جورج ومينا إخوان !
في الأيام الماضية اختلف أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكتاب حول ما رآه بعضهم فسادا أو نرجسية أو فشلا إداريا ، فتطوع فريق باتهام الطرف الآخر أنهم : إخوان ! وأردف الاتهام : أنهم يريدون أخونة الاتحاد ! والسؤال هو : ما المقصود بالأخونة وقد بات الإخوان في السجون والمعتقلات يعانون الموت البطيء والتعذيب والقهر المنظم ؟ أكثر من ستين ألفا وراء الأسوار المظلمة في جب عميق ! هل الأخونة هي الانتماء إلى الإسلام ؟ إذا كان الأمر كذلك فقليل من أعضاء المجلس هم الذين يؤدون الصلاة أو يتعاطفون مع الدين !
الاتهام بمعزوفة الأخونة حرفة الخونة والفاشلين والعملاء والطامحين إلى الجلوس على حجر الانقلاب كي ينالوا فضلة من عطاياه الحرام . هل الإخوان لصوص وقتلة ودجالون ومشعوذون وأفاقون ويلعبون بالبيضة والحجر ؟ لو كانوا كذلك ما دخلوا السجون ولما لقي كثير منهم مصرعه بغير حق ، أو صودرت أموالهم ومشروعاتهم الخيرية ومدارسهم وشركاتهم ومؤسساتهم ومقار حزبهم .. ولكن اللصوص والقتلة والدجالين والمشعوذين والأفاقين واللاعبين بالبيضة والحجر هم الذين ينعمون الآن بالحرية والرفاهية والكلام عبر الميديا وبرلمان مرجان !
في انتخابات نقابة العلميين مؤخرا صرخت موظفة بإحدى كليات العلوم وتعمل ناشرة لكتب اليساريين وأشباههم : أغيثونا ! مجلس النقابة يسقط في يد الإخوان ؟ وتساءلتُ فيما بيني وبين نفسي : هل بقي إخوان خارج الأسوار المظلمة ينافسون خدام البيادة على مقاعد نقابية ؟ ولكن الموظفة / المخبر كانت تقدم بلاغا أو عربونا لتحظى برعاية الانقلاب وعطاياه ، ونسيتْ أن الانتخابات في كل الدنيا تأتي بمن يختارهم الناس ، وهذه ألف باء الديمقراطية كما يقال ، ولكن دولة المخبرين اليسارية لديها شغفٌ بالفرعنة والزعيم الدكر !
في اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الأطباء عقب الهجوم الذي شنه أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية وقيامهم بسحل طبيب ودهس وجهه بالبيادة ، طالب المجتمعون بمواقف واضحة من المعتدين ردا لاعتبار الضحايا واستعادة لكرامة الأطباء أمام الاستباحة العمياء ، فما كان من الأذرع الإعلامية الانقلابية إلا أن وصفت الطبيبة منى مينا الأمين العام للنقابة ، ومعها الناشط الانقلابي جورج إسحق المتضامن مع النقابة بأنهما إخوان !
أمر يثير الضحك في زمن البكاء أن يوصف جورج إسحق ومنى مينا وهما غير مسلمين بأنهما إخوان !
أصبحت فوبيا الإخوان بلا ضوابط ولا حدود!
الصحفي صلاح منتصر ، وهو رجل السلطة العسكرية منذ أيام البكباشي المهزوم دائما حتى اليوم , ألقى تهمة إبقاء أحمد شفيق في عمرته الطويلة بدبي على عاتق الإخوان وزعم أن مرسى ما إن أمسك بالسلطة حتى وضع شفيق هدفا مع أن الفريق أعلن قبول النتيجة ! كان مقال المذكور دعوة للانقلابيين من أجل العفو عن شفيق والسماح بعودته من العمرة الطويلة في دبي إلى أرض الوطن ؛ وراح صاحبنا يعزف على وتر ما سماه فشل الإخوان وعدم استعدادهم للحكم ، وافتقارهم لأي برنامج أو مشروع، ثم زعم أن كل قوتهم تكمن في إثارة المشكلات والتخريب والفوضى حال تولي شفيق الرئاسة لن يستطيع هو أو غيره مواجهتها لأنه لم يكن هناك جهاز شرطة وكان كثيرون سينادون بالإخوان للإنقاذ، ومن هنا كان الإخوان سيحكموننا بمزاجنا مما يصعب علينا التخلص منهم!
أي خلط ، وأي تشويه ، وأي تدليس ، وأي تضليل ، يمارسه كاتب يعيش الولاء لغير الله والشعب والأمة والضمير ؟ إن الفريق ممنوع من رفاقه الجنرالات ، وليت الإخوان كانوا يملكون من القوة ما يحول بين الانقلاب على الديمقراطية وإرادة الشعب وعودة الجلادين ؛ لكانت مصر في وضع آخر يجعل من باسم عودة ، يوسف الصديق الذي يوفر الخبز والقمح والدولار .. ولكن ماذا يمكن أن يقال في عصر الأكاذيب الذي بدأه البكباشي المهزوم دائما ولم يتوقف حتى اليوم ؟!
يروج خدام البيادة في الإعلام والصحافة والمنتديات مقولة عهد الإخوان وعصر الإخوان ، وزمن الإخوان .. يشيرون إلى العام الذي قضاه الرئيس المختطف محمد مرسي رئيسا شرعيا للبلاد ، لم يمكنه الانقلابيون من حكم البلاد كما ينبغي ، وسلطوا عليه الأراذل من الشيوعيين والطائفيين والعلمانيين والانتهازيين والبلطجية للتشهير به وتعويقه عن العمل، ومع ذلك فقد تحسنت أحوال الموظفين والفلاحين والعمال ، وبدأ الاحتياطي يتصاعد ، وتقلصت مساحة الفساد المزمن ، واستعادت مصر مكانتها العربية والإسلامية ، ولكن كفلاء الانقلاب لم يعجبهم ذلك وعجلوا بذبح الإرادة الشعبية لتعيش مصر محنة غير مسبوقة في جميع المجالات ، ولعل أبرزها اليوم انهيار العملة المصرية إلى درك غير مسبوق وبداية أزمة المياه والتهاب الأسعار!
الإخوان صاروا شماعة الفشل الذريع الذي يعيشه الحكم العسكري الدموي الفاشي ، وهي شماعة تحملت كثيرا من الترهات والأكاذيب ، فهم الذين يشفطون الدولار من الأسواق ، وهم الذين يمنعون المصانع المعطلة من العمل ، وهم الذين تسببوا في انهيار التعليم ، وموت السياسة والثقافة ، وهم الذين وراء غرق الإسكندرية والقاهرة وبقية المحافظات بمياه الأمطار ، ووراء الحرائق في وسط البلد وخارجها ، وهم الذين يخربون أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة ، وهم منذ اربعة قرون تسببوا في سقوط الأندلس كما زعم بوق انقلابي جهول، وقبل ذلك منعوا النيل من الجريان!
إذا كان الاخوان بهذه القوة فلماذا سمحوا أن يقتلهم الانقلابيون في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والفتح والقائد إبراهيم ومدن مصر وقراها وشوارعها ؟؟ ولماذا ارتضوا أن يساقوا بالآلاف إلى المعتقلات والسجون غير الآدمية ؟ إنه لأمر عجاب ..
الذي يتجاهله الانقلابيون وأذرعهم أن الشعب المصري - بعيدا عن شعب البيادة -يطالب بالحرية والكرامة والأمن – وليس القمع – ويحلم أن تُصان كرامته ، ويعيش في ظل المساواة أمام القانون ، ولا تطاله العنصرية الفاشية الجاهلة التي تجعل أمين الشرطة أفضل من أستاذ الجامعة ماديا ومعنويا .
هل المشكلة في الإخوان أو الإسلام ؟ في تقديري أن دين الإسلام هو المشكلة التي تؤرق الكفيل الصهيوني الصليبي وأتباعه من الأعراب ، فهذا الكفيل هو الذي قهر التجربة الديمقراطية في الجزائر وتونس وليبيا واليمن وسورية وأم الدنيا ، وللأسف تجد النخب التي باعت ضميرها وإنسانيتها تحدثك عن قبول الآخر ولكنها لا تقبل الإسلام أبدا!
الله مولانا . اللهم فرّجْ كرْب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !
وسوم: العدد 669