ندوة المشروع الحضاري الإسلامي إلى أين ؟

ندوة المشروع الحضاري الإسلامي إلى أين ؟

المحور الثاني : الملامح الرئيسة للمشروع الحضاري الإسلامي

أبرز الأسس والمرتكزات

تعقد في

مركز الأمير عبد المحسن بن جلوي آل سعود

للبحوث والدراسات الإسلامية

في 7/1/1431هـ 24/12/2009م

تمهيد

      للحضارة مفاهيم متعددة تختلف حسب الزاوية التي ينظر منها إليها، وقد تلتقي فيها وجهات النظر وقد تختلف ، وقد يرى العديد من أفراد حضارة ما أنفسهم متميزين ومتفوفين على غيرهم من الحضارات ، بينما يرى الآخرون النظرة نفسها تجاه الأولين .

   و أرى أن الحضارة هي " كل ما يميز أمة عن أخرى من حيث تمسكها بقيمها الدينية  والأخلاقية، وبعاداتها وتقاليدها ، وأنظمة الحكم السائدة فيها ، ووضعها الاقتصادي، ونمط معيشتها، وبقدرة أفرادها على الإبداع في العلوم والآداب والفنون .

     وبغض النظر عن اختلاف رؤى الشعوب فإن ما نريد التركيز عليه هو الأسس التي يقوم عليها مشروع الحضارة الإسلامية المعاصرة ، وهي في مجملها ما قدمه ويقدمه الإسلام للبشرية من قيم ومبادئ وقواعد ترفع من شأنها، وتمكنها من التقدم في مدنيتها ، وأقصد هنا في علومها كالطب والهندسة والزراعة بما يحقق سيطرة الإنسان على محيطه مع الاهتمام بالجانب العقائدي والأخلاقي والاجتماعي فيها والسياسي .

    ولو تطلعنا إلى الحضارة في نظر الغرب لرأيناها إنجازات وعطاءات مادية هامة لايمكن إنكارها ولا سيما في الجانب العلمي ، أما النواحي الدينية أو الروحية فقلما يشار إليها ، ولكن سقوط الشيوعية في روسيا خاصة وإفلاس الحضارة الغربية في إسعاد الإنسان على الرغم من توفر المادة له ووسائل الراحة وذلك بسبب الفساد والفتن والحروب حدا بكثيرين من أبنائه أن يدعوا إلى العودة إلى الدين ، حتى قال الأمريكي مستر دالاس " إن التخلي عن الدين لايعوَّض مهما برع السياسيون ومهما اخترع العلماء " ، وما نشهده اليوم من أزمات اقتصادية واجتماعية هو نتاج من نتائج الانحراف الاقتصادي عن المنهج الرباني .

      ونحن – المسلمين – لدينا  أسس ومقومات الحضارة الإسلامية المعاصرة، وهذه تقوم على المنهج الرباني فهو يتميز بشموليته للحياة كلها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والفنية، و...وقد سعد الناس بهذا المنهج الكامل الشامل بما فيهم غير المسلمين يوم طبق ، قال تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، ولم يبق أمام المجتمعات إلا أن تتقبل هذا المنهج من جديد، وهو الكفيل بإنقاذها مما هي فيه من طغيان وفساد ، وهذا ماتنبأ به كثير من المصلحين .

      وهناك دراسات نظرية تساعد على تمثل هذه الحضارة وتفهمها، وقد بدت في دراسات متخصصة، فالدكتور محمد عمارة عرض في كتابه " المشروع الحضاري الإسلامي " دعوة د. السنهوري باشا ( ت 1975م) - الحاصل على الدكتوراه في القانون المدني وأخرى في فقه الخلافة الإسلامية التي سقطت 1924م- إلى المشروع الحضاري الإسلامي وكان يرى في مشروعه الحضاري أن الإسلام يملك مبدأين قويين هما المساواة بين الشعوب ، وأنه دين الإنسانية المعروض على البشرية كلها ، كما يرى أن الإسلام شامل للحياة كلها دينا ودولة ، وشريعة وفقها وقانونا ، وعبادة وأخلاقا، ومدنية وحضارة ، وأنه يستوعب شعوب الأرض كلها على اختلاف أجناسها ولغاتها ومللها .

     وقد دعا إلى وجوب ربط الأمم  العربية والإسلامية بروابط اقتصادية ولغوية وقانونية قبل التفكير بربطها سياسيا ، ووضع لذلك أسسا منها :

1-   ضرورة أن تكون الشريعة مطابقة لروح العصر مع الحفاظ على الثوابت في اللغة والدين والشريعة والآداب .

2- ضرورة النهضة الاقتصادية التي تربط الدول العربية والإسلامية بمعاهدات تجارية واقتصادية واتحاد جمركي ، وهذه الفكرة قد تكون أقرب إلى الذهن بعد توحيد أوربا اقتصاديا .

3-   ضرورة النهضة العلمية لإحياء العلوم ولاسيما الإسلامية منها مع الانفتاح على الغرب دون الانسياق وراءه .

   ونصح أن تتولى الجمعيات تطبيق هذا المشروع إن تعذر تطبيق الدول له لأنها تمهد بذلك له ، فإن تم فكرت الحكومات به ، ويجب أن تتعدد هذه المؤسسات والجمعيات تبعا لتعدد الأغراض . كما دعا إلى إيجاد فرص عمل جديدة ، وتنظيم الاقتصاد لحماية الفقير والاكتفاء الذاتي ، وإصلاح نظم التعليم .

   وهذه الدعوات أثمرت في تكوين جيل يؤمن بضرورة التغيير لإيجاد حضارة إسلامية تقف في وجه غطرسة الغرب .

    ومن الدراسات النظرية ما يعرض في أجهزة الإعلام كقناة الجزيرة واقرأ والرسالة وغيرها لتوعية المسلمين ولا سيما في برنامج الشريعة والحياة، إذ توضح ملاءمة الإسلام للحياة الحضرية الحديثة، حتى بات المسلمون يشعرون أن حضارة الغرب- وإن فضلت علينا سياسيا وعسكريا وعلميا- فإن سعادة البشرية تأتي في تطبيق ديننا لأن الغرب استعلى وطغى.

     ويمكن أن نقول إن المسلمين المهاجرين إلى الغرب طلباً للعلم أو للمال أو خلاصا من الضغوط السياسية في بلدانهم قد نقلوا إلى الغرب مفاهيم الإسلام، فتقبلها كثير من أبنائه، وبدأت المراكز الإسلامية التي فتحتها هذه الجالية الإسلامية تنشر الفكر الإسلامي فيها وتعرف الآخر على حضارتنا الإسلامية ومقوماتها ، وبات رجال الصحوة الإسلامية يعقدون الندوات والمؤتمرات ، ويبنون المساجد ، وينشرون الكتب والمجلات ويبثون برامج في شبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) ، وعمل مشروع صناع الحياة في بريطانيا في الآونة الأخيرة على توضيح شمولية الإسلام ، كما أنشئت كراس في الجامعات للدراسات الإسلامية بإشراف من المسلمين الواعين ، وهذا ماجعل بعض المفكرين في الغرب يحس بأن دواء أمراضه كامن عندنا .

