الوثنية في ثوبها الجديد

الشيخ حسن عبد الحميد

كان للعرب أوثانا منها ماهو في المسجد الحرام قرب الكعبة ، ومنها في الجزيرة العربية ، ومنها أصنام لثقيف وبعض قبائل العرب .

 لما فتح نبينا عليه الصلاة والسلام مكة ودخل المسجد الحرام حطّم الأصنام ورماها على الأرض وبعث خالد بن الوليد رضي الله عنه ليهدم العزى ، ففعل سيدنا خالد وحطّم العزى قائلا : ياعز كفرانك لا غفرانك إني رآيت الله قد أهانك 

وفي عهد الخلفاء الراشدين لم يبق صنم إلا سوي بالأرض وحُطم ، وطهرت جزيرة العرب من الأوثان ، وعلت كلمة التوحيد ، في غزوة أحد وقف قائد قريش يقول العزى لنا ولا عزى لكم ؟؟؟ فأجابه المسلمون : الله مولانا ولا مولى لكم 

ولما نزل على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) التوبة ٣١

 كان عدي بن حاتم الطائي واقفا يسمع ، قال يارسول الله ماعبدناهم !!!! 

قال عليه السلام ألم يحلوا لهم الحرام ، ويحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ؟؟

فتلك عبادتهم !!! 

ومضى عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ، ثم الدولة الأموية ، ثم العباسية ولم يكن للأصنام أثر في حياة المسلمين ، 

طويت صفحة الأصنام لما حطمها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحا ، قال تعالى : 

( انا فتحنا لك فتحا مبينا ) الفتح ١ ، 

فكان صلح الحديبة هو الفتح المبين .

وبدأت الفتوحات في عهد الصديق رضي الله عنه ، وتوسعت في عهد الفاروق عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وحارب أبطال الإسلام خالد وسعد والقعقاع بن عمرو وعقبة بن نافع وغيرهم في الردة والقادسية واليرموك ، وذهب محمد بن القاسم الثقفي إلى السند والهند فاتحا ، وعقبة وقتيبة الباهلي فاتح الصين ،

 فعلت راية التوحيد ونكست رايات الشرك ، ودخل الناس في دين الله أفواجا 

وقد كتب اللواء محمود شيت خطاب رحمه الله عن قادة الفتح ، وكتب أخونا محمد فاروق البطل عن أبطال الاسلام في موكب النبوة الخالد ، لما صاح عمر الفاروق وهو على المنبر في المدينة ( يا سارية الجبل الجبل ) كان سارية يقاتل في نهاوند في قلب فارس فسمع الصوت والتزم الجبل ، 

وطهُرت جزيرة العرب من الأصنام والأوثان ، 

وجاءت الحروب الصليبية بين المسلمين وأعدائهم لكن البطل صلاح الدين الايوبي رد كيدهم في نحرهم وحرر القدس في معركة حطين ،

واحتلت فرنسا سوريا والانكليز العراق فثار الشعب العربي ومعه كل المسلمين على الغرب المحتل لبعض أراضي المسلمين ، وتقاسم الغرب الغنائم في معاهدة سايكس بيكو !!! 

وظهر للوجود الحكم العثماني ، وقاد العثمانيون حملات إلى أوربا ففتحوا الدنيا باسم الإسلام ، حتى جاء وقت كانت أوربا كلها تدفع الجزية لسلاطين آل عثمان 

وجلت فرنسا عن سوريا والإنجليز عن العراق ، وجاءت عهود وطنية وصرنا نسمع عن قادة وطنيين أمثال شكري القوتلي وخالد العظم ويوسف العظمة وإبراهيم هنانو ورشيد كرامي في لبنان ورياض الصلح ، وظهرت للوجود قيادات سياسية ركبت موجة التحرير من الاجنبي ،

وظهر حزب البعث العربي والحزب القومي السوري والحزب الشيوعي بقيادة خالد بكداش ، وكانت في سوريا طوائف تعمل في الخفاء لاستلام الحكم ، فكثرت الانقلابات ، وكان آخرها ثورة آذار التي فصلت سوريا عن مصر ، وكانتا دولة واحدة ، إقليم جنوبي هو مصر ، وإقليم شمالي هو سوريا بقيادة عبد الحميد السراج الحموي 

واستلم البعث الراية وكان له أنصار عند الطوائف الإسماعيلية والعلوية والدرذية ، وبدأت زعامات جديدة تظهر في الأفق ، وبدأ تقديس الحكام وتسليط الأضواء عليهم ، فسميت الشوارع باسمهم وكذلك الجامعات والمدارس والمصانع بل والمساجد ، حتى صار اسم الرئيس على كل لسان ، وله تماثيل على رؤوس الجبال والوديان والحدائق والميادين ، 

الدوار باسمه والمسبح باسمه والملعب باسمه ، ونحن فتحنا الباب فلا نلوم أحدا !!!! 

نصف الشعب صار جواسيس ومخبرين وشبيحة ، وصارت لغة الكرباج هي السائدة ، وهجر أكثر من نصف الشعب وطنه ، وهاموا على وجوههم في أنحاء الدنيا ، وباسم الارهاب ذللنا شعبا ما أراد سوى الحرية ؟؟؟؟

إذا تقديس الحاكم هو البلاء وهو الوثبة الجديدة !!!

