(اُوفى من غراتس)..
رسول السلام وسندباد البحر والمغامرات في زمن ولت المغامرات
5 سنوات في البحر بقاربه الشراعي القديم ومن بلاد الى بلاد لنشر السلام في العالم من دون قرش واحد برفقة كلبه
عزفه على قيثارته في جزيرة سردينيا انقذه من موت اكيد وحديث خاص لصوت الآخر:
في احدى امسيات الصيف وفي المدينة القديمة غراتس النمساوية شدني الانتباه الى شخصية غريبة وفريدة من نوعها،رجل بملابس بيضاء وذو لحية طويلة وقد حلق جانبا منها وترك الجانب الاخر بحرية ومعه عجلة بلون الذهب وسبيكة ذهبية تقليد في سلة العجلة وشئ يعجز الوصف وطبق فضائي مكتوب عليه (فقط السلام حول العالم) ، ناقوس صغير معلق بالطبق الفضائي والريات البيض ترفرف فوق العجلة ،وهذه العجلة من صنعه الشخصي ..!! اقتربت منه لاحدثه واذا به شخصية لطيفة ويحمل خزينا من الحب والسلام لنشره في العالم وقدمت له نفسي وتعرفت عليه واذا به مغامر كبير في زمن ولت فيه المغامرات وحكايات السندباد واشتقت لاحاديثه ولذلك جلسنا في احدى اركان المدينة القديمة وفي مطعم شرقي يملكه شاعر كوردي من شمال كوردستان.
محور الحديث كان السلام وحين سالته ماذا يعني لك اللون الذهبي وسبيكة الذهب الاستنساخ في سلة عجلتك الهوائية فاجاب بان النقود والذهب ليس هما كل شئ في هذه الحياة وحين اجوع فلن اقدر ان اقضم سبيكة الذهب والبعض يتصور بان الخبز لا قيمة له في حياتنا وما يهمهم سوى الذهب والمال..!! وحول ملابسه البيضاء فاجاب بانها ترمز الى السلام واللون الذهبي كان يرمز الى قاربي الذهبي وملابسي البيضاء الى شراع قاربي الابيض ـ رمز السلام.
الرحال ورسول السلام في العالم (اوفى من غراتس) قال بان فكرة نشر السلام والتسامح ولدت عنده ونضجت بسرعة فائقة عام 2000 ولكن الانطلاقة كانت عام 2001 .انطلق رسول السلام برسالته لينشر السلام والتسامح من فرنسا وبالاخص من سواحل مرسيليا،حيث اشترى قارباً قديماً ورممه وصبغه باللون الذهبي ولتبدأ رحلة السندباد البحري الباحث لنشر السلام في العالم وبدورها كانت اول رحلة له وفي السواحل الفرنسية لم تتصور الناس ان كان هذا الرجل عاقلا ام مجنوناً واتخذ دربه صوب كورسيكا وحذره الناس بان جنهم تنتظره وهم يقصدون الانواء الجوية السيئة ولكنه قالها مع نفسه:ان لم اقدر على الوصول الى سواحل كورسيكا فكيف بوسعي ان اسافر العالم؟؟
انطلقت رحلته من مرسيليا في 1 مارس 2001 حيث كانت الاجواء الجوية سيئة للغاية في البحر ووقتها فهم قصد البحارة حين قالوا بان جهنم تنتظره..!! ولكن حسب قوله بان جهنم كانت له الجنة وهو لايخشى الموت وعاش لايام مع الامواج العاتية وكانه في الجنة وفي عرض البحر وحريته وقال بان الله يرسل الحياة والموت .صاحبه في هذه الرحلة كلبه البالغ من العمر 5 اعوام، في الليل كان يسد باب كابينته في القارب وهو في عرض البحر وينام رغم الامواج العاتية ويترك امره لله بما ينتظره..!!سلام من نوع خاص وسندباد غريب من دون خرائط سفر بل اعتمد على بوصلة وخرائط الشوارع النمساوية وبحيث قلَبَ خرائط الشوارع ليحصل على خرائط البحر وببوصلته الصغيرة القديمة وصل الى هدفه في كورسيكا وقدم اليه خفر السواحل ان كان يعرف اين هو الان؟؟ واستمرت الرحلة الى سردينيا والغريب في سردينيا دعاه احدهم الى داره للعشاء وهناك اخبره صاحب الدار بانه سيقتله وهدفه في الحياة بان يقتل انسانا غريبا الاطوار وانت هو من ابحث عنه وقال له الضيف ساعزف لك قليلا على القيثارة قبل قتلي ولكن عزفه كان محل اعجاب لصاحب الدار وتركه في حال سبيله وقال له بان قيثارتك انقذتك من الموت ، فالموسيقى تحرر الانسان.وبعدها استمرت الرحلة الى صقلية وللعلم بانه وصل الى صقلية فقط معتمداً على الريح والشراع وله ماطور عاطل في القارب.