     وبرز على الساحة مفهوم التقاء الحضارات .

         وفي هذا العصر أيضا برز علماء مسلمون في العلوم النقلية والدراسات الإنسانية قدموا للعالم الفقه الإسلامي بثوب جديد ، وما هذه الدراسات والأبحاث والندوات والمؤتمرات حول الفقه والقانون الإسلامي وملاءمتهما للحياة المعاصرة إلا دليل على هذا .

    وأما العلوم العقلية فنحن نعترف أن الغرب قد تميز بها علينا ولا سيما في التكنولوجيا، وأننا نتعثر في طريقها وإن كان كثير من علمائنا قد استقطبتهم دول الغرب فكانت لهم أبحاث هامة في المجال العلمي خاصة، كالفلك والطب والهندسة، وقد شاركوا في النهضة العلمية الغربية التي وفرت لهم البحث العلمي،من هؤلاء :

     د. زغلول النجار الذي يعد من أكبر علماء الجيولوجيا في العالم. حصل على درجة الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز في بريطانيا سنة 1963م، ثم عاد إلى مصر ليعمل في شركة صحارى للبترول، وفي المركز القومي للبحوث بالقاهرة، وبمناجم الفوسفات في وادي النيل، ومناجم الذهب في البرامية، وبمشروع الفحم في شبه جزيرة سيناء فضلا عن التدريس الجامعي،وله أكثر من مئة وخمسين بحثًا منشورًا وعشرة كتب ، وهو أيضا عضو اللجنة الاستشارية العليا لهيئة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة· وقد اشترك في كثير من المؤتمرات العلمية العالمية والإسلامية والعربية·       والشيخ عبد المجيد الزنداني وهو مؤسس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مكة المكرمة وعضو لتأسيسها في السعودية ، درس بكلية الصيدلة سنتين ثم تركها لاهتماماته بالعلوم الشرعية ولكنه واصل مصنفاته وأبحاثه في علم الإيمان والإعجاز، وقد أعلن في قناة الجزيرة الإخبارية اكتشافه علاجا من الأعشاب الطبيعية للشفاء من مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز).ودعا جميع شركات الأدوية ومنظمة الصحة العالمية إلى زيارة اليمن للاطلاع على العلاج ورؤية نتائج الفحوص، رافضا إعطاء تفاصيل عن الأعشاب وذلك لضمان عدم تسريب الاختراع قبل تسجيل براءته. وقال إن اكتشاف العلاج لم يكن من باب الصدفة، بل يعود إلى البحث فيه منذ خمسة عشر عاما عندما شكل فريق بحث في المدينة المنورة بحث في الطب النبوي والإعجاز الطبي في السنة النبوية.وقال إن نحو خمسة عشر شخصا استطاعوا التخلص من الفيروس خلال مدة تراوحت من ثلاثة أشهر إلى سنة بعد تعاطيهم العلاج . وقد امتنع الزنداني عن الإعلان عن طريقة العلاج حتى يتم تسجيل براءة الاختراع خوفا من أن تقوم إحدى شركات الأدوية بسرقة العلاج، ولكنه قال بأن تسجيل براءة الاختراع يتطلب إعطاء كافة البيانات عن الدواء وهو غير مستعد لذلك .

     ود. أحمد زويل وهو عالم مصري في الكيمياء حصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية. وله إنجازات من أهمها ابتكاره لنظام تصوير فائق السرعة باستخدام الليزر له القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض ، والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي "فيمتو ثانية" وهي جزء من مليون مليار جزء من الثانية ، وقد ساعدت على التعرف على الكثير من الأمراض بسرعة . وآسف إن قلت لكم إنه رفض العمل مستشارا في جامعات سعودية وقبل عضوية المجلس البابوي الكنسي ، وقد اختاره الرئيس أوباما ضمن مجلسه الاستشاري للعلوم والتكنلوجيا . وهو حاليا مدير معمل العلوم الذرية ، وقد حصل على جائزة فرانكلين وجائزة نوبل في الكيمياء .

      ومن علمائنا أيضا د. محمد البرادعي  وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي، وعمل مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق.

     مثل البرادعي بلاده في بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك و في جنيف. وحاضَرَ في مجال القانون الدولي و المنظمات الدولية و الحد من التسلح و الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، و ألَّف مقالات و كتبا في هذه الموضوعات، و هو عضو في منظمات مهنية عدة منها اتحاد القانون الدولي و الجماعة الأمريكية للقانون الدولي.

    نال جائزة نوبل للسلام سنة 2005م فأعطى نصيبه منها لدور رعاية الأيتام في بلده مصر، وأما نصيب الوكالة فقد أعلن أنه سيستخدم في إزالة الألغام الأرضية من الدول النامية.

كما حاز على جائزة فرانكلين د. روزفلت للحريات الأربع (2006) وجائزة أمن الإنسانية من مجلس العلاقات العامة الإسلامي ، وحصل على  شهادات دكتوراة فخرية من جامعات نيويورك، والجامعة الأمريكية في القاهرة، وجامعة سوكا في اليابان، وجامعة تسنغوا في بكين ، والجامعة التقنية في مدريد، وغيرها من الجامعات العالمية .

      ومن علمائنا الشهيرين د. حميد مجول النعيمي عالم فيزياء عراقي حصل على الدكتوراه من بريطانيا، وهو أحد سبعة علماء في الفلك في العالم، ورئيس الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء من سنة 1998م إلى يومنا هذا . وقد أشرف على بناء مرصد ألبتاني العراقي، موقعا وبناء والمرصد الكندي الفلكي العراقي في اختيار الموقع والمواصفات والبناء، وعين أمين عام اتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب، كما وضع المواصفات الفنية لمحطة استلام صور فضائية من الأقمار الصناعية مع تحليل العروض المقدمة من الشركات واختيار الموقع ،وأسس مركز أبحاث الفضاء والفلك العراقي . وأشراف على بناء القبة الفلكية العراقية سنة 1979 و . له مؤلفات عديدة منها المستوطنات الفضائية والتلسكوبات الراديوية في العالم، واستكشاف الكواكب العملاقة بواسطة مركبات فويجر الفضائية، وإبداع الفكر العربي في الفيزياء والفلك ،الكون وأسراره في آيات القرآن الكريم .

