بركاتك يا مرسي !

تذكرون يا قراء قصة صحفي جريدة الدستور الذي شتم الرئيس المختطف محمد مرسي وسبّه وهو في منصبه ، ورأت النيابة أن تحبسه احتياطيا ، وقامت قيامة نقابة الصحفيين وأهل اليسار وأشباههم لإطلاق سراحه ، ورأي الرئيس أن يتسامح في حقه ليفرج عن الشتّام السبّاب ، فاتصل بوزير العدل ليطلب من النيابة أن تخلي سبيله كي لا يبيت في السجن ، ولكن وزير العدل المستشار أحمد مكي رأى أن ذلك لا يجوز ، وأن الحل هو إصدار قانون بقرار جمهوري يمنع حبس الصحفيين احتياطيا ، وصدر القرار ولم يبت الصحفي الشتام السباب في محبسه ، وخرج إلى الهواء الطلق دون أن يوجه كلمة شكر إلى الرئيس المتسامح إلى آخر حدود العالم !

اليوم تقول مذيعة في التلفزيون كلمة خارجة عن النص الانقلابي فتُمنع من دخول مبنى التلفزيون إلا للتحقيقات التي ينتظر أن تعصف بها وبالمقربين منها إلى الأبد !

هذا هو الفرق بين نظام يؤمن بحرية التعبير إلى آخر مدى ، ونظام لا يسمح بكلمة تتجاوز حدود النص المكتوب في تلمود الانقلاب ! 

في زمن الخديعة والغش ، والمكر والخيانة ، والكذب والهوان ، والقمع والقهر لا يملك المرء إلا أن يرفع يديه إلى السماء لتنفذ عدلها ورحمتها بالعباد ..

ليلة اختطاف الثورة المصرية وسرقة الحرية وتغييب رئيس الدولة وإلغاء دستورها وإعلان الحرب على الإسلام واستباحة دماء المسلمين في الحرس والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والفتح وأكتوبر وكرداسة وناهيا والشوارع والمدن والقرى ؛ لعب المنافقون من اليسار والناصريين والليبراليين والمرتزقة وعملاء كل العصور أدوارهم الرخيصة وتحولوا إلى مسامير في بيادة الاستبداد ، ورحبوا بشطب الديمقراطية ، والتشهير بالإسلام والمسلمين .. على سبيل المثال :

ظهر حمدي الفخراني يحمل حذاء على شاشة التلفزيون يوجهه إلى الرئيس مرسي ، بعد إلقاء آخر خطاب له قبل ليلة اختطاف الثورة ، كان الرجل منتشيا ببشائر الانقلاب العسكري ، مبتهجا أن الحكم العسكري سيمنحه دورا مرموقا من خلال منصب أو مكانة تجعله زعيما بارزا في دولة الناصريين الموعودة ، ولكن شاء ربك أن تحل عليه بركات الرئيس المظلوم محمد مرسي ، ويدخل السجن بتهمة مخلة بالشرف ، تفرد لها صحف الانقلاب صفحات ممتدة ، وشاشاته ساعات طويلة  .. واللهم لا شماتة !

مخرج الفوتوشوب خالد يوسف ، الناصري الكبير ، الذي حول بضعة آلاف في ميدان التحرير إلى ثلاثين مليونا ليسوغ الانقلاب العسكري ، كان ينتظر موقعا مهما في جمهورية الخوف ، فسمحوا له أن يكون عضوا في لجنة صياغة دستور زليخة ، وبعدها لم يهتموا به، فترشّح لانتخابات برلمان مرجان ، ولحقته بركات الرئيس المظلوم محمد مرسي ، فظهرت فضائح السيديهات بيد الإعلامي الأمني الشقيق التي عرضها على الملأ في مشهد لا يُمحى من ذاكرة الشعب ، وطُرح الأمر على القضاء ، الذي مازال يتداول وقائع الفضائح وأحداثها ، واللهم لا شماتة !

