بئس الانتصار الإيراني والروسي في سوريا

يكثر عباقرة المحللين السياسيين والعسكريين المعادين لثورة الشعب السوري القول بأن العرب والأتراك قد خسروا معركتهم في سوريا، ويتساءلون هل سوف يعترف العرب والأتراك بالهزيمة في سوريا، وآخرون يتساءلون كيف للسعودية أو لتركيا أن تخرج من المأزق الذي دخلوا فيه بعد التدخل الروسي في سوريا، ويدعون أنه كان للأتراك مطامع في سوريا، ويحلو للبعض أن يقولوا إن الخسارة العربية والتركية في سوريا قابلها انتصار ايراني وروسي والمحور الذي تقوده إيران من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان وغيرها.

ولا شك أن مثل هذه الأقوال تعبر عن حالة سقوط أخلاقي كبير، وسوء تفكير سياسي أكبر:

فهل كانت المطالب العادلة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية والاصلاح والعدالة الاجتماعية، عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية في في بداية 2011 وفي سياق ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها، هل كانت تستوجب حرب خمس سنوات مهلكة للشعب السوري، تقتل أبناءه، وتنتهك حرماته، وتشرد اطفاله، وتفتيت مجتمعه، وتدمر اقتصاده!

هل كانت المطالب العادلة للشعب السوري تستوجب قتل اكثر من نصف مليون سوري وتشريد نصف الشعب السوري خارج بلاده، على أيدي الأجهزة الأمنية وشبيحة الأسد، من أجل بقاء بشار الأسد وحزبه في السلطة!

هل كانت المطالب العادلة للشعب السوري تستوجب ان تسنفر ايران جيشها وحرسها الثوري وإعلامها الرسمي للحرب في سوريا، وقتل أبناء الشعب السوري في حقد طائفي ما كان له ان ينكشف وينفضح امام العرب والعالم الإسلامي إلا بما قامت به إيران من مجازر وجرائم وحرب كيماوية في سوريا، لمجرد أن بشار الأسد واسرته من حلف ايران الطائفي!

هل كانت المطالب العادلة للشعب السوري تستوجب أن يدخل حزب الله اللبناني الحرب في سوريا، ويحرف بوصلة قتاله للعدو الإسرائيلي إلى قتال السوريين والعرب والمسلمين، فيقتل شباب حزبه وشباب لبنان والعرب في حرب طائفية وظالمة وباطلة!

هل كانت المطالب العادلة لشعب السوري تستوجب أن يتدخل في الشأن السوري كل من له عداء وثأر لقتل الشعب السوري بحجة دفاعه عن بشار الأسد، أو دفاعه عن محور المقاومة الذي مات في تموز عام 2006، باتفاق وقف إطلاق نار أو هدنة لا يختلف عن اتفاق الهدنة عام 1973 مع حافظ الأسد لحماية الكيان الصهيوني منذ ذلك الحين.

هل كانت المطالب العادلة للشعب السوري تستوجب أن تتحول سوريا إلى حرب إقليمية، بدأتها واستغلتها القيادة الايرانية المتهورة بدافع تصدير عقائدها الطائفية وحربها القبورية!

هل كانت المطالب العادلة للشعب السورية تستوجب أن تقوم القيادة الإيرانية بالمتاجرة بها مع أمريكا والغرب في صراعها حول ملفها النووي، حتى اضطرت إيران للاستسلام بضغط خسارتها للحرب في سوريا، بعد أن منحتها أمريكا أربع سنوات للقضاء على الثورة السورية فعجزت عن ذلك، فأداها إلى التخلي عن مشروعها النووي والاستسلام فيه!

هل كانت المطالب العادلة للشعب السوري تستوجب أن تستنصر إيران (مدعية الثورة الاسلامية)، أن تستنصر بروسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفيتي الشيوعي الملحد، وكنيستها الأرثوذكسية الحاقدة على السوريين والعرب والمسلمين، بعد أن خسر الحرس الثوري الإيراني وميليشياته العربية والاعجمية معركته الظالمة في سوريا!

