من جنيف1 إلى جنيف3 وبالعكس

د. محمد أحمد الزعبي

في لقاء إعلامي مساءأمس(الخميس 18.02.2016)  استمعت عبر التلفاز إلى  المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات ، التي انبثقت عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية  في  العاشر من ديسمبر 2015  ، الأخ رياض حجاب ،  في لقاء أجراه  معه أحد الإعلاميين  في إحدى الفضائيات  .  لقد لفت نظري في تلك المقابلة أحد أجوبة الأخ حجاب على أحد الأسئلة حول إمكانية ذهاب وفد المعارضة إلى جنيف يوم 25.02.2016 ، حيث قال بما هو مسؤول كبير في وفد المعارضة السورية  و بصورة جازمة وحاسمة " إذا ذهبنا إلى جنيف 3 بتاريخ 25 فبراير، فسنذهب لمناقشة موضوع واحد فقط هو تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحية ، ووضع حد نهائي لنظام بشار الاسد ، وإلاّ فسنغادر جنيف في اليوم التالي " . ومن الواضح أن صيغة الجزم التي أورد فيها هذا المسؤول الكبير  هذه الإجابة على أحد الأسئلة التي وجهت إليه  ، كانت تشير  - حسب تقديري الخاص - إلى أمرين اثنين ، الأول هو أن المفاوضين ذاهبون إلى جنيف في  الموعد المحدد  بالتأكيد ( أي دون الحاجة إلى  ذلك التحفظ الذي حملته إذا الظرفية الشرطية في إجابته أعلاه )  ، والثاني هو  أن أمر هذه المشاركة قد تم الاتفاق عليه  ، أيضاً ـ حسب تقديري الخاص ـ بين  لجنتي المفاوضات ( الكبرى والصغرى ) من جهة ،  وبين كل من الرياض وواشنطن والأمين العام للأمم المتحدة ،  من جهة أخرى . أي أن وجبة دسمة من الأكاذيب قد قدمت لهذه المعارضة ، لكي تقتنع بالذها ب إلى جنيف في 25 فبراير.أو ربما في موعد آخر تحدده روسيا وأمريكا .

إن ماأرغب أن أشير إليه هنا  ، ويسمعه مني الأخ رياض حجاب وفريقه التفاوضي ، ومع كل الإحترم للجميع  ، هو أنه إذا كان طريق جهنم - كما قال لينين - مفروشاً بالنوايا الحسنة ، فإن طريقجنيفات ١،٢،٣ كان ــ وفق رؤيتي الخاصة مرة ثالثة ــ دائماً مفروشاً بالكذب  ، والذي هو ( أي الكذب ) الأخ غير الشقيق  للتآمر ، ولكن سرهذا التآمرأو هذا الكذب لابد وأن يظل مخفياً عن أصحاب النوايا الحسنة من المعارضة السورية و الذين  لم يستطيعوا  ــ مع الأسف الشديد ــ حتى بعد مرور خمس سنوات على الثورة السورية ، أن يحددوا عدو هذه الثورة من صديقها !! ، أوالكذب من الصدق  فيما يقوله أو يفعله المعنيون ( شكلاً)  بأمر هذه الثورة   .

 إذهبوا  أيها الإخوة إلى جنيف ٣ ( الله معاكم )  ، ولكن حذار من نسيان  مئات آلاف الشهداء  الذين قدمهم شعبكم السوري في البر والبحر على مذبح هذه الثورة  ، ومن أجل هدفها المشروع والمعلن، والذي تعرفونه جيداً ألا وهو  : الحرية والكرامة  ولمن لايعلم ، فإن الحرية تنطوي على  كل من مبادئ  المواطنة ، والديموقراطية و حقوق الإنسان و بما في ذلك  حق أبناء كافة  المناطق المحاصرة  في سوريا  ،  بكسرة  خبز وشربة ماء ،  كي لا يموتوا جوعا وعطشاً . وأيضاً حق سجناء  " الرأي الآخر " ولاسيما من النساء والأطفال  في الحرية . وفي  ألاّ يموتوا تحت التعذيب  في سجون بشار الأسد .

لا جناح عليكم أيها الإخوة ، اذهبوا إلى جنيف ، ولكن لتكونوا على يقين من أن الحد الأدنى الذي ينتظره الشعب العربي السوري ،شعب ملايين الشهداء والسجناء والمهجرين والمفقودين والنازحين والفارين والمشردين والجوعى والعطاش  ، منكم  ، هو  : سورية  حرة ديموقراطية  خالية من  كل من تلطخت أيديهم  بصورة مباشرة أو غير مباشرة بدماء أبنائه وبناته أوبدم أمهات وآباء هؤلاء الأبناء والبنات وعلى رأسهم كبيرهم الرئيس الوريث مجرم الحرب بشار الأسد .

اذهبوا إلى جنيف أيها الإخوة ، فالحوار بين المختلفين أمر مشروع بل وضروري ، ولكن المطلوب ألاّ تنسيكم جنيف ديمستورا (جنيف 3)  جنيف كوفي عنان( جنيف١)  علماً أن الفارق بين الجنيفينإنما يمثل تطبيقياً الفارق بين مرحلة ماقبل سوخوي بوتين  وما بعدها ، وأيضاً  مرحلة ماقبل مصافحات وابتسامات جون كيري ولافروف وما بعدها .وتذكروا أنه إذا كان من يجلس أمامكم فوق طاولة المفاوضات هونظرياً وفد بشار الأسد  ، فإن بوتين والخامنئي وحسن نصر الله  إنما يجلسون مع هذا الوفد أيضاً، ولكن تحت الطاولة وليس فوقها . أما أنتم  فإن من يجلس معكم على طاولة الحوار، هي قيم الحق والعدل ، القيم التي من أجلها اندلعت ثورة الحرية والكرامة عام 2011 ، والتي هي قيم السماء قبل أن تكون  قيم الأرض.

" ولا تهنوا ولا  تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "   ( أل عمران 139 ) .

وسوم: العدد 656