مما علمتني الحياة 16+17
16
v الإسلام يقرر أن العلاقة بين الإنسان والمادة وباقي المخلوقات علاقة تكامل وتعاون للنهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض وعمارتها وبناء الحياة..ومن فضل الله تعالى أن جعـــل ما في السموات وما في الأرض مسخر للإنسان للنهوض بمهمة الاستخلاف..ومن حكمته البالغة أن جعل المسخرات حيادية في أدائها لا تنحاز لمؤمن على حساب غير المؤمن..ولا لقوم ما على حساب أقوام آخرين..فهي للجميع تستجيب لهم دون استثناء,ولا تمتنع إلا عن الجاهلين والمتخلفين..وهكذا لتستمر عمارة الأرض واســـتثمار مكنـــوناتها بجهد الجميع ولصالح حياتهم.
v الحضارة الآمنة بمنظور الإسلام هي ثمرة التكامل بين مهمة الإنسان ومهمة المخلوقات الأخرى في عمارة الأرض وإقامة الحياة..فالمادة مؤمنة في جبلتها وفطرتها..وهي حيادية في أدائها الحضاري لا تنحاز لأحد من البشر على حساب أحد إلا بسبب علمه ومهاراته.
v الحضارة من حيث شقها المادي هي نتاج بشري تراكمي لكل أمة إضافتها الحضارية الخاصة بها..والتنوع الحضاري هو تنوع إبداع وتنوع أداء..فلكل أمة مشهدها الإبداعي والأدائي في لوحة البناء الحضاري البشري الواحد..فنحن أمام حضارة بشرية واحدة يكتنفها وحدات حضارية تمثل البصمات الثقافية والإبداعية لكل أمة..إنه تكامل وتمايز حضاري..تكامل في البناء المادي وتمايز في الإبداع والأداء الأخلاقي.
v المسيرة الحضارية المعاصرة تعاني من خلل كبير..خلل في أخلاقية الإنتاج وخلل في أخلاقية الأداء..وتعاني من تخلفين..أمم متخلفة في الوسائل والمهارات..وأمم متخلفة في القيم والأخلاق.
v التقدم الحضاري الصحيح لا يكون إلا بالتكامل والتلازم بين تقدم في الوسائل والمهارات وتقدم بالقيم والسلوكيات.
v الحضارة من المنظور الإسلامي..ليست حضارة قوم بعينهم،ولا جنس بعينه,ولا عرق ما,ولا لون ما..بل حضارة ربانية إنسانية عالمية غايتها وهدفها التعايش العالمي,والرفاهية العالمية,والسلام العالمي على أساس من التصور المحايد لمفهوم الحضارة.
v الحضارات بشقها المادي والتكنولوجي إرث بشري عام,يجب المحافظة على الجوانب الايجابية منه وتطويره وتعميم نفعه بين الناس.
v عندما تتوقف أمة أو تتراجع عن الاستجابة للتحديات..وعندما تبدأ تشعر بالاكتفاء والوصول إلى قمة الإبداع الحضاري..إذاك تبدأ رحلة الانهيار والتخلف الحضاري.
17
v الإسلام يؤكد الموازنة الدقيقة بين حقوق الإنسان وواجباته..ويعتبر أي إهمال لحقوق الإنسان أو واجباته إنما هو اعتداء وانتهاك لتكامل وتوازن رسالة الإسلام في الحياة.
v لا أحسب أحدًا يجادل أن البشرية اليوم تعاني من أزمة حادة في القيم..ومما لا شك فيه أن تدهور كرامة الإنسان وانتهاك البيئة من أبرز سمات أزمة القيم في العالم.
v غياب العدل مصدر أساس لكل الشرور والمفاسد التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة..واغتصاب إسرائيل لفلسطين ينبغي أن تفهم في هذا السياق..فهي بكل المعايير أسوأ وأخطر حالة للظلم والعدوان في التاريخ البشري.
v من حق كل أمة أن تغضب وأن تحدثها نفسها بالثأر ممن اعتدى عليها وانتهك سيادتها وأمنها..إلا أن الأمة العظيمة وهي تمارس حقها في رد العدوان..يجب أن تبقى ملتزمة بقيمها وأخلاقيات رسالتها الحضارية،فإن لم تفعل بررت للمعتدي تحقيق أهدافه.
v إقامة العدل وإجلال قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته وممتلكاته..وصون سلامة البيئة وتحقيق التنمية المستدامة..تبقى المعايير الصحيحة لسير حضارة ما في الحياة.
v الجوع والخوف آفتان خطيرتان تهـددان أمن المجتمعات واستقرارها..وهما مصدر كل الفتن التي تجتاح المجتمعات وتصدع جدر سيادتها وهيبتها..ومقاومتهما واستئصال أسبابهما وتوفير أسباب التنمية والازدهار تبقى معايير السير الراشد في الحياة.
v تَعليم الإنسان,وتحريره,وتأمينه من الجوع والخوف هي من أولويات اهتمام رسالة الإسلام في بناء الأمم وتحقيق التنمية والازدهار والارتقاء بطموحات الأجيال.
v شركاء..أم أوصياء ..؟بل شركاء..إن من خطأ الفهم والتفكير القول:أن المسلمين أوصياء على الآخرين يجب إجبارهم على الإيمان بالإسلام..والصحيح أننا شركاء مع الآخر نحاوره ونتعارف ونتفاهم معه لنعمل معاً لبناء الحياة الآمنة للجميع..ولكل حريته في تقرير خياره الديني من غير إكراه..فلا يصح في الإسلام اعتقاد مع إكراه.
v نحن شركاء مع الآخر ولسنا أوصياء عليه..ولا نقبل الآخر أن يكون وصيًا علينا..فالوصاية والولاية المطلقة لسلطان الله وحده لا شريك له..فهو سبحانه رب الناس ومدبر أمـــرهم.
v نحن شركاء مع الآخر في عبودية لله تعالى..نحن شركاؤه في أداء مهمة الاستخلاف في الأرض..وإقامة العدل وحياة كريمة للناس.
v نحن أوصياء على أنفسنا نُسأل أمام الله تعالى عن تفعّيل قيمنا وإقامة مقاصد رسالة الإسلام في حياتنا..لنكون من بعد الأنموذج العملي لقيم الإسلام ومبادئه ورسالته الإنسانية السامية.
وسوم: العدد 669