أهي ثورة أم دولة ..؟
تشهد الساحات الفكرية الدينية منها والثقافية حالة من الحراك الجدلي الذي يبلغ أحياناً مبلغ المراء والمماحكة..وذلك بشأن الحالة الإيرانية الجارية..أهي حالة ثورة أم دولة..؟وبتقديري وباختصار شديد أن إيران اليوم حالة كيان ثوري يجمع بين الثورة والدولة..شأنها في ذلك شأن الكيان الإسرائيلي..فكلاهما كيانان انتقاليان يسعيان إلى تحقيق غايتهما الاستراتجية الكبرى..فالحكم الإيراني صيغة من السلطة أُطلق عليها ما أسميه:(دولة كيان ثوري انتقالي) فهي صيغة كيان استثنائي في المسيرة البشرية يجمع بين الثورة والدولة..فإيران بكل تأكيد كيان يمتلك العناصر الأساس لهيكلية الدولة بالعرف السياسي الدولي..إلا أنها تتصرف بوسائلها وأدواتها وثقافتها وسلوكها ومعاييرها بصفتها كيان دولة ثورية انتقالية..إنها ثورة بقبعة سياسية مستعارة إلى حين..إنها دولة ثورية انتقالية تسعى لترتيب أوضاعها داخلياً وإقليمياً ودولياً جغرافياً واجتماعياً ودينياً وثقافياً وعرقياً بما ييسر لهم إقامة وتحقيق مشروعهم الاستراتيجي الكبير..المشروع الذي يجسد تطلعهم الأقدس المتمثل باستعادة الأمجاد الفارسية المندثرة من خلال إحياء الامبراطورية الفارسية وتجديد دورها الحضاري العريق..فهي حالة تتماثل تماماً مع الكيان الصهيوني الانتقالي الذي يسعى لتحقيق الكيان الصهيوني الكبير..فلاهما إيران وإسرائيل كيانان انتقاليان حليفان يسعيا لإقامة أهدافهما الاستراتيجية الكبرى(الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الصهيونية)وذلك على أنقاض الامبراطورية العربية الإسلامية التي أقامها العرب بقوة الإسلام بعد أن دحرا القطبين الدوليين المهيمنين إذاك على العالم القديم(الفرس والروم) وحكموا العالم (بقطبية أحادية) ما يقرب من أحد عشر قرناً من الزمان..واليوم يريدان عبر تحالف (صهيوني - فارسي) إعادة ترسيم العالم من جديد على حساب الامبراطورية الباغية بزعمهم(امبراطورية الإسلام) وذلك وفق خطط شطرنجية دقيقة رهيبة وخطيرة..أعدوها بمهارة وإتقان وعمق حيث أدخلوا في خدمة مشاريعهم المدمرة شرائح من أبناء جلدتنا..هاهم اليوم يُنفذون بإخلاص غبي وحماقات معممة أهداف التحالف الصهيوني - الفارسي..وهم يرفعون زوراً وبطلاناً المصحف والسنة النبوية منهاجاً لهم..وهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وقيمه ورسالته الربانية الإنسانية السامية..بل هم سبةٌ وعارٌ في جبين أمتنا يَذبحون ويُدمرون باسم الله وباسم رسول الله على عين وتشجيع ودعم ممن صنعوهم ويمدونهم بكل وسائل القوة والتدمير والتفوق على عدوهم المشترك..وتحطيم كياناته وإزالتها وطمس هويتها الدينية والقومية والحضارية..ألا وهو إسقاط مكة المكرمة(لا سمح الله) وإزالة قبلة المسلمين(الصندوق الأسود) كما عبر منذ أيام أحد أكابر مجرميهم أخرس الله لسانه..وشلَّ بدنه..وفتت عظامه..ومسخه ليكون عبرة للناس أجمعين..ونكَّس الله رايات أسياده وهدَّم أصنام طواغيتهم الحاضرين منهم والغائبين المزعومين..الذين يعبدهم ويقدسونهم من دون الله جلَّ جلاله..والأمر فيه تفصيل وتفصيل مرعب لا يتسع له المقام..والله المستعان وهو سبحانه غالب على أمر .
وسوم: العدد 652