     ود. فاروق الباز عالم مصري في دراسات الفلك والجيولوجيا، درس الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية. ثم عمل في وكالة  "ناسا" للأبحاث الفضائية جيولوجيا متخصصا قي استكشاف سطح القمر ومن ثم في دراسة صحارى الكرة الأرضية ، وتقديراً لجهوده بعث تلميذه "نيل أرمسترونج" أول إنسان يطأ أرض القمر برسالة إلى الأرض باللغة العربية ، كما اصطحب معه ورقة مكتوب فيها سورة الفاتحة ودعاء من د. فاروق تيمناً منه بالنجاح والتوفيق .. وقد عمل على إنشاء مراكز تدرس التصوير الفضائي والاستشعار عن بعد في الإمارات والسعودية وقطر ومصر .

     ومن علمائنا أيضا د. شادية رفاعي عالمة سورية في فيزياء الفضاء  حصلت على الدكتوراه في الفيزياء من الولايات المتحدة الأمريكية.  وتقود الدكتورة شادية فرقا علمية لرصد كسوف الشمس حول العالم وتساهم في تطوير أول مركبة فضائية ترسل إلى أقرب نقطة من الشمس وفى تصميم كائنات آلية للاستكشافات الفضائية، وقد عدت أبحاثها حول الرياح الشمسية بمنزلة «تفجير قنابل»، ولاسيما ما يتعلق منها بظاهرة الرياح الشمسية، إذ كشفت أن الرياح تأتي من كل مكان في الشمس وأن سرعتها تتوقف على الطبيعة المغناطيسية للمواقع المختلفة.وقد خصصت جانبا كبيرا من أبحاثها لدراسة الطبيعة الديناميكية للانبعاثات الشمسية ، كما قامت بدراسة الرياح الشمسية لتحديد العوامل الفيزيائية المسئولة عن خواصها، وركزت بشكل مكثف على دراسة سطح الشمس.

    و د. شادية عضو في العديد من الجمعيات العلمية مثل: الجمعية الفلكية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للفيزياء الأرضية، وجمعية الفيزيائيين الأمريكيين، والجمعية الأوربية للجيوفيزياء، والاتحاد الدولي للفلكيين .

 ، أما د. سميرة إسلام فعالمة سعودية حازت على جائزة اليونسكو لاكتشافاتها في علم الأدوية  وهي المرأة المسلمة والعربية الوحيدة ضمن اثنتين وثلاثين عالمة على مستوى العالم  حزن على جائزة اليونسكو في البحث العلمي على مستوى القارات لعام 2000م .

    وغير هؤلاء كثيرون ويكفي أن نعلم أن سبعة ملايين عالم غير أمريكي في أمريكا.

   وقد صرحت وزيرة البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية أن هذا البحث سيتأثر لو طردت الولايات المتحدة العرب والمسلمين من بلادها لأن هؤلاء العلماء يرفعون اسم هذه الدولة وأمثالها من بلاد الغرب بما يقدمونه من جهود جبارة في المجال العلمي .

     وحبذا لو فتحت بلدانهم لهم صدورها وأنفقت على أبحاثهم وسخرتها لخدمة حضارتنا المنشودة ليرفعوا اسمها عاليا كما رفعه ألوف من علماء المسلمين القدامى .    

     ولدينا في العصر الراهن أيضا تجارب حضارية على المستوى الحكومي، وعلى مستوى الأفراد والجماعات :

1- فمن التجارب الحكومية تجربتان إسلاميتان حضاريتان الأولى في ماليزيا والثانية في تركيا، وهما تجربتان تسيران في طريق النجاح إلى حد كبير، ويمكن الاستئناس بما يقومان به لتحقيق الحضارة الإسلامية المرتقبة .

   ففي ماليزيا طرح رئيس وزرائها (عبد الله أحمد بدوي) مشروعاً لنهضة الأمة بناء على هذه الأسس والمرتكزات أسماه "الإسلام الحضاري –Islam Hadhari  " منهجا حضاريا شاملا لتجديد الإسلام في ماليزيا ويمكن استخدامه لجميع الدول الإسلامية بل لدول العالم كله إن أرادت الاستنارة بالحضارة الإسلامية لأنه مشروع يدفع بالأمة في طريق التقدم والتطور وريادة الإنسانية ، بأسس سليمة مقتبسة من شرع المولى تعالى " ،وهو كما قال  "جهد من أجل عودة الأمة إلى منابعها الأصيلة وإعطاء الأولوية للقيم والمعاني الإسلامية الفاضلة لكي توجه الحياة وترشدها ، وبذلك تستعيد الحضارة الإسلامية دورها الريادي ، كما يعرض هذا المشروع منهجا شاملا ومتكاملا للعمل بالإسلام على نحو يميزه عن مناهج الدعوة والعمل الإسلامي المتواجدة في العالم .

     ويحدد عبد الله بدوي الأسباب التي دفعته لطرحه هذا فيقول: " إن الإسلام الحضاري جاء لنهضة وتقدم المسلمين ويجب أن نطبقه في الألفية الثالثة ، فله نظامه الاقتصادي الذي يتلاءم مع العصر الحديث كما أنه يصلح أن يكون الترياق لعالم متعدد الأعراق والثقافات، لأن الإسلام الحضاري يهدف لمصلحة الجميع على اختلاف عقائدهم وأديانهم و أعراقهم ، ويضيف: من المؤكد أننا كمسلمين يجب أن نعامل غير المسلمين بالحسنى والإنصاف ، مشيرا إلى أن هذا المشروع سوف يؤدي إلى الامتياز والتفوق وسيكون مصدرا للفخر والاعتزاز ليس للمسلمين وحدهم وإنما لغيرهم أيضا " .

clip_image002_7a669.jpg

  وأما في تركية : فيؤمن الأتراك بالمشروع الحضاري الإسلامي، دون الصدام مع أحد، بل بالتعاون والحوار دون تنازل أو خوار ، وإذا كان المفكرون في مرحلة مابعد الحداثة يتوقعون كما يقول المفكر التركي مهمت جان عودة الحضارات السابقة التي كانت حاضرة في حقب تاريخية متفاوتة فإن أبناء الشعوب الإسلامية سيشكلون حضارة إسلامية ". وقد برزت مظاهر هذا في تركيا بتوقيع عدة اتفاقات مع دول المنطقة تتعلق بحرية الحركة والدخول بدون تأشيرة، وإلغاء الضرائب الجمركية،  واتفاقات التجارة الحرة، والحضور الاقتصادي من خلال مشاريع اقتصادية ذات نفع عام. ومن المشاريع التي أقامها الأتراك في البوسنة على سبيل المثال لا الحصر، مشروع مصنع الورق، ومصنع الزجاج، ومصنع الآثاث، ومشاريع البنية التحتية لإصلاح السكك الحديد،وغيرها. وهي مشاريع لها نظائر في دول البلقان الأخرى.

