الأمم الكبرى بصغائر السلوك
صباح هذا اليوم وأنا أتناول قهوة الصباح رفقة الأبناء، إذ بصاحب حصة عبرNational Geographic Abu Dhabi، يستنكر على المجتمع الأوربي، الذين لايرمون فضلات في السلة المخصصة للزجاج والبلاستيك، ويرمون فضلاتهم في السلة العامة.
يلتفت الأب لأبنائه قائلا.. لاحظوا المستوى العالي الذي وصلوا إليه، لم يعد لديهم مشكل رمي الفضلات في الطرقات العامة، فذاك ملف أقفل نهائيا ولن يعودوا إليه، وهم الآن يرفعون المستوى ويحثون الناس على رمي الفضلات في سلة مهملات خاصة بذلك.
ومنذ قليل أدخل الجامعة، فأجد الأوراق الكثيرة تغطي الساحة، لكون طلبة الجامعة يستعملون الأوراق كبساط يجلسون عليه، ثم يتركونه وراءهم بعدما ينفض الجمع، فتعبث به الرياح، ويشوه المنظر، وتعلو الأوساخ في أعز الأماكن وأطهرها.
وصباح اليوم يدخل مكتبي أستاذ جامعي، فيتم التطرق للموضوع يتعلق بنفس السياق، فأقول له..
ماذا يضير الأستاذ لو طلب من تلامذته أن يرموا فضلاتهم في سلة المهملات؟. ماذا يضير الأستاذ لو طلب من كل تلميذ أن يرفع عن الأرض الورقة التي تحت الطاولة، ليرميها في سلة المهملات؟.
أتذكر جيدا حين كنت في كلية الاقتصاد ، وفيما بعد بكلية الهندسة المعمارية، فطرحت مثل هذا الرأي، بالاضافة إلى الحرص على النظافة من طرف المنظفات، إذ بالمسؤولين يغتاظون ويحذرونني إذا كررت مثل هذا الرأي الفاعل.
يحتاج رقي المجتمع والرفع من مستوى الرقي إلى بعض السلوكات البسيطة السهلة والدائمة..
كعدم رمي الفضلات في الطرقات العامة ووضعها في المكان المخصص لها. وهذه السلوكات يتربى عليها المرء في البداية وبين أفراد الأسرة، كأن يغسل الطفل فنجان القهوة أو صحن الغداء، ويرتب سريره، ويضع أدواته المدرسية في مكانها المخصص لها.
وحين يدخل الروضة والتحضيري والابتدائي، يتعلم من أستاذه تنظيف الطاولة التي يجلس فيها، والحرص على نظافة الكراس، وترتيب المحفظة، ورمي الفضلات في سلة المهملات الكائنة بالقسم أو الساحة، لينتقل بعدها لتزيين القسم بما استطاع، رفقة زملائه وبإشراف من أستاذه.
فينمو معه حب النظام واحترام النظافة، وهو في المسجد، والملعب، والجامعة، وبين الجيران، ويحين يكون مسؤولا ، وزوجا، وأبا. فيسهل عليه القيام بالسلوك الحسن وبأقل جهد وفي أسرع وقت، ودون عناء ولا تكلفة، وبشكل يومي ومستمر، لينتقل بعدها إلى الأبناء والأحفاد، بالقدوة وبنفس السلاسة والإتقان.
وسوم: العدد 653