن للمقاتلين , بغية الضغط عليهم أخلاقيا للاستسلام أو قبول صفقة لخروجهم كما حدث في الوعر و احياء حمص القديمة مثلا. و هنا يوجد واجب اخلاقي على جميع الاطراف, على  قوات المعارضة و الثوار أولا بتجنيب المدنيين ويلات الصراع, ولا يكفي القول أنّ النظام  الاسدي هو السبب!! دون أن ينقص من وزره شيئا.

ثالثا- ارسال رسالة الى المقاتلين الآخرين و المجتمعات الحاضنة الاخرى بأن مصيرهم سيكون مثلهم, و الاعلام يلعب دور مزدوج في ذلك : دور فاضح لجريمة التعذيب – دور ايصال رسالة تخويف للناس بان يجابهوا نفس المصير.

رابعا- الرغبة في ابادة الآخر المختلف , و هذه سمة الحروب الاهلية و الطائفية الدينية, التي تترافق بفرز عامودي و هوياتي في المجتمع.

خامسا- الطرف المحاصِر سواء اكان حزب الله , او الجيش الاسدي (على مستوى القيادات النافذة)  كذلك من لون طائفي واحد. بينما المحاصَرين في مضايا ينتمون الى لون طائفي واحد مختلف! لذلك ما حدث في مضايا هو جريمة ذات بعد طائفي بامتياز!

*مزايا استخدام سلاح التجويع:

أولا- سلاح  التجويع قديم ولا يحتاج لتقنية عالية أو ذخيرة حية, فقط يحتاج لتفكير شيطاني و الحضيض الاخلاقي .

ثانيا- سلاح التجويع  يقتل الناس خلسة ببطيء , لا يثير في العادة قلقا أو ارتكاسا دوليا حادا ضدّهُ! فما بالك بعالم بلا ضمير!

ثالثا- سلاح التجويع لا يتمتع بمشهديّة الموت على الطريقة الداعشية : الذبح بالسكين مثلا- او التعليق على الرافعات و الصلب على اعمدة الكهرباء و في الساحات  – او حتى الموت بالأسلحة الكيماوية و تحت الانقاض على الطريقة الاسدية.

وسوم: العدد 650