كتاب لـ "دار هاربر كولينز" عن احتلال الضفة وغزة

تقترب منا الذكرى التاسعة والأربعون لحرب الخامس من يونيو / حزيران 1967 . وما أكثر الذكريات التعيسة في حياة الفلسطينيين والعرب ! حيث نعيش هذه الأيام الذكرى الثامنة والستين لاغتصاب 78 % من تراب فلسطين وإقامة إسرائيل عليه  في سعي همجي غير مسبوق لانتزاع شعب كامل من الجغرافيا والتاريخ . أساليب احتفالنا  بالذكريات  التي تجسد انكسارات تاريخية كبيرة لنا ؛ كانت دائما سلبية بكائية لا تبين أننا انتزعنا منها أي عبرة تفضي إلى صواب الفكر والفعل ، والدليل الساطع أننا الآن أشد تفتتا وسوءا مما كنا عليه وقت حدوث تلك الانكسارات ، وأكبرها انكسار النكبة في15 مايو / أيار 1948 وهزيمة الخامس من يونيو / حزيران   1967. حتى الحيوانات التي توصف بأنها بلا ذاكرة تختزن التجارب والخبرات نراها تحذر المكان الذي تضررت فيه ، وتفر من الشخص الذي أساء معاملتها . دار " هاربر كولينز " البريطانية _ الأميركية ، وهي من كبرى دور النشر العالمية ،  قررت الاحتفال بالذكرى الخمسين للاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي للضفة وغزة بطريقة تناسب دورها في نشر الكتب ، وبيان ذلك أنها ستصدر كتابا في العام القادم يصور حياة الفلسطينيين تحت  الاحتلال . المبادران للفكرة هما الروائي الأميركي مايكل شيبون الحائز جائزة " بوليتزر " الأدبية الرفيعة ، وزوجته آييليت ولدمان التي ولدت في القدس لأب من سكان أحد الكيبوتسات ، وهاجرت في طفولتها إلى كندا وأميركا . سيضم الكتاب مقالات ذات طابع روائي ل25 كاتبا بدؤوا الأسبوع الماضي زيارتهم للضفة حيث زاروا أولا الخليل في صحبة يهودا شاؤول الشاويش السابق في الجيش الإسرائيلي ، والذي أسس بعد تركه الجيش حركة " كسر الصمت " الإسرائيلية التي تنشر شهادات جنود إسرائيليين سابقين عن سيئات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه تثير غضب واستياء القيادة الإسرائيلية وقطاعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي . ويذكر وليم بوث مراسل " واشنطون بوست " الذي كتب تقريرا عن زيارة الكتاب للخليل أن مستوطنا مسنا نزل من سيارته حين رأى الكتاب في صحبة شاؤول ، وصاح : " لا تصدقوه ! خائن ! الجيش الإسرائيلي هو الأفضل في العالم ، لا تصدقوه ! " ومن التأثر الأولي لما رآه شيبون من مساوىء الاحتلال الاستيطاني في الخليل قال : " الاحتلال العسكري الإسرائيلي أكبر ظلم رأيته في حياتي " ، فماذا سيقول بعد أن تتعدد المشاهد المأساوية التي سيراها في بقية أيام الزيارة ؟ . تنوي دار " هاربر كولينز "  _التي نشرت العام الماضي أطلس للشرق الأوسط حذفت منه اسم إسرائيل  ، ثم اعتذرت  بعد احتجاج إسرائيل وسحبت نسخه من السوق _ نشر الكتاب بست لغات غير الإنجليزية ، ويقول بوث في تقريره : " إن القائمين على المشروع يأملون أن يشجع على التفكير ، ويولد الغضب لإحداث التغيير المطلوب " . الهدف جيد ، ولكن جودته لا تكفي وحدها ما لم يتولد الغضب فلسطينيا وعربيا لصنع ذلك التغيير الذي يحرر الأرض ، ويعيد شيئا من القيمة والكرامة لأمة أضحت بلا قيمة ولا كرامة . أصاب فولتير حين قال إن الظلم لا يكفي وحده لتفجير الثورة على الظالمين ، ولكن الشعور به هو الذي يفجر تلك الثورة ، ونحن في الحق بلا شعور ، متبلدون ، متحجرون ، ميتون ، وشاعرنا الكبير المتنبي يقرر : " من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام " .   

وسوم: العدد 668