وفي قرية( باتي) وهي قرية الصيادين يتم تصليح ماطور قاربه والشئ العجيب الذي اخبرني به بانه في هذه القرية راى فوق قاربه القوس قزح على شكل دائري وتحدث مع السماء في هذه اللحظات بانه لا يريد اكثر مما راه اليوم من جمال القوس قزح الدائري والعجيب..اتجه بعدها الى البانيا حيث اختارت الريح والقارب الهدف وانطلق الى السواحل الالبانية واستقبل برجال مدججين بالاسلحة ولكنهم تركوه وبعدها صوب كرواتيا والجبل الاسود وسلوفينيا والعودة الى ايطاليا ثانية ومنها الى اليونان وجزر كورفو وكريت و رودوس ومنها الى جنوب قبرص والى شمالها ومنها الى تركيا ومن ثم الى سوريا والدخول الى لبنان بقاربه والرحلة كلها بحرا ومنها الى اسرائيل وللعلم انه الانسان الوحيد الذي تمكن السفر بالبحر وبقاربه من لبنان الى اسرائيل وقبض عليه رجال الجيش الاسرائيلي وامروه بمغادرة اسرائيل ومن خارج الدولة الاتصال للحصول على الموافقة للدخول وبعد الموافقة يدخل حيفا واخبرهم بانه جاء يجلب السلام للفلسطينين والاسرائيليين وعلى الجميع ان يعيش بسلام..!! في البلدان التي يصلها حيث الاعلام والتلفزيون يلهثون وراء هذا الرجل الغريب لاجراء المقابلات واللقاءات ولما يحمل من اسلوب شيق وهدف نبيل ولكن في اسرائيل لم يسمحوا له بلقاء الاعلاميين وبعدها يسافر الى مصر والى الاسكندرية وظل في مصر 18 شهرا وهو في مهمة نشر السلام والتسامح حول العالم.
قارب رسول السلام (اوفى) كان طوله 12 مترا وفيه كابينة نوم واستمرت رحلته مابين 4 و 5 سنوات وكلها في البحر تقريبا وحين انطلق من فرنسا لم يكن في جيبه قرشا واحدا واستمرت الرحلة من دون مادة وقال لي بان المسيرة ستستمر وساجلب السلام للعالم والان اجوب مدينة غراتس بعجلتي وانشر السلام فيها وقال لن نعثر على السلام طالما كانت هناك معامل اسلحة وتجار حروب وعدم احترام الشعوب قراراتها واحترام الاخر..ربما يتصور البعض بانه رجل غريب الاطوار ولكنه رسول سلام وقال بان السلام هو الدرب الوحيد الذي نلتقي فيه..
يتردد رسول السلام على مطعم شرقي يملكه شاعر كوردي من شمال كوردستان اسمه (حاجكو بريفان) وقال عن زبونه الدائمي بانه مجذب ومبهر وما يقدمه هذا الرجل يحتاج الى قلب كبير كي قوم بمشروعه الانساني الرائع الذي يربط العالم ببعضه وهو يعشق الحرية والسلام والامان وليس بمقدور كل واحد ان يقوم بهذا العمل.
وقبل ان اودعه قال لي اتمنى ان يعم السلام كوردستان وتتحد كل اقسامه ببعضه فلقد عانى الشعب الكوردي طوال تاريخه وقال اتمنى ان نعلم اطفالنا على السلام،لا على حمل البنادق وحتى ان كانت لعبة فلا شئ سيظل في روح الانسان خالدا غير السلام ونتعلم جميعا عشق الارض والتسامح مع الاخرين واخيرا ما سيظل (فقط السلام حول العالم)..!!
وسوم: العدد 655