شتان بين من يفطر في رمضان لسبب شرعي وجيه وبين من يفطر تحديا لمشاعر الأمة الدينية

 تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المغربية نبأ اعتقال شخصين أفطرا متعمدين في رمضان، وتمت محاكمتهما بناء على قانون تجريم المجاهر عمدا بالإفطار العلني في هذا الشهر . وكالعادة وجدت بعض الجهات المغرضة والمتربصة بالإسلام والتي تتقنع بقناع الدفاع عن الحريات والحقوق ، وتنصب نفسها وصية على الجانب الحقوقي في البلاد  الفرصة سانحة للتعبير عن تضجرها من كل ما له علاقة بالإسلام بذريعة الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية ، والحقيقة أن هذه الجهات تترقب سنويا خلال شهر الصيام تجاسر بعض المتهورين  المفطرين عمدا جهارا نهارا لتصنع من تجاسرهم قضية  حقوقية تستوجب الدفاع والمؤازرة والمطالبة بإسقاط قانون تجريم الإفطار العلني في رمضان . ولقد بات من المؤكد أن هذه الجهات إنما تقوم بالدعاية لنمط الحياة اللائكية في مجتمع مسلم تمهيدا للإجهاز على الإسلام من خلال الدفاع عن المتجاسرين عليه والتطبيع مع تجاسرهم الذي يروم  نقض عرى الدين عروة عروة أملا في استئصاله وتغييبه من حياة الأمة لتخلو الساحة لبدائلهم المارقة منه . ومما جاء في تعليقات الجهات المحسوبة على المجال الحقوقي أن الدين الإسلامي يبيح الإفطار للمرضى والعجزة والمسافرين الذين قد يضطر بعضهم لذلك علنا . وشتان بين من يفطر لأسباب شرعية وجيهة  علنا مضطرا، وبين من يفطر تحديا لمشاعر الأمة الدينية . فمن المعلوم أن ما يبيح الفطر ويكون مشروعا كثير جدا ،ذلك أن نصف المجتمع من النساء الحيض يفطرن، ولكن لا نجد أنثى حائض تفطر علنا  بالرغم من عذرها الشرعي ، فهي من جهة تستحيي من إشهار سرها، ومن جهة أخرى تحترم مشاعر الأمة الدينية . وما قيل عن النساء الحيض يقال عن النفساء والحوامل والمرضعات، ويقال أيضا عن المرضى والمسافرين، فكل هؤلاء لهم مبررات مقبولة شرعا للإفطار، ولكنهم يستترون، ولا يجاهرون  بذلك حياء واحتراما لمشاعر الأمة الدينية . وحتى غير المسلمين من المواطنين المغاربة  كاليهود يراعون مشاعر مواطنيهم المسلمين، فيتناولون طعامهم دون إشهار أو إعلان . والأمة تتفهم  جيدا وضعية غير المسلمين ،ولا تعتبر تناولهم الطعام والشراب علنا مساسا بمشاعرها الدينية مراعاة لحرية تدينهم. أما المحسوبون على الإسلام، والذين لا عذر لهم من مرض أو  عجز أو سفر أو حيض أو نفاس أو إرضاع ،والذين يفطرون علنا، فإنهم يتعمدون إعلان تحديهم لمشاعر الأمة الدينية ، وأكثر من ذلك يتعمدون قدح زناد الفتنة داخل الأمة لأن استفزاز مشاعر الأمة الدينية له ردود أفعال من شأنها أن تكون حطبا جزلا لإضرام نار الفتنة في الأمة . ولو أن هؤلاء استتروا في إفطارهم  على طريقة الحيض من النساء والنفساء والحوامل والمرضعات والمرضى والمسافرين والعجزة  لما حاسبهم أحد إلا رب العزة جل جلاله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ومعلوم أن المضطر للإفطار بسبب وجيه يجد من أماكن ووسائل التستر للأكل والشرب ما يغنيه عن المجاهرة بذلك ، وهي أماكن ووسائل لا يعدمها المفطر دون سبب وجيه إلا أن بعض المفطرين دون عذر لا يعنيهم الإفطار في حد ذاته بقدر ما يعنيهم إعلانهم جهارا له  لحاجة في نفس يعقوب كما يقال ، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل العامي القائل : " صائد النعامة يلاقيها لا محالة " وإذا ما تدخل القانون لزجر من يتعمد الإفطار في رمضان دون عذر شرعي، فإنه في الحقيقة يحميه من سخط الأمة التي يعتدي على مشاعرها الدينية والتي قد يكون فيها من يواجه تحديه  واستفزازه بما لا تحمد عقباه. ولا شك أن الجهات المغرضة التي تتاجر وترتزق بقضية المتعمدين الإفطار في رمضان تريد جر الأمة إلى  الغضب والانتقام لمشاعرها الدينية لتقيم الحجة على وجود اعتداء على الحريات والحقوق، ولتحقق أهدافها الخبيثة والماكرة غير المعلنة . ومعلوم أن التجاسر على القيم الإسلامية عندنا بدأ بقضية الإفطار العلني، وهي قضية مسبوقة بقضايا أخرى لا حاجة لذكرها الآن ثم انتقل إلى الموبقات من قبيل المطالبة بما يسمى حرية الجنس والمثلية أوعمل قوم لوط وغير ذلك من التهتك والاستهتار تحت شعار ممارسة الحريات والحقوق . ومن البلادة  والغباء أو قلة الحياء ألا يبالي المستهترون بمشاعر الأمة  الدينية حين يطالبون بحرية الاستهتار والتهتك ، كما أنه من الخبث والمكر والدناءة أن ترتفع أصوات مغرضة  للدفاع عن الاستهتار والتهتك مستخفة بالأمة ، وذلك  بذريعة الدفاع عن الحقوق والحريات في الظاهر ونشر الفساد والإفساد في الباطن.  

وسوم: العدد 673