حروب الشطرنج- 1

د. حامد بن أحمد الرفاعي

قال المتنبي:"الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ...هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني"وقيل في الأمثال:"عدو عاقل خير من صديق أحمق"بكل تأكيد صاحب العقل الحصيف والفطنة والرأي السديد والخبرة والمهارة..يبقى الأظهر والأقوى في كل ميادين التدافع  البشري على تنوع مقاصدها وغاياتها..والتاريخ في ماضيه وحاضره ومعترك الحياة اليومي يؤكد لنا ذلك ويصدقه..مع نهاية الحروب العالمية الطاحنة(الأولى والثانية والباردة من بعدهما)..تنبه جنرالات الحروب والقتال والدمار..وأيقن صناع قرارات سياسة التناطح بين الأمم..أنهم ماضون بالاتجاه الخطأ فلا مبرر لخوض حروب طاحنة مكلفة..لا بد من نظرية أخرى أقل تكلفة لتحقيق أهدافهم..فكتب أحدهم عن نظرية(نصر بلا حرب) والتقط أحدهم الخيط فابتكر نظرية (اقتلوهم بأيديهم)..وتلقفت مراكز البحوث والدراسات في الغرب والشرق الفكرة..وعكف باحثون على تعميق فلسفتها من أجل صناعة نظرية جديدة للصراع مع الأعداء..فتقرر ابتكار هدف عالمي غير محدد للصراع..يتيح لكل جهة تفسيره على نحو يخدم أغراضها وغاياتها..فنحتوا مصطلح الإرهاب وتركوه عائم المعنى والهوية..يحددونه كما يشاءون وينسبونه لمن يشاءون..وبدأت مسرحيات صناعة التماكر في تحديد من الإرهابي..؟وإقامة التحالفات لمحاربته والقضاء عليه..وأحسب أن حليفين إقليميين لهما خصومة وثارات قديمة مع العرب والمسلمين..هما  المعنيان بمهمة التكايد الأخطر..فهما يمارسان لعبة حروب شطرنجية متقنة متتالية..تنطلق من أن ثقافة المسلمين السنة هي مصدر الإرهاب وأنهم العدو الأخطر للعالم..ومن حين لآخر يقدمون لعبة شطرنجية ميدانية تؤكد ما يدعون..بدؤوا بصناعة حركة جهيمان واحتلال الحرم المكي..وطوروا مهارتهم فكانت ظاهرة القاعدة وأسطورة 11 أيلول (غزوة مانهاتن..!!!كما يعبر بعض الحمقى)ومضوا في تطوير مكائدهم فوظفوا حماقات صدام - يرحمه الله تعالى- فصنعوا وهم خطورته التكنولوجية الشاملة..فغزوا العراق وفتحوا أكبر ساحة لصناعة الإرهاب وتطوير مناهجه في التاريخ..وكرروا استنساخ طالبان بطباعة جديد مطورة ومنقحة(داعش)فهي اليوم القوة العظمى ! التي يحار المجتمع الدولي في كيفية لجم شرورها والحد من مخاطرها..وأعلن الإمبراطور الأمريكي بنفس منكسرة:"أن الإدارة الأميركية ليس لديها استراتيجية لمواجهة داعش!"لِمَ..؟أعجزٌ هو..؟أم أن اللعبةَ لم تستكمل أشرا طها بعد..؟بكل تأكيد الثانية أرجح فالقادم بركان مدمر أخطر..والأمل بعد الله  تعالى بفارس العزم والحزم سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وقائد التحالف العسكري الإسلامي في تحقيق الآمال..وتصحيح المشهد العالمي العابث المرعب..والله المستعان وهو سبحانه غالب على أمره.

وسوم: العدد 657