هذه بعض الأسئلة لمن لا يفكرون بعقولهم ولا بقلوبهم، التي من المفترض أن تكون مسلمة مؤمنة، ولكنها وتحت ضغوط الحقد الطائفي تخلت عن عقلها، وارتكبت أكبر الجرائم ضد مسلمين مثلهم، ولا حجة لهم إلا أوهام الحرب الكونية، والافتراء على الشعب السوري بأن ثورته من الخارج وليس من الداخل، أو أنها تكفيرية وإرهابية، بينما الجهات الخارجة المساندة للثورة السورية  لم تتدخل إلا بعد السنة الأولى من الاحتجاجات الشعبية، وبعد أن تحولت الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات الوطنية إلى ثورة مسلحة، دفاعاً عن نفسها وأعراضها وبيوتها ضد شبيحة الأسد، الذين اختفى اسمهم وفعلهم باسم الشبيحة بعد تدخل الميليشيات الطائفية الإيرانية والعراقية واللبنانية وغيرها، بإمرأة حليف أمريكا في احتلال العراق الجنرال قاسم سليماني، الذي بعد أن حالف الجيش الأمريكي لأكثر من عشر سنوات في احتلال العراق وتدميره وقتل أهله، أتى بالجيش الروسي لنفس الأهداف في تدمير سوريا وقتل أهلها، بعد أن خسر الكثير من حرسه الإيراني الطائفي في سوريا، وقد يفعلها قريباً في اليمن أيضاً، فالأنباء تتحدث عن تحالف إيراني روسي للتدخل في اليمن لصالح الحوثيين، وهذا غير مستبعد، فالإيرانيون قد استحلوا دماء المسلمين في كل مكان، في عداء طائفي لم يعرف التاريخ الإسلامي له مثيلاً.

فهل ما قامت به إيران في تورطها في سوريا ودفاعها عن بشار الأسد وقتلها للشعب السوري بهذا القدر الإجرامي وحروب الإبادة البشرية يعتبر انتصاراً؟

هل إيران التي قتلت نصف مليون سوري وشردت نصف سكان سوريا من ديارهم في أكبر مأساة إنسانية في التاريخ الحديث انتصرت في سوريا؟

لو فعلت إسرائيل ذلك بالسوريين، لكان ذلك مفهوما وإن كان قاسيا ومؤلماً، فكيف إذا فعلت ذلك دولة تدعي أنها جمهورية إسلامية، وتدعي أنها تقود ثورة، تتمثل فيها الرحمة على الأمريكيين والروس والأوروبيين، بينما هم أشداء على المسلمين والمؤمنين.

في مثل هذه المعركة الطائفية الظالمة، لا يجاري القيادة الإيرانية فيها إلا من هو مثلها في الطائفية والقتل والإجرام والمجاز، فكان طبيعياً أن تدعو القيادة الإيرانية الخامنئية روسيا إلى هذه الحرب الظالمة فتستجيب لها روسيا برئاسة فلادمير بوتين الرهيب، لأن بوتين وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يحتاج إلى معالجة نفسية!

فهل ما تفعله روسيا في سوريا بدعوة من القيادة الإيرانية الطائفية لقتل الشعب السوري يمثل انتصاراً لإيران أو لروسيا على الدول العربية والإسلامية بما فيها تركيا، فبئس الانتصار الذي يقتل فيها نصف مليون مسلم ويشرد عشرة ملايين مسلم، على أيدي طائفيين حاقدين على الأمة العربية والإسلامية!!  

والخزي والعار لمن وظف نفسه في هذه الحرب الإجرامية، سواء وظف ماله أو سلاحه او قلمه أو إعلامه، وبئست الحرب التي تقودها النفسية الطائفية الحاقد.   

وسوم: العدد 657