     كما يولي من يطلق عليهم في الأدبيات السياسية المعاصرة " العثمانيون الجدد " اهتماما بالغا بالتعليم، واحدا من أهم ركائز النهضة المرجوة للأمة. وقد أقاموا لهذا الغرض شبكة من المدارس، والمعاهد، والجامعات، ليس في البلقان فحسب، بل في القوقاز وآسيا الوسطى. ففي سراييفو أنشؤوا ثلاث كليات هي كلية الهندسة والعلوم الطبيعية ، وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، وكلية الإدارة والعلوم الإنسانية ، كما تركز على ماسمته بالإغاثة الثقافية إذ ترحب بأي ترجمات تراثية أو فكرية إلى لغات البلقان وقد ترجمت كتب الداعية الإسلامي محمد الغزالي وكتب د. يوسف القرضاوي وعمرو خالد وذلك لإطلاعهم على الفكر الإسلامي العالمي المعاصر . وهم لايعدون ذلك خدمة لتركيا التاريخية، بل إسهاما حضاريا يخدم الحضارة الإسلامية، وينفض عنها غبار السنين، ويقدمها للعالم بعيدا عن الصورة المشوهة والانطباعات الذاتية، التي حاول المغرضون رسمها للإسلام والمسلمين، في مختلف أنحاء المعمورة.

     وإذا كان التعليم هو السمة البارزة للنشاط التركي في " الجمهورية الجديدة "، فإن ذلك لا يعني غياب الدورالسياسي والاقتصادي المكمل، بل الأساس لأي نشاط على النطاق الدولي. وليس في الأنشطة التركية المتسمة بالذكاء والحكمة ما يثير الأطراف الأخرى، ويبدو أن هناك قبول تحت المراقبة من قبل القوى الاقليمية والدولية، لكن الأتراك يؤكدون بأنه ليس لديهم ما يخفونه، فهم يعملون في النور كما يقولون، وبالتنسيق مع السلطات المحلية، وفق اتفاقات موقعة بين الطرفين، وفي إطار القانون، وما تقتضيه العلاقات الدولية من تعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.

     ولا بد من الإشارة الى دور " الشورى" ( أوما يسميها بعضهم بالديمقراطية مع وجود الفرق بينهما أحيانا ) الذي لا يمكن تجاهله فى نجاح النموذج التركى والماليزي والذى ساعد على نمو دور المجتمع الأهلى وعلى إنضاج خبرات المشتغلين بالعمل السياسى، وأتاح فرصة إخضاع السلطة للحساب والتداول بناء على قرار الجماهير فى الانتخابات العامة.

      وعلى مستوى الأفراد والجماعات ، وهم لبنة أولى في المجتمع حين تقصر الحكومات ، نأخذ برنامج( صناع الحياة ) الذي أقامه  "عمرو خالد"  حيث حدد ثلاثة وعشرين مجالا للنهضة وطلب من زوار موقعه الإلكتروني التصويت لترتيب الأولويات من حيث الأهمية و صعوبة تحقيق أي مجال... على أن يقوم مليون شخص بالتصويت وبذلك يبدأ بالمشروع الذي يختاره الناس ، وكان أول مشروع بدأه لمحو أمية الكمبيوتر وقد استهدف في شهر واحد عشرة آلاف شخص .

    هذا جزء من النشاط الحضاري الذي يسعى المسلمون جماعات ودولا إلى تقديمه للعالم ، وهو يستند إلى أسس الإسلام ،وستتضح الصورة بشكل أكبر بعدما نتعرف على مرتكزات الإسلام الحضارية في المنهج الرباني  وهي :

  أسس ومرتكزات الحضارة الإسلامية المعاصرة :

    وتقوم على المنهج الإسلامي الشامل للحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية والفنية :

1-   الجانب العقائدي :

    ويكون بالإيمان بالله ربا واحدا و( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) وقد أنزل دين الإسلام شاملا للحياة كلها وهو في شموليته يجمع بين الروح والمادة عقيدة وعبادة ، أخلاقا ومعاملة ، تشريعا وقانونا ، تربية وتعليما ، دولة ونظاما ومظاهر حياة ، وذلك ليرقى بحياة الإنسان الروحية والعقلية والاجتماعية وغيرها .

     وهذه الشمولية تعتمد على مبدأ الثبات والمرونة ، فعقيدة التوحيد ثابتة لاتبديل فيها ، والأحكام الشرعية التي وردت فيها نصوص قطعية من القرآن الكريم أو الحديث الشريف المتفق عليه لاتغيير فيها، ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )، وأما المرونة فتتجلى في المستجدات العصرية، والاجتهاد فيها يجب أن يراعي المصلحة العامة والبيئة طبقا لمقاصد الشريعة ،

    وهذا التشريع يشمل أبناء البشر كلهم في كل زمان ومكان ، عربهم وعجمهم ، أبيضهم وأسودهم ، مسلمهم وغير مسلمهم ، فلكل أحكام في الفقه ، وإن استجدت أمور فالفقه يحلها عن طريق الشورى التي تطبق حسب مستجدات العصر، وقد عاش المسلمون وغيرهم معا في ظل دولة واحدة حياة مطمئنة ، بل فضل أهالي حمص المسلمين على الروم أبناء عقيدتهم .

     وفي ظل هذه العقيدة والإخلاص لله سبحانه في تطبيقها ينشط العبد فينتج خيرا لأنه يعمل لمرضاة مولاه وكسب ثوابه ، وقد نشط علم الفلك في الحضارة الإسلامية بسبب عبادة الصلاة والصوم والحج وذلك لتحديد مواقيتها في البلدان كلها، وصحح المسلمون علوما يونانية في هذا المجال، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا )

     والمسلم في ظل هذه الحضارة لايؤمن بالحتميات التاريخية ، فهو يخطط ويسعى والنتيجة إلى الله ، ومن سننه أنه من عمل صالحا وفقه مولاه ، قال تعالى ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )، ولكن هناك ابتلاءات وإرادة لله سبحانه فهو يفعل مايشاء ، و( لا يعلم الغيب إلا الله ) .

     وقد تعاقب الدولة المخطئ لا الأفراد ردعا لا انتقاما، وذلك للقضاء على الفساد .  

     والإنسان بين الهدى والغي يختار مايشاء ويحاسب على اختياره والله لايضيع أجر العاملين .

