حق جماعات الضغط في التغيير السياسي

مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 تعرف السياسة بأنها رعاية شؤون الناس في المجتمع، ويمارسها الأفراد والجماعات والدولة من خلال الاهتمام بالقضايا الإستراتيجية، كقضية الحكم والإدارة، وتنمية الثروة وتوزيعها بين الناس وكيفية ملكيتها والتصرف فيها، بالإضافة إلى بناء العلاقات وتنظيمها على أسس حسن الجوار أو التعامل بالمثل.

 وتختلف ممارسة السياسة باختلاف شكل المهتم بها، كل حسب موقعه وتأثيره في المجتمع، فالأفراد يمارسون السياسة -في الغالب- من خلال إبداء الرأي في القضايا العامة، وتختلف الأساليب في ذلك؛ إما بالانتخاب أو المؤازرة والتأييد الجماهيري أو غيرها.. وقد عدت الأساليب السياسية التي يمارسها الأفراد حقا سياسيا لهم، كما ورد في المادة (25) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: (أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية، (ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين، (ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.

 لكن إذا كان للأفراد حق ممارسة السياسة، من خلال ابداء الرأي في القضايا العامة، إلا أن تأثير الأفراد يظل تأثيرا محدودا، ولا يرتقي إلى إمكانية حسم في المسائل إلا إذا أصبح جزءا من اهتمامات الأحزاب والجماعات الضغط وهي الجهات الأكثر قدرة على التأثير مثل الأحزاب وجماعات الضغط ولكما قل نشاط الأحزاب وجدت جماعات الضغط فرصة ودافعا للعمل للقيام بما لم تقم به الأحزاب، والعكس صحيح.

 يعرفون بجماعات الضغط لأنهم يستخدمون الضغط كوسيلة لحمل الحكومات على تلبية مطالبهم، وهنالك أكثر من تعريف لهم منها "كل الجماعات التي تضغط للتأثير على السياسات العامة على الصعيد السياسي" بذلك تكون الجماعات الضاغطة هي فقط الجماعات التي تعمل على الساحة السياسية وهم يختارون أن يعملوا في السياسة خارج نطاق الأحزاب والحركات السياسية.

 جماعات التأييد المعروفة أيضًا باسم جماعات الضغط أو اللوبي أو جماعات الحملات أو جماعات المصالح أو جماعات الاهتمامات الخاصة، تستخدم أشكالًا متنوعة من التأييد للتأثير على الرأي العام وقد تؤثر على السياسة. وقد أدت دورًا مهمًا في عملية تطوير الأنظمة السياسية والاجتماعية وما زالت. وتتباين الجماعات كثيرًا من حيث الحجم والتأثير والدافع؛ فبعضها لديه العديد من الأهداف الاجتماعية الطويلة المدى، والبعض الآخر متخصصة أو نشأت كرد فعل لقضية أو مسألة حالية.

 يمكن أن تستند دوافع العمل جماعة الضغط إلى موقف سياسي أو عقائدي أو أخلاقي أو تجاري مشترك. وتستخدم الجماعات أساليب مختلفة لمحاولة تحقيق أهدافها، وتتضمن الضغط السياسي والحملات الإعلامية والحيل الدعائية والاستفتاءات والأبحاث وجلسات إحاطة السياسات. وتحظى بعض الجماعات بدعم مؤسسات تجارية قوية أو مصالح سياسية، وتؤثر بشكل كبير على العملية السياسية، وهناك جماعات أخرى تمتلك القليل من هذه الموارد. وقد تستخدم الجماعات التي تمتلك موارد مالية قليلة الضغط المباشر والعصيان المدني، وتُتهم في بعض الحالات بأنها تشكل تهديدًا على النظام الاجتماعي أو أن أعضاءها "متطرفون محليون".

 تركز جماعات الضغط لتحقيق مطالبها السياسية بشكل أساسي على تعبئة الرأي العام؛ لان إقامة أي حكومة وديمومة بقائها على سدة الحكم وفق الأمد المقرر يعتمد على مدى تأييد الرأي العام لها، ومن الطبيعي أن تولي جماعات الضغط اهتماماً كبيراً لموضوع تعبئة الرأي العام وتوجيهه في كثير من الأحيان صوب تحقيق أهدافها المنشودة. وتلجأ هذه الجماعات إلى استخدام مختلف الوسائل التي تبلور الرأي العام وتؤثر فيه بشكل مباشر مثل إصدار النشرات وتوزيعها، وعقد الندوات المتخصصة والجماهيرية، وإلقاء المحاضرات، وكذلك استخدام الإذاعة والتلفزيون والفضائيات وكل وسائل الإعلام المتاحة. ويطلق على هذه الوسيلة اسم "الضغط الجذري" أي ضغط طبقة عامة الشعب.

 كذلك تركز جماعات الضغط على مجالس الشعب أو مجالس النواب أو البرلمانات، فمما لا شك أن قبة البرلمان هي الميدان الرئيسي لنشاطات جماعات الضغط وخاصة في الدول التي نظامها رئاسي. والغرض من التأثير في المجلس قد يكون في إطار استحصال الموافقة على إجراء تعديل دستوري مقترح أو في بعض الأحايين إسقاطه أو إسقاط بعض بنوده. وربما يكون تأثير الجماعات في المجلس من أجل الموافقة على مشروع قانون معين أو رفضه أو تعديله في تقديرات أخرى حسبما يتفق وسياسة جماعات الضغط.

 ومن أجل أن تحقق جماعات الضغط مطالبها السياسية في التغيير المنشود، فهي بحاجة إلى المقومات الآتية:

1- مدى تنظيم الجماعة وتجانس أعضائها.

2- مدى مشروعية وجودها أي مدى اعتراف السلطة بها.

3- مدى قبول الناس لها وتأييدهم للمصالح التي تمثلها.

4- مدى إمكانات الجماعة المادية (مصادر التمويل).

5- الأساس الذي تقوم عليه الجماعة (طبقة –مهنة –الدين–الرأي).

6- التأثير الذي يكون للجماعة على الدوائر السياسية.

7- الدرجة التي يكون عندها نشاط الجماعة مخططا أو عفويا.

...................................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

وسوم: العدد 667