رُبَّمَا رَأَى بَعْضُ مُحِبِّي الْحُكَمَاءِ أَنَّهُمْ أَقْدَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَى شَرْحِ حِكَمِهِمْ، وَهُوَ حُسْنُ ظَنٍّ وَاضِحٌ؛ إِذْ هُمْ أَشْبَهُ بِالشُّعَرَاءِ مِنْهُمْ بِالْعُلَمَاءِ، يَكْفِيهِمْ أَنْ يُحْكِمُوا حِكَمَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَشْرَحُوهَا؛ فَعُلَمَاءُ مُحِبِّيهِمْ أَقْدَرُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، بِمَا أُوتُوا مِنْ مَحَبَّةٍ وَفَهْمٍ وَتَحَبُّبٍ.
فَأَمَّا الْحُكَمَاءُ فَإِنَّهُمْ إِنْ عَالَجُوا شَرْحَ حِكَمِهِمْ -وَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَ- أَفْضَوْا إِلَى حِكَمٍ أُخْرَى؛ فَكَأَنَّهُمْ بِتِلْكَ لَمْ يَبْرَحُوا!
وَإِذَا بَلَغَهُمْ مَا يَشْرَحُهَا بِهِ عُلَمَاءُ مُحِبِّيهِمْ لَمْ يَنْقَضِ مِنْهُ عَجَبُهُمْ:
كَيْفَ...، وَكَيْفَ...، وَكَيْفَ...!
سَكَنَ إِلَى مُنَاجَاةِ الْبَيَانِ جَنَانُهُ
يُوشِكُ أَنْ يُعْمِيَ الْجَهْلُ عُيُونَهُ
إِلَّا احْتَجَّ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ بِوَطْأَةِ الْفَقْرِ
فَمَنْ شَاءَ فَلْيُمْتِعْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُبْدِعْ
وَإِذَا رَغِبَ رَغِبَ فِيمَا لَا يَرْغَبُ فِيهِ غَيْرُهُ
وَإِنَّمَا أُتِيَا مِنْ فَهْمِ مَعْنَيَيِ السِّيَاسَةِ وَالتَّدَيُّنِ جَمِيعًا مَعًا
فَإِرْثُ آخِرِهِمْ وِلَادَةً غَيْرُ إِرْثِ أَوَّلِهِمْ حُسْنًا أَوْ قُبْحًا
أَهَمُّ مِنْ تَعْلِيمِ اتِّبَاعِ الْمَنَاهِجِ الْمَذْهَبِيَّةِ
ضَاقَ صَدْرُ الْفَنَّانِ بِكُلِّ رَأْيٍ غَيْرِ رَأْيِهِ
وَحَفِظَهُ عَلَيْهِ وِرْدُهُ الْقُرْآنِيُّ الْيَوْمِيُّ
حَتَّى يَضْطَرَّهُ إِلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ
وَحَفِظَهُ عَلَيْه التَّعْلِيقُ عَلَى بَحْثِ غَيْرِهِ
وَلَوْلَا الِاضْطِرَابُ مَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ الْعَجِيبَةُ
وَأَعْظَمُ مِنْهُ أَنْ تَشْتَغِلَ بِهِ عَنْهَا فِيهَا
كِلَاهُمَا تَابِعٌ مُرِيبٌ لَا رَائِدٌ نَجِيبٌ
إِلَّا تَسَلَّطَتْ عَلَيْهَا انْتِثَارَةٌ لَا انْتِظَامَةَ بَعْدَهَا
مِمَّا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَاقَاتٍ تَرْكِيبِيَّةٍ
كَمَنْ لَمْ يَفْتَتِنْ فِي شَبَابِهِ بِحِفْظِهِ لَيْسَ بِأَدِيبٍ