    وهو لايغتر بالجاهليات القائمة لأن أمدها وإن طال زائل ، ولا يعقل أن يتخلى مسلم عن مبدئه ومنهجه لإرضاء الآخر الأقوى، لأنه في ظل الحضارة الإسلامية يتبع منهاجا ربانيا وقد طبق هذا المنهج وظهرت صلاحيته عدلا وأمانا وراحة، واليوم أمامنا المنهج الحضاري نفسه فإن أردنا الاستقامة والخير لنا فبابه مفتوح ، وإن أعرضنا فالجزاء من جنس العمل .

    والإسلام الحضاري تعكره محاولات بعض العلمانيين المنتسبين إليه لامتطاء صهوة اسمه ثم قيادتها نحو رغباته، فالشاعر ( أحمد فؤاد نجم ) عندما سئل هل تواظب على الصلاة والصيام وبقية العبادات ؟ أجاب قائلا :" أنا مسلم حضاري آخذ من الإسلام القيم الإنسانية العامة،مثل كرامة الإنسان وحريته، والعدالة والمساواة، وحقوق الإنسان ، والأخلاق الطيبة ،فالمسلم الحضاري لا يهتم بالعبادات الفردية إنما بالعبادات القلبية ، والمبادئ التي تسير على كل البشر دون تفرقة "!!.. .

    والمسلمون الملتزمون بالإسلام هم الأقدر على تطبيق هذا النظام الرباني ، وعليهم أن يبدؤوا بذلك دون فصل بين الدين والدولة، وقصة يوسف عليه السلام خير دليل على هذا فقد طلب أن يتولى خزانة الدولة لينظم أمورها في الظروف العصيبة ، وقال تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

2-   الجانب السياسي :

      ويتحقق في الحكومة العادلة والأمينة ، وفي حرية واستقلال الشعب والبلاد، وعدم التبعية للأجنبي .

    وباختصار : يتعلق بالحاكم والقوانين التي يحكم بها ، وبالعلاقات بين الدول .

    فالحاكم خليفة الله في الأرض يُختار عن طريق الشورى فيما يشبه مجلس الأمة، أو بأي طريقة أخرى عادلة، والإسلام يحض على طاعة الحاكم إلا أنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ، قال تعالى ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول

     وعلى الحاكم المسلم أن يحكم بما أنزل الله ، قال تعالى ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )، وهو يرعى مصالح المسلمين فـ ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته ...)،  وهو مطالب بالعدل بين الرعية ، قال تعالى : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ) ، كما يطالب بالرأفة بهم وتجنيبهم الأخطار وتأمين حاجياتهم ورد الحقوق إلى أهلها في حال تعدي بعضهم على بعض ، وفي حال استحداث أمور سياسية ما فالشورى سبيل لحل أي مشكلة تنجم بين أفراد المجتمع .

    والعلاقات بين الشعب في الدولة الإسلامية في ظل حضارتها قائمة على نظامها الإسلامي الصالح لكل زمان ومكان ، فلا عصبية لجنس أو لون، ولا طائفية ولا قومية لأن المسلمين كالجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .ولكن لكل منطقة أن تحكم بمن تريد ممن ينفذ شرع الله سبحانه على نحو يشبه الحكم اللامركزي .

    وأما العلاقات مع غير المسلمين فتتطلب الحفاظ على الأقليات، ولهم عهود ومواثيق في الشريعة يجب الوفاء بها، قال تعالى : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) ، وقال ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم أن تبروهم ) .

    وإذا كانت الشيوعية تقول ( ياعمال العالم اتحدوا ) ، والعولمة الغربية تقول ( العالم قرية صغيرة يجب أن تحكم بالديمقراطية ) فإن الحضارة الإسلامية تقدم للناس نظاما ربانيا من عند الله سبحانه الذي لايميز بين عباده فكلهم مخلوقاته وهو العليم بما يصلح لهم .

  وتقوية القدرات الدفاعية للأمة خير وسيلة لإعزاز الإسلام والمسلمين ، ومن سنن الله في أرضه أن ينصر عباده المؤمنين العاملين ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) .

      وعلى المسلمين أخيرا أن يكونوا يدا واحدة أمام العدو ليحققوا المجد الحضاري فلا يكونوا طعمة لعدوهم .

     وقد يقول قائل هناك فرق بين الإسلام الحضاري والسياسي ، والجواب على ذلك كما قال عبد الله الزين وزير الشؤون الإسلامية في ماليزيا أن الإسلام حضاريا يرمي إلى توعية الجماهير حضاريا وفي جميع جوانب الحياة ، وبطريقة منظمة ومتدرجة ميسرة لئلا ينقلب الأمر إلى ضده ، أما الجانب السياسي فهو جزء من منهج الإسلام الحضاري لايؤخذ وحده لأن المنهج يؤخذ كله ولايتجزأ ولا فصل بين الدين والدولة في الحضارة الإسلامية .

3-  الجانب الاجتماعي :

ويقوم على مبدأ الهدم والبناء ، أو التغيير والإصلاح ، ويتضمن

     1- تحسين نوعية الحياة وتجديد أساليبها من حيث التمدن والحضارة ليكون المسلم المعاصر نموذجا للحضارة الإسلامية المعاصرة ، وبهذا يجذب الآخرين ويؤدي إلى نشر الفكرة،والغاية من ذلك أن يعيش الناس في راحة وأمان، وبأخلاق حميدة وقيم ثقافية فاضلة

    2- كما يشمل حفظ حقوق المرأة والطفل والعامل وجميع أفراد المجتمع بالعدل ، وهذا كله منبثق من النظام الاجتماعي الإسلامي .

        3- كما أن هذا المشروع الحضاري الاجتماعي يجب أن يقوم على إدارة جيدة وأن يطبق فيه مبدأ الجودة المعروف في إدارة الأعمال .

       4- وعلى مبدأ التغيير والإصلاح عن طريق أناس يتسلحون بالعلم والقدرة على صياغة الأنظمة والقوانين مع الحفاظ على الثوابت والمرونة في الاجتهادات الفقهية بما يناسب الشريعة والبيئة التي ستطبق فيها مع القدرة على إزالة المنكرات

    ومن أبرز الجوانب الاجتماعية في الحضارة الإسلامية الأخلاق الفاضلة وعلى رأسها  التآخـي فلو أننا علمنا البشرية معناها الحقيقي نظريا وعمليا لأقبل الناس إلينا أفواجا ، وقد رأينا في حرب غزة وقوف الكثيرين مع أهلها طواعية وما هذه الجمعيات الخيرية في أصقاع البلاد الإسلامية إلا ترجمة لهذا التآخي ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول جار له حق وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق، فالأول هو الجار الكافر غير القريب ، والثاني هو الجار المسلم والثالث هو الجار المسلم القريب . والأرملة تعان ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ) ، بل إن الإسلام ربط بين النصر وبين رحمة الفقراء فقال صلى الله عليه وسلم ( وهل تنصرون إلا بضعفائكم ؟ ) .