المستشار الزند كان حادا في عدوانه على الرئيس مرسي ، وصدرت عنه تصريحات عديدة عنيفة ، وفتح نادي القضاة لأعداء الثورة في مشهد بارز ، وطالب فيه بتدخل الرئيس أوباما لينقذ مصر من الحكم الديمقراطي الذي لا يعجبه ، ولم يقل له الرئيس المختطف إنك قاض وتعمل بالسياسة وذلك لا يجوز . كان الرئيس مرسي متسامحا إلى آخر حدود الدنيا ، ولكن سيادة المستشار لم يكن كذلك بدليل زلة لسانه التي وقعت

عند حديثه عن حبس النبي – صلى الله عليه وسلم – في سياق غضبه من أجل ما رآه إساءة من بعض الصحفيين له ولبعض أقاربه .

الزند كان يقاوم الإصلاحات التي وضعها الرئيس مرسي ليحقق العدالة بين المصريين ، فأعلن أن تعيين أبناء القضاة حق مقدس ، وأن القضاة سادة وغيرهم العبيد ،  ولم يخافت بكراهيته للإسلاميين ، وقال لو كنا نعلم أن صناديق الانتخابات ستأتي بهم إلى مجلسي الشعب والشورى ، ما أشرف القضاة على الانتخابات ، ثم كان تصريحه العنصري الفاشي الذي يجعله غير صالح للجلوس على منصة القضاء وهو أنه يجب قتل عشرة آلاف من الإسلاميين مقابل كل فرد من غيرهم ، فأي قاض هذا الذي تحركه عاطفة الانتقام والثأر والغل والكراهية ، وهو المطالب أن يحكم بين الناس بالعدل ؟ إن هذا التصريح وحده كفيل بمحاسبته أمام التفتيش القضائي والنظر في صلاحيته ، ولكن الرجل كان يشعر أنه زعيم سياسي يقود جمهورية مستقلة عن جمهورية مصر العربية ، وهذه الجمهورية المستقلة فوق الجمهورية الأم تفرض عليها إرادتها وآراءها ..

هل رأيتم صيغة الرفض لإقالته من جانب نادي القضاة ؟ 

أعلن نادى القضاة أن مجلس الإدارة في حالة انعقاد دائم لبحث قرار إعفاء الزند!

النادي الموقر لم يعلن ذلك عندما تم إعفاء الوزير السابق محفوظ صابر بعد تصريحه العنصري عن ابن الزبال الذي لا يحق له أن يلتحق بالقضاء ولو كان فائقا !

يتراجع النادي بعد رؤية العين الحمراء قائلا : لن نقود حملة تصعيدية ونطالب المستشار الزند بالعودة للمنصة . نحن إذا أمام حالة من القبلية الفئوية قائمة على العنصرية تتعصب للمنتمين إليها بالرفض أو القبول ، ولسنا أمام قانون يتم تطبيقه على الناس جميعا ، وليس من بينهم نبي الله وحبيبه ، المعصوم محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم .

وللأسف تبارى بعض أبناء القبيلة في الإعلان عن رفضهم لإقالة الزند . مثلا السيدة تهاني الجبالي ، الناصرية الطليعية وصديقة سوزان مبارك تصرح أن إقالة "الزند" قرار سياسي خاطئ لرجل ترك بصمة تاريخية ، وأنه كتب اسمه بحروف من نور في تاريخ مصر والقضاء المصري وأن هناك خططا ممنهجة لإقصاء الرموز الوطنية من المشهد!

انضم إلى القبيلة دفاعا عن الزند نفر من العمائم الأمنية وبعض صحفيي البيادة الذين زعم بعضهم.. أن الزند وقف بوجه الإخوان وصد هجمتهم ضد القضاء(!) وأن مشهد إقالته تنقصه الدقة واللياقة.. ونسي نعل البيادة أنه قيل للزند استقل لتخرج بلياقة ولكنه رفض وتصور نفسه زعيما فوق السلطة التي عينته وزيرا ! في كل الأحوال فقد لحقته بركات مرسي ، فأقيل في يوم زينته واستعراض قوته ، واللهم لا شماتة !

لاشك أن مرسي الذي طالب الشعب بالحفاظ على الثورة ، وأن ثمنها حياته ، ستحل بركاته بإذنه تعالى على من سرقوا الثورة ، وينتقمون بوحشية ممن شاركوا فيها . والسؤال الآن : هل سيقدم الزند إلى المحكمة لتحاسبه على ازدراء الأديان ؟ صحيح أنه اعتذر ، لكن هل يقبل اعتذاره لوكان أعلن أنه سيحبس المسيح أو تواضروس ؟

الله مولانا . اللهم فرج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم .

وسوم: العدد 659