وَلَا يُتِيحُ لَهُ التَّعْبِيرَ عَنْهُ حَتَّى يَشْتَمِلَ عَلَيْهِ اشْتِمَالَ صَاحِبِهِ
وَإِذَا اتَّسَعَ التَّطْبِيقُ ضَاقَ التَّنْظِيرُ فَأَعْلَمَ
حَتَّى تَرَى كَيْفَ يَحْتَكِمُ إِلَيْهِ الْمُجْتَمِعُونَ
وَلَا عَنْ مَثَالِبِهِ مِمَّنْ لَمْ يَكْرَهْهُ
وَلَمْ يُوَسِّعْ عَلَيْكَ كَهِمَّتِكَ
كَمَنِ افْتَتَنَ فِي شَبَابِهِ بِكِتَابَةِ كَلَامِ نَفْسِهِ
فَانْظُرْ إِلَى اسْتِقَامَاتِهِمْ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ
بَلْ أَنْ تَعْمَلَ كُلَّ مَا يُمْكِنُكَ عَمَلُهُ
فَقَالَ الْعَنْدَلِيبُ مِنْ هَاهُنَا وَهِمْتِ
بِحَاجَةِ الْأُمَّةِ إِلَى صَلَاحِ الْأُمَرَاءِ مَعَ صَلَاحِ الرَّعِيَّةِ
يَخْذُلُهُ أَقْرَانُهُ حَسَدًا فَيَنْصُرُهُ تَلَامِذَتُهُ وَفَاءً
فَقَالَ التِّمْسَاحُ دُونَكَ طَعَامَ الْيَوْمِ
فَقَالَ النَّمِرُ دُونَكَ الْغِزْلَانَ
كِلَاهُمَا عَاجِزٌ عَنْ شَأْوِ قَارِئِ الْكُتُبِ الرَّقْمِيَّةِ وَشَأْوِ نَاشِرِهَا
أَنْ يَنْسَبِرَ غَوْرُهَا لِنَاقِدٍ عَجُولٍ
التَّمْرُ بِالْقَهْوَةِ فِي حِضْنِ الصَّقِيعِ
فَإِنْ يَكُنْ هَذَا قَدْ ضَيَّعَهُمْ أَوَّلًا فَذَاكَ قَدْ ضَيَّعَهُمْ آخِرًا
وَلَكِنَّ مَقَامَ السَّبَبِ أَرْفَعُ مِنْ مَقَامِ الشَّرِيكِ
وَلَكِنَّ أَخْلَصَهُ بِرُّ الْأَخِ بِأَخِيهِ
وَقِيلَ لِأُمِّ بَرَاءٍ مَتَى تَبْكِينَ فَقَالَتْ إِذَا أَسَاءَ بَرَاءٌ
أَوَّلُهُمَا ضَحِكٌ وَآخِرُهُمَا بُكَاءٌ وَعَاقِبَتُهُمَا خِصَامٌ
وَمَنْ بَكَيْتَ عِنْدَ لِقَائِهِ فَقَدْ وَجَدْتَهُ
فَإِذَا مَاتَا الْتَفَتَ إِلَى عَبَثِ أَوْلَادِهِ
وَلَا أَحَنَّ إِلَى الْآبَاءِ الرَّاحِلِينَ مِنَ الْأَبْنَاءِ السَّاخِطِينَ
بَلْ أَنْ تَتَذَاوَبَ فِي أَوْلَادِهِمَا الْأُسْرَتَانِ
فَتَنْخَدِعُ لَهُ ظَوَاهِرُهُمْ وَفِي بَوَاطِنِهِمْ أَلَّا عَمَلَ عَلَيْهِ
فَالشِّعْرُ عَصَبُ اللُّغَةِ النَّافِرُ وَالْعَرُوضُ دَمُ الشّعْرِ الدَّافِقِ
تَظَلُّ مِنْهَا فِي جَيْشٍ وَلَا تَأْسَفُ عَلَى عَيْشٍ
وَأَخْلَدُهُمْ ذِكْرًا أَنْفَعُهُمْ بِهِ احْتِيَالًا
ثُمَّ تَنْطِقَ فَيُعْلَمَ أَنَّكَ مُحَالٌ أَنْ تُقَلِّدَ
أَنْ يُكَافِحَ الظُّنُونَ بِالْيَقِينِ وَيُدَافِعَ الْأَنِينَ بِالْحَنِينِ
بَيَانٌ=مَنْ تَعَلَّقَ بِتَرْدِيدِ الْأَذَانِ لِسَانُهُ
نَقْصٌ=مَنْ عَابَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ دُونَهُ
حِجَاجٌ=لَمْ يَحْتَجَّ أَحَدٌ عَلَى الزَّوَاجِ بِوَطْأَةِ التَّعَلُّمِ
مُخَالَفَةٌ=يَنْتَفِعُ الْفَنَّانُ بِالْمُخَالَفَةِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِالْمُؤَالَفَةِ
مُلْكٌ=لَيْسَ أَعْظَمَ مُلْكًا مِمَّنْ زَهِدَ فِي مُلْكِ غَيْرِهِ
جَهْلٌ=لَيْسَ أَشْبَهَ بِالْمُتَدَيِّنِ الْعَدِيمِ السِّيَاسَةِ مِنَ السِّيَاسِيِّ الْعَدِيمِ التَّدَيُّنِ
تَوْرِيثٌ=لَا يَمْضِي الزَّمَانُ إِلَّا بِتَطْوِيرِ مَا نُوَرِّثُهُ أَبْنَاءَنَا مِنْ أَخْلَاقِنَا
تَعْلِيمٌ=تَعْلِيمُ اكْتِشَافِ الظَّوَاهِرِ الْعِلْمِيَّةِ
اخْتِلَافٌ=إِذَا اتَّسَعَ صَدْرُ الْعَالِمِ لِلْآرَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ
وِرْدٌ=رُبَّ ذِي أُسْلُوبٍ طَلِيٍّ شَغَلَتْهُ عَنْهُ شَوَاغِلُ قَاهِرَةٌ
عَاقِبَةٌ=يُوشِكُ مَنْ أَهْمَلَ تَلَامِذَتَهُ أَنْ يُهْمِلَهُ عِلْمُهُ
تَعْلِيقٌ=رُبِّ ذِي بَحْثٍ قَوِيٍّ شَغَلَتْهُ عَنْهُ شَوَاغِلُ قَاهِرَةٌ
مَسْلَكٌ=لَوْلَا الِانْتِظَامُ مَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ الْكَبِيرَةُ
حُرِّيَّةٌ=مَا أَعْظَمَ أَنْ تَتَحَرَّرَ لِلْإِبْدَاعِ مِنْ أَسْرِ الْعَادَاتِ
رِيبَةٌ=مَا أَشْبَهَ الْمَحَبَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالرَّأْيِ بَعْدَ الْفَوْتِ
اضْطِرَابٌ=مَا تَغَنَّتْ أُمَّةٌ بِالنَّثْرِ وَتَخَاطَبَتْ بِالنَّظْمِ
عَلَاقَاتٌ=لَيْسَ أَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ ظَاهِرَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ
خَطَأٌ=مَنِ افْتَتَنَ فِي هَرَمِهِ بِاسْتِعْمَالِ الْكَلَامِ الْغَرِيبِ
تَشَبُّهٌ=إِذَا تَشَبَّهَ الدُّكْتُورُ حَمَاسَةُ بِالْأُسْتَاذِ الْعَقَّادِ وَالدُّكْتُورُ كِشْكٌ بِالدُّكْتُورِ طَهَ حُسَيْنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَتَشَبَّهَ تِلْمِيذُهُمَا بِالْأُسْتَاذِ شَاكِرٍ
مُسَاكَنَةٌ=لَا يَبُوحُ نَصٌّ لِنَاقِدِهِ بِسِرِّهِ حَتَّى يَكْتُمَ نَفَسَهُ فِي حَضْرَتِهِ
مُقَايَسَةٌ=إِذَا اتَّسَعَ التَّنْظِيرُ ضَاقَ التَّطْبِيقُ فَأَوْهَمَ
اخْتِبَارٌ=لَا تَعْجَلْ بِالتَّسْلِيمِ لِمَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُفْتَرِقُونَ
عَمًى=لَيْسَ أَعْمَى عَنْ مَنَاقِبِ الشَّيْءِ مِمَّنْ لَمْ يُحِبَّهُ
هِمَّةٌ=لَمْ يُضَيِّعْ عَلَيْكَ هِمَّتَكَ كَانْتِظَارِ السَّعَةِ
غَفْلَةٌ=مَنِ افْتَتَنَ فِي هَرَمِهِ بِقِرَاءَةِ كَلَامِ غَيْرِهِ
تَصْنِيفٌ=إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَنِّفَ مَنَاهِجَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَيَاةِ
إِتْقَانٌ=لَيْسَ الْإِتْقَانُ أَنْ تَعْمَلَ مَا يُعْجِبُ النَّاسَ
وَهْمٌ=قَالَتْ لَهُ الْبَبَّغَاءُ أَرَأَيْتَ أَبْلَغَ مِنِّي حِفْظًا
تَكَامُلٌ=مَا أَشْبَهَ حَاجَةَ الْعِلْمِ إِلَى النَّظَرِ الْخَارِجِيِّ مَعَ النَّظَرِ الدَّاخِلِيِّ
انْتِصَافٌ=لَا يَعْدَمُ الْعَالِمُ الْمُتْقِنُ الْمُحْسِنُ أَهْلًا
سُخْرِيَّةٌ=قَالَ لَهُ سَامُّ أَبْرَصَ مَا أَنْتَ وَمَا أَنَا لَوْلَا الْجُوعُ
بَهْتٌ=قَالَ لَهُ الْقِطُّ مَا أَنْتَ وَمَا أَنَا لَوْلَا الْفِئْرَانُ
عَجْزٌ=مَنِ اكْتَفَى الْآنَ بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ الْوَرَقِيَّةِ كَمَنِ اكْتَفَى بِنَشْرِهَا
غَوْرٌ=كَيْفَ لِقَصِيدَةٍ انْقَطَعَ لَهَا شَاعِرٌ مُفْلِقٌ
فَرَحٌ=ثَلَاثَةٌ تَفْرَحُ بِالشَّمْلِ الْجَمِيعِ
تَضْيِيعٌ=مَنْ مَنَحَ بَنِيهِ وَقْتَ قُدْرَتِهِمْ مِثْلُ مَنْ مَنَعَهُمْ وَقْتَ عَجْزِهِمْ
رِفْعَةٌ=إِنْ يَكُنِ الْوَلَدُ سِرَّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ شِبْهُ أَخِيهِ
بِرٌّ=أَوْفَى الْبِرِّ بِرُّ الِابْنِ بِأَبِيهِ
إِسَاءَةٌ=قِيلَ لِأَبِي بَرَاءٍ مَتَى تَبْكِي فَقَالَ إِذَا أَسَأْتُ
عَبَثٌ=لَيْسَ أَشْبَهَ بِمُلَاعَبَةِ الْأَطْفَالِ مِنْ مُسَامَرَةِ الْأَزْوَاجِ
بُكَاءٌ=مَنْ بَكَيْتَ عِنْدَ وَدَاعِهِ فَقَدْ فَقَدْتَهُ
الْتِفَاتٌ=يَعْبَثُ الْمَرْءُ بِعُمُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَبَوَاهُ
رَحْمَةٌ=لَيْسَ أَبَرَّ بِالْأَبْنَاءِ الْهَادِئِينَ مِنَ الْآبَاءِ الثَّائِرِينَ
نَسْلٌ=لَيْسَتِ الْمُصَاهَرَةُ أَنْ يَتَذَاوَبَ الزَّوْجَانِ
تَخَادُعٌ=يَخْدَعُ كِلَا الْأَبَوَيْنِ أَبْنَاءَهُمَا بِأَنَّ الْبِرَّ فِي مَيْلِهِمْ إِلَيْهِ
مُدَاخَلَةٌ=إِذَا كَانَتِ الثَّقَافَةُ أَسَاسَ الْحَضَارَةِ الرَّاسِخَ وَاللُّغَةُ قَلْبَ الثَّقَافَةِ النَّابِضَ
أُنْسٌ=لَا أَنِيسَ فِي رِحْلَةِ الْحَيَاةِ كَالثِّقَةِ بِاللهِ
نِعْمَةٌ=أَطْوَلُ النَّاسِ عُمُرًا أَخْصَبُهُمْ خَيَالًا
مُتْعَةٌ=لَيْسَ أَمْتَعَ مِنْ أَنْ تَصْمُتَ فَيُظَنَّ أَنَّكَ مُقَلِّدٌ
غَايَةٌ=أَحْرِ بِاللُّغَوِيِّ الْأَدِيبِ إِذَا بَلَغَ الْخَمْسِينَ