      والمسلم لايكذب ولا يؤذي أحدا ، ولا يتجسس ولا يحقد ولا يظلم، وهو إلْف مألوف ، ولا خير فيمن لايألفُ ولايؤلف ، و(الكلمة الطيبة صدقة ) ومساعدة الآخرين لها أجرها ، والناس متساوون كأسنان المشط ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ، و( من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة ، فإن لم يكن له خادم فليكتب خادما ، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا ، ومن لم يكن له مركب فليتخذ مركبا ، فمن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال ) 

    هذه هي الحضارة...

    وقد يقول قائل لكن المسلمين اليوم ليسوا كذلك والجواب على ذلك أنهم لايطبقون شرع الله ولا يتخلقون بأخلاق الإسلام فغدوا لاحضارة ولا قوة ولا قيم ، ولذلك قال تعالى ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )

   والمـرأة تكرم في النظام الإسلامي فلها حق اختيار شريك حياتها، وعليه النفقة عليها ولها أموالها ، وهي تشارك في الحياة العامة مع مراعاة حجابها ، ويحق للمرأة أن تعمل إن شاءت شريطة ألا تقصر في واجباتها الزوجية، فرعاية الأسرة وتربية الأجيال هي المهمة الأولى لها ،ولقد زارت هيلين ستاتسيري وهي صحفية أمريكية نساء في مصر فقالت إن هذه القيود التي تفرض على المرأة هي في صالحها، ونصحت بالتمسك بها ودعت إلى العودة إلى عصر الحجاب ، ولقد اعترفت لجنة حقوق الإنسان في 1975م أن أي مشروع لقانون تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن يراعي مهمتها الأولى الأمومة وتربية الأولاد وتهيئة الراحة والبيت السعيد لأن الاستقرار العائلي سينعكس على الإنتاج وعلى الصحة العامة وسعادة الأسرة التي هي المجتمع الأصغر فإن صلحت صلح وإن فسدت فسد ، ولهذا يجب تعزيز المؤسسة الأسرية ، وقد جرب في ماليزيا دورات توعية قبل الزواج بشكل إجباري لتقليل الخلافات بين الزوجين ونجحت الخطة .

   وللطفل حقوقه بل لكل فرد حقوق وواجبات سطرتها الشريعة الإسلامية .

     والعمـل في الحضارة الإسلامية يجب أن يبنى على الحيوية والنشاط وإتقان العمل ، وقوة الشخصية، وإدارته حسب مبدأ الجودة ، وعلى أنه أساس للمعيشة ، وأن العامل خير من العابد القاعد ، قال صلى الله عليه وسلم لمن حكى له أن فلانا ( يصوم النهار ويقوم الليل ويكثر الذكر : أيكم يكفيه طعامه وشرابه ؟ قالوا كلنا قال كلكم خير منه ) .

     ولا صراع في الحضارة الإسلامية بين الفرد والمجتمع فلكل حقوق وواجبات ، قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، ... فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ... )

وما المجتمع إلا أفراد متعاونون ، وخيرهم خير له ولحضارته ، وقد أخفقت الأنظمة الغربية في حفظ حقوق كل منهما فتطرفت الشيوعية لصالح الجماعة، والأخرى لصالح الفرد، فشقيت البشرية بهذين النظامين ، قال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )ذلك لأن  الإسلام دين واقعي ينظر إلى ذاتية الفرد كما ينظر إليه عضوا في المجتمع .

4- الجانب العلمي :

 ويشمل التمكن من علوم الوحي والعصر ومعارفهما، ثم على العلم المناسب الذي يحمي البيئة من الأخطار .

    والحقيقة هي أن الحضارة الغربية المعاصرة أذهلت العالم يمعطياتها العلمية ، ولكنها لم تستخدم ذلك في الخير دائما بل سخرتها لمصالحها وإرادتها ، ومع ذلك راح المثقفون من أبناء الشعوب ولاسيما دول العالم الثالث يفدون إليها ليتابعوا أبحاثهم العلمية واجتمع في هذه الدول العقول المهاجرة فازدادت نشاطاتها العلمية واختراعاتها واكتشافاتها وأثر هذا في مواقفها من الدول الأخرى إذ تغطرست عليها وسخرتها لإرادتها تسخير القوي للضعيف .

    فما موقف الحضارة الإسلامية من العلم والعلماء ؟

    إن الأساس العلمي من أولى الركائز التي تستند إليها الحضارة الإسلامية ذلك لأن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم هي ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق ) وفي هذه الآية ربط العلم بالقراءة وبالعقيدة .

     ومن هنا وجب علينا أن نتمكن من العلوم ولاسيما العصرية منها ، بل أن نتفوق فيها، وأن نحسن استخدامها لما فيه مصلحة البشرية ، فـ (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف )، ولا قوة إلا بالعلم في هذا العصر،ولذلك يجب أن نفتح المراكز البحثية وكم من اكتشافات واختراعات انبثقت من القرآن الكريم والحديث الشريف كالأبحاث التي أجريت على العسل، وعلى أثر العرق في شفاء العين ، وعلى الحبة السوداء والزيتون ، ولقد اخترعت الطائرة على أيدي المسلمين، ومخترعها هو أوليا جلبي وجربها أمام السلطان العثماني مراد الرابع وطار باتجاه الريح ثماني مرات ثم صعد فوق برج غالاطة بإستانبول ثم نزل منها في ميدان دوغا نجيلر وكان السلطان العثماني ينتظره هناك ليقدم له مكافأته . وركب أخوه حسن جلبي جهازا يمكننا أن نصفه بأنه إرهاصات الصاروخ ، ثم ارتدى جناحي نسر وقفز إلى البحر كأخيه وقدم له السلطان نفسه جائزته . وكتب بيري رئيس عن كروية الأرض قبل ماجلان وشهر ماجلان وطوي اسم العثماني .

    وكان لدى عبد الرحمن الجبرتي في مصر ساعة تعطي الوقت ودرجة الحرارة مع منبه ، وقد سيطر عليها الفرنسيون ولكنهم لم يستطيعوا أن يتوصلوا إلى الآن إلى لغزها .

    هذه الاختراعات والاكتشافات لاتذكر لأصحابها وهي من نتاج حضارتنا في عهد ليس بالبعيد عنا. واليوم عندنا علماء متوزعون هنا وهناك  وعلينا أن نحسن الاستفادة من عطاءاتهم لحضارتنا. وإذا أخذنا التجربة التركية منذ استلام حزب العدالة والتنمية الإسلامي زمام الحكم مثلاً نجد أن بلدية مدينة واحدة مثل إستانبول أنشأت خلال خمس سنوات فى المدة  بين عامى 2004 و2009 ثمانية عشر مركزا ثقافيا وقاعة للمؤتمرات، وإحدى عشرة مكتبة عامة ، فضلاً عن مئة واثنتين وثلاثين مدرسة ، وهذا الإنجاز عنصر مهم فى نجاح النموذج التركي، لكن العلم ليس العنصر الوحيد. ذلك أن هناك عناصر أخرى أسهمت بأدوار مختلفة فى صناعة ذلك النموذج . وفى تركيا الآن حوالي ستين ألف جمعية خيرية تمولها الوقفيات ، وهذه الجمعيات تغطى كل مجالات النشاط الإنسانى، وتدير مشروعات فى داخل تركيا وخارجها تشمل المدارس والجامعات والشركات وتملك مجموعة صحف ومجلات ومحطات تليفزيونية وإذاعية. وقد أسست ألف مدرسة فى مئة وأربعين دولة خارج تركيا.

      أما مشروع محو أمية الكمبيوتر والإنترنت  لدى عشرة آلاف شخص خلال شهر واحد ، والذي قام به المفكر الإسلامي "عمرو خالد"  فهو فهم واضح لطبيعة الحضارة الإسلامية واهتمامها بالعلم المعاصر عصر ثورة المعلومات، وهذا ما سيمكن الأجيال من زيادة ثقافتهم وتحسين مستوى التعليم لديهم ، وسيقيم أواصر الترابط بين الدول العربية والإسلامية باتخاذ أصدقاء عن طريق شبكة المعلوماتية، وسيعرف العالم على الإسلام وحضارته العريقة والعظيمة ، كما سيعلم كيفية التحاور مع الحضارات الأخرى .

    وهناك أمر يجب التنبه إليه في قضية العلم في الحضارة الإسلامية المرتقبة وهي قضية إصلاح التعليم ، فالعلوم التي تأتينا يجب أن تعرض على الكتاب والسنة لأن هناك أقوالا تلبست بلباس العلم أمدا وحشيت بها أدمغة أبنائنا، ثم ظهر بطلانها كما في فرضية دارون، وقد أثبت العلم في هذا العام بطلان رأيه عن طريق اكتشاف هيكل عظمي عمره قبل عمر قرد دارون مع أن الحضارة الغربية المتنكرة للدين كانت تقول بنظرية دارون .

    حتى في الدراسات الإنسانية يجب أن نقف عندها فاحصين صحة أقوالها ،وكم صدرت كتب تخالف الفكر الإسلامي بتصوراته ، وكم أسيء إلى تاريخنا وإلى شخصياتنا العظام أمثال هارون الرشيد والموقف من الدولة العثمانية لأنها وقفت في وجه اليهود لما طلبوا فلسطين .

    أما موقف حضارتنا من البيئة على المستوى الوطني فالنظافة من الإيمان وكل ماتقرره الدولة من قوانين لحمايتها واجب الطاعة لحماية الإنسان .

      أما على المستوى العالمي فعليها أن تشارك العالم فيما  يتوصل إليه لحماية البشر من الأخطار المحدقة بهم وهذا واجب البشرية كلها إذ لاضرر ولا ضرار .

5- التنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة :

وتعني الاهتمام بالجانب الصناعي والزراعي ، والمصرفي والوحدة النقدية الاسلامية أو حتى العربية ، وتمويل عمليات النمو بطريق شرعي ، وإيجاد فرص عمل جديدة تكفل الحياة الكريمة للمجتمع ،والاكتفاء الذاتي .

   ويجب أن تقوم التنمية الاقتصادية على مبدأ الشمول لجوانب الحياة الاقتصادية كلها  حتى لانحتاج للعدو فيملي علينا إرادته ماليا وسياسيا ، وأن تكون متوازنة فلا تهتم بأمر دون آخر كأن تهتم بالزراعة على حساب الصناعة أو العكس .وأن تكون متوازنة في الواردات والصادرات حتى لاتقع الدولة في العجز المالي كما حصل في ظروف الأزمة المالية للدول حتى الكبرى منها .

     والجانب الاقتصادي الإسلامي يراعي الروح والمادة معا ،ولديه واردات يحددها الشرع كالزكاة ،وفيها قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( إن الله فرض على أغنياء المسلمين بقدر الذي يسع فقراءهم ولن يجوع الفقراء إذا زكى الأغنياء ) ، والكفارات والصدقات ، ويمكن تفعيل هذه لتكون موارد دائمة للفقير فلا يحتاج بعدها كأن تبنى بيوت للفقراء أو أماكن يعملون فيها ،وتعطى لهم لئلا يحتاجوا بعد ذلك، وهناك الضرائب التصاعدية التي تؤخذ من الأغنياء بنسب أكبر،قال صلى الله عليه وسلم(إن في المال لحقا سوى الزكاة). كما يدعو هذا المشروع  إلى العمل وإتقانه :(مامن مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة ) و ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )

    وشجع الإسلام على التنافس البريء ومن هنا فإن للمرء أن ينافس بالعمل ليزداد الإنتاج   شريطة ألا يكون بطريق حرام .

    وسمح الإسلام بالملكية العامة والخاصة ، فالناس شركاء في ثلاثة الماء والكلأ والنار ، وما سوى ذلك فالملكية الفردية يشجع عليها إن لم يكن بها ظلم للفقير كغلاء الأسعار .

   ويجب أن يكون هناك تعاون اقتصادي بين الشعوب الإسلامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي .

     ولكل فرد الحق في أن يكون له زوجة ومسكن وخادم ومركب مريح ومال يكفي أسرته ، فإن لم يتوفر له هذا أعين من غير سرف .

    وفي الظروف العسيرة كأيام الحروب والمجاعات فإن الدولة تفرض على الشعب ضرائب  تصاعدية حسب الحاجة ،وقد طلب عمر بن الخطاب من المناطق الإسلامية المجاورة للجزيرة مساعدتها بإرسال مواد غذائية على نحو مانراه اليوم من مساعدات الدول بعضها لبعض .  

     ويعمل نظام الإرث على تفتيت الثروة بين الورثة لئلا يتكدس المال بأيد قليلة

    والمشروع الحضاري يتطلب الإشراف على الأوضاع الاقتصادية ومعاقبة المخالفين بالحجر مثلا على أموال السفهاء ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا )، ومعاقبة المحتكرين لما في الاحتكار من ظلم للفقير، وتحريم السؤال إلا لضرورة قصوى ، والسرقة والغصب، وما يؤثر على  نشاط الإنسان وسعيه كالمخدرات والمسكرات عامة، لأنها تضر بالصحة العامة وتضعف إنتاج صاحبها، وتعرض الشعب لأخطار الأمراض ، وقد طالب الإسلام بحفظ ماسمي بالضرورات الخمس وهي حفظ النفس والمال والعقل والعرض والنسل وعد أي اعتداء عليها ظلما .

  والمشروع الحضاري يتطلب أيضا إيجاد فرص عمل للفقراء والعاطلين ، وتمويل مشاريع توفر ذلك .

     ويطول البحث لو ذكرت كل ما في هذا النظام الاقتصادي الإسلامي العادل، ويكفي أن أذكر أن رئيس المؤتمر العالمي  للاقتصاد في ألمانيا استمع إلى الأنظمة الاقتصادية العالمية ، فلما عرف النظام الإسلامي قال هذا أعظم نظام اقتصادي للبشرية ، وقد بدأت الدول الآن تأخذ بنظام المصارف الإسلامية كما في سويسرا وإنكلترا فضلا عن كثير من البلدان العربية والإسلامية .

6-  الجانب الفني :

يعترف الإسلام بالفن غير المخالف للفكر الإسلامي ، فهو لايعارض النحت والتصوير والرسم والخط الفني والرياضة والمسرح ، شريطة ألا يكون في  ذلك مايخالف الإسلام كنحت مجسمات بشرية أو تصوير ماجن .

     والعمارات الإسلامية في تاريخنا وفي الشارقة في عصرنا هذا دليل على ما نقول ، وكذلك المسرحيات التي تعرض تاريخنا الإسلامي دون تشويه أو تحريف كما في مسرحيات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، وقد أقيمت في عدة دول معارض للفنون الإسلامية كمعرض الخط الإسلامي في تركيا .

    

        وأخيرا :   فإن أسس ومرتكزات الحضارة الإسلامية المنشودة منهجا وعلما كانت ولا تزال موجودة لدينا ، وما نحتاجه هو تفعيلها لصالحها ،وأن مشروع الإسلام الحضاري يشمل كل البشر وكل الحضارات لأن الإسلام صالحً لكل زمان ومكان ، ولذلك فهولا يطبق النظام الغربي في السياسة والاقتصاد والاجتماع بل نظامه الذي ثبتت صلاحيته قديما وحديثا ، وليس أدل على ذلك من تفوق الصيرفة الإسلامية .

      والفقه الحضاري لايتعارض بأي شكل مع الفقه الإسلامي ، بل هو يدعو إلى معالجة  المستجدات ، وهذا يكون بالقياس أو بالإجماع ، بل ربما أصبح لزاماً علينا التحرك بهذا الاتجاه للسيطرة على أدعياء الاقتصاد الاسلامي الذين أخذوا يحرفونه باتجاه مآربهم في  "الفروع الاسلامية للبنوك الربوية"

   ومما يساعد على تحقيق الحضارة الإسلامية المنشودة :

1-فتح مراكز بحثية علمية في جميع البلدان العربية والإسلامية وتنشيط البحث العلمي فيها واستقطاب علمائنا لتكون اكتشافات أبنائنا باسم حضارتنا لاباسم الحضارة الغربية ، وإذا كان العصر العباسي شهد في أزهى مراحل تقدمه الحضاري أيام هارون الرشيد والمأمون وغيرهم حركة نشيطة لتعريب علوم الأقدمين من الغربيين وفنونهم ، فضلاً عن استقطاب بعض علمائهم ، فإن الأجدر بنا وبمؤسساتنا ودور نشرنا ومجمعات لغتنا أن تسلك الطريق ذاته

2- التركيز على جعل العربية لغة الحضارة المعاصرة بنشرها لغة تعليم أساس في مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا العربية ، وعلى إتقان المسلمين من غير العرب لها لتكون لغة الحضارة المرتقبة التي نرجو أن تتحقق في الألفية الثالثة، وذلك صونا لها ولتراثنا وحفاظاً على مستقبلنا

3- إصلاح الإعلام في الدول العربية والإسلامية لنشر دراسات عن حضارتنا المرتقبة والأسس التي تقوم عليها تحت اسم الحضارة لاالفقه ليتقبل العالم الفكرة شيئا فشيئا .

4-عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات حتى في المناطق النائية لتعريف الشعوب بالنظام الإسلامي الحضاري البعيدعن التطرف والتقليد والجمود .

5-تكريم العلماء والباحثين واستحداث الجوائز لذلك كما في جائزة الملك فيصل .

6-مراقبة مناهج التعليم لئلا تكون وسيلة للطعن بثوابتنا وبشخصياتنا العظام .

7-نشر الوعي الخلقي ليتحلى المسلمون كما كانوا بالأخلاق الحضارية لأنها وسيلة لتعريف العالم على الشخصية الإسلامية المتحضرة

8-التدرج في تطبيق الأنظمة الإسلامية وتبيان مخاطر البعد عنها وأضرارالعولمة ولاسيما على لغتنا وتراثنا .

9-نشر المؤسسات الاقتصادية والتعليمية باسم إسلامي كالسوق الإسلامية المشتركة، والمصارف الإسلامية في جميع البلدان الإسلامية وغيرها إن أمكن، وذلك لتعريف العالم على إمكانية تطبيق الإسلام عمليا .

10-التوعية لاستغلال الأوقات في الإنتاج ، وتجربة الصين كانت ناجحة في ذلك ، فالمرأة وهي في بيتها تخيط الثياب وتطرز وفي آخر النهار تجمع سيارات الشركات الإنتاج ، ونحن نعلم أثر الاقتصاد الصيني على العالم حتى على الاقتصاد الأمريكي لأن الناس بدؤوا يشترون بضائعها لرخصها ويتركون البضائع المحلية .

11-تسخير موارد لنشر الكتب والبرامج والمؤتمرات والمترجمات لتعريف العالم على حضارتنا بلغات متعددة .

     وكما يقول المفكر المصري المعروف فهمي هويدي في معرض حديثه عن الصعود التركي:" الشق السهل فى المسألة أن نتحلى بقليل من التواضع وكثير من التجرد لكى نفسر الصعود التركى الذى خطف الأبصار وأسر القلوب ، أما الشق الصعب حقا فهو أن نتعلم منه كيف ننفذ مثله.

    وقد وافقت لجنة من كبار الخبراء بمنظمة المؤتمر الإسلامي على اعتبار مفهوم" الإسلام الحضاري "، الذي طرحه رئيس الوزراء الماليزي أحمد عبد الله بدوي ، هو الأساس الذي تبنى عليه الخطط الرامية لإصلاح المنظمة التي تضم جموع المسلمين في أنحاء العالم . وذكرت وكالة الأنباء الماليزية "أن المناقشات شهدت جدلا قويا مفاده أن وقت إصلاح ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي قد حان ليكون مبررا في مواجهة الأوضاع العالمية المتغيرة.

                                      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وسوم: العدد 658