عقيدة غزية الجاهلية تتحكم في بعض المواقع الإعلامية بالجهة الشرقية بأرض المغرب

سيان  الغواية والرشد في عقيدة بعض الممتهنين للعمل الصحفي  ببعض المواقع الإعلامية بالجهة الشرقية . والغواية والرشد تجمعهما ـ وإن كان على طرفي نقيض ـ عقيدة غزية، وهي عقيدة عصبية  بدافع الحمية الجاهلية يترجمها قول الشاعر الجاهلي :

فهذا الشاعر دائما منحاز إلى قبيلته غزية راشدة أو غاوية . وإذا كانت هذه العقيدة لها ما يبررها في العصر الجاهلي الذي كانت تسود فيه القبيلة بسبب الصراع على المراعي والعشب والكلإ ، وتنشب بسبب ذلك حروب طاحنة تمتد لعقود طويلة، وتقدح زنادها أو شرارتها عقيدة الثأرالجاهلية التي قد تباد بموجبها قبيلة وقبيلة مقابل دم شخص واحد كما جاء في شعر الجاهلية ، فإنه لا مبرر لوجود عقيدة غزية في القرن الواحد والعشرين ،وقد بلغت البشرية أوج رشدها ،وبعدت الشقة بينها  وبين عهد  الانتصار للغواية تعصبا خصوصا في المجال الإعلامي الذي يعتبر سلطة رابعة شغلها تتبع ما تقوم به السلط الأخرى وانتقاده من أجل خدمة الرأي العام ،والصالح العام، والحقيقة دون أن  خشى في ذلك لومة لائم . ومما يعكس حقيقة الأداء الإعلامي في بعض المواقع بالجهة الشرقية ،والذي يمكن  نعته بالبدائي سيادة عقيدة غزية حيث تقف هذه المواقع مع بعضها البعض رشدا وغواية ، وربما نشأ بين بعضها صراع على كلإ  وعشب من نوع جديد . وإذا كان الوقوف مع الرشد محمدة وفضيلة لأنه وقوف مع الحق ، فإن الوقوف مع الغواية منقصة ورذيلة ، ولا يجمع بين الأمرين إلا من كان جاهلي التوجه متخلف الفكر يحسن به ألا يعيش في القرن الواحد والعشرين لأن عقيدة غزية التي يتشبث بها قد ولى عصرها منذ زمن بعيد . وبيان حقيقة  عقيدة غزية في تلك المواقع بالجهة الشرقية أن بعضها  آثر تقديم العشائرية  والقرابة على المهنية والحرفية ،فشق عليه أن ينشر انتقادا لتلك القرابة التي استباحت  مالا عاما له صلة  بمبادرة ملكية خاصة بقطاع التربية  ، وهو تحيز لتلك القرابة على غوايتها  وإساءة  إلى المصلحة العامة ،وكوب للباطل ، وتنكر للحق والحقيقة وجحودهما . وأما البعض الآخر من هذه المواقع فقد أبدى تعاطفا مع  المتعصب  منها للعشائرية والقرابة الغاوية بسبب المجاملة التي لا تحسن في المجال الإعلامي ، وأحسبها مجاملة  إنما يفرضها زواج المصلحة  والمنفعة ،ومنطقه : "لا تنشر ما يفضحني حتى لا أنشر  بدوري ما يفضحك"، وهو أسلوب تهديد صريح  تحاول المجاملة الكاذبة إخفاءه وما هو بخاف . وقد شطب هذا النوع من المواقع  النقد الموجه إلى غيره ممن يؤثر العشائرية والقرابة  على الحرفية بعدما نشره من قبل   فناله اللوم وصار يعتذرعلى ما نشر مع القطيعة  التامة مع الجهة الناقدة إرضاء للزمالة التي لا يحسن  بها في مجال الإعلام  أن تحكمها عقيدة غزية  وأن تكون مشروطة بتوخي الموضوعية والصراحة والحرفية والحقيقة مع تنكب المجاملة بسبب المصالح الشخصية المشتركة  . وأما نوع ثالث من هذه المواقع  فمن جهة خاضع للابتزاز والتهديد من طرف غيره الذي ينشر ما شاء متى شاء كيفما شاء ولكنه  في المقابل لا يقبل أن يواجه برد يفند ما نشر وإن كان افتراء وتلفيقا وتصفية حساب وهو ما ينزه الإعلام الحرفي النزيه عنه . ويشبه هذا الابتزاز والتهديد أساليب الأنظمة الشمولية التي تستأصل من يعارضها وتصفيه . والطرف الخائف الخاضع من تلك المواقع يؤثر السلامة ويتقي شر من يهدده ولا يجد إلى ذلك وسيلة سوى الامتناع عن نشر ما يتعلق  بالطرف المستنسر والمهدد والمتوعد، ومن جهة أخرى لا يقبل نقدا يناله نصيب منه ويفضح ما يحاول إخفاءه مع أنه:

 وأما نوع رابع فيغض الطرف ويتلكأ في نشر ما يغضب الطرف المتوعد بالويل والثبور وعواقب الأمور ، ويسوف عسى أن يسري اليأس إلى الجهة الناقدة فتنصرف عن نقدها ، الشيء الذي يفسح ذلك المجال لتصير بعض المواقع مواقع ترشق من تشاء بما تشاء أنى تشاء و تستغله وتوظفه لتصفية الحساب بشكل فاضح  مع من لا ترضى عنه رغبة في تشويه سمعته لدى الرأي العام  حتى وإن سلمت سمعته مما يشينها . وخلاصة القول أن الأقلام الجريئة لا مكان لها في المواقع التي تحكمها عقيدة غزية أوالتعصب للعشائرية والقرابة  أو المجاملة الكاذبة أو المصلحة الشخصية الضيقة أو منطق التهديد والوعيد . وليس من حق مواقع هذا حالها أن تنصب نفسها وصية أو مدافعة عن حرية التعبير ومتباكية عليها ، والحقيقة أنها تخنق هذه الحرية خنقا  فظيعا . ونأمل أن تهب في يوم ما ريح حرية التعبير على مواقع عقيدة غزية لتنقلها من أجواء العصبية إلى أجواء الحرفية والموضوعية  والنزاهة مع ما يتطلب ذلك من جرأة وشجاعة عملا بقول المولى عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )). وحري بالمواقع الإعلامية أن تتخذ من هذه الآية الكريمة شعارا لها عسى أن يخلصها ذلك من عقدة عقيدة غزية .    

وسوم: العدد 676