نسخة قديمة من صحيفة " فلسطين " اليافية
قدرتها كنزا نفيسا إذ وقعت في يدي ، وشكرت من حبانيها . إنها نسخة من جريدة " فلسطين " التي كانت تصدر في يافا قبل كارثة 1948 . وفي بياناتها أنها تأسست في 1911 بيد داود عيسى . وتصف نفسها على عادة صحف ذلك الزمان بأنها سياسية إخبارية مصورة . تاريخ النسخة 1 أبريل (نيسان) 1948 ، ورئيس التحرير يوسف حنا . وتتألف من أربع صفحات ( فرخ ) من القطع الكبير المخالف لصحف هذه الأيام ، والورق سميك . وقد خلف فيها الزمن (66عاما ) أثره ؛ فهي مصفرة باهتة نوعا ، وبعض كلماتها منطمسة الحروف لا تتضح للعين في يسر . وتستخدم مصطلح " العرب " لا " الفلسطينيين " إلا في الأندر . وقد يكون من أقوى دواعي استخدام مصطلح " العرب " ما فيه من تضاد للأقلية اليهودية في فلسطين حينئذ ، وكذلك لشعور الفلسطينيين القوي بأنهم جزء صغير من أمة عربية أكبر . أخبار الجريدة كمية ونوعية تزيل ظن كثيرين ممن لهم إلمام بتاريخ فلسطين الحديث ضاق أو اتسع أن الحرب في فلسطين انفجرت بعد انتهاء الانتداب البريطاني عليها في 15 مايو 1948 . ما حدث بعد ذلك التاريخ هو دخول الجيوش العربية التي واجهها اليهود بقوات حسنة التدريب والتسليح بلغ عددها 60000رجل متفوقين في ذلك على كل الجيوش العربية التي دخلت فلسطين . المعارك بين الفلسطينيين ومعهم بعض المتطوعين العرب من جهة والعصابات اليهودية والمستوطنات المسلحة بدأت بعد قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1947، وهو ما يرد في أخبار النسخة التي بين يدي . يقول العنوان الرئيس :" المعارك الرهيبة تمتد من القدس ويافا في الجنوب إلى صفد وطبريا في الشمال . اشتباكات القدس أمس تشمل المدينة القديمة والضواحي وتستمر ساعات طويلة ، واشتراك الجيش فيها بعد استنجاد اليهود به ..." و" الجيش" هو البريطاني . ونجتزىء من تفصيل الخبر ما يلي :" واصل المناضلون العرب البواسل ضغطهم على مستعمرة شمعون هاتسيدك المجاورة لحي الشيخ جراح وقد استمرت الاشتباكات مع المجرمين اليهود عدة ساعات في الصباح ثم تقدم المناضلون نحو المستعمرة بعد أن شددوا هجومهم واستعملوا فيه القنابل اليدوية ومختلف الأسلحة . وأمام هذه الهجمات العنيفة دبت الفوضى في صفوف المجرمين اليهود فتراجعوا إلى أن اضطرهم المناضلون للفرار إلى مؤخرة المستعمرة ..." . ومن الأخبار الأخرى :" ضباط سوريون وعراقيون يشترون الأسلحة " ، وفي تفصيل الخبر أن الأسلحة للمتطوعين العرب للقتال في فلسطين . ويرد خبر عن وصول اللواء صالح حرب باشا منتدبا من الحكومة المصرية " للاطلاع على الحركات العسكرية التي يتدرب عليها المتطوعون في سوريا ولبنان ..." . و"المناضلون العرب يخترقون حصون اليهود في بات يام ويدكون بعضها .حركة التفاف بارعة تستهدف المستعمرة من جبهتي الجبالية وتل الريش " . و " سلمة العربية الباسلة تدمر هجوما جديدا نظمه المجرمون اليهود وتغنم من ورائهم أسلحة وذخائر " ، وسلمة هنا هي قرية سلمة التي يشتهر أهلها بالشجاعة والطيبة ، وما زال أبناؤها في الشتات يواصلون تضحياتهم الوطنية شهيدا وراء شهيد . وفي خبر :" صهيونيان بين المتطوعين ! اعتقالهما في معسكرات التدريب بدمشق للتحقيق " ، والخبر مثل على سعي اليهود للاندساس بين العرب ، ومن الحقائق أن بعضهم أرسل مع اللاجئين الفلسطينيين إلى مواطن اللجوء بصفة لاجئين فلسطينيين بهدف التجسس . وفي خبر ترسل الآنسة زليخا الشهابي رئيسة " الاتحاد النسائي العربي " رسالة استنجاد إلى ملوك ورؤساء العرب وبرلماناتهم وصحفهم _ وتخص الصحف المصرية بالذكر _ وجماعة الإخوان المسلمين والهيئة العربية العليا في القاهرة ؛ لمواجهة الاعتداءات الوحشية لليهود مثلما ورد في رسالتها . ويتحدث خبرعن " استمرار حبس صهيوني وترجمة أوراق وجدت معه " ، والصهيوني _ مثلما جاء في الخبر _ هو عمانويل رياس الذي ضبط يوزع منشورات صهيونية على بعض المحال التجارية اليهودية في الإسكندرية تدعو إلى مساعدة يهود فلسطين . ورفعت نيابة الإسكندرية أمره إلى قاضي محكمة العطارين . وفي خبر آخر من مصر ورد في رد مجلس الشيوخ المصري على خطاب العرش :" التقسيم يسيء إلى قضية السلام في العالم " ، ويصف المجلس قضية فلسطين بأنها " من أمس القضايا ببلادنا المصرية ..." . ومن الأخبار السابقة وغيرها في الجريدة نرى :
أولا : شجاعة المحاربين العرب وصدقهم في التصدي للمشروع الصهيوني الذي أوصله قرار التقسيم إلى حلم الدولة .
ثانيا : رجحان كفة المحاربين العرب في القتال .
ثالثا : خطأ ما يقال إن اهتمام مصر بالقضية الفلسطينية وليد النزوع العربي لعبد الناصر .
رابعا : بروز الدور العراقي في الدفاع عن فلسطين .
وسوم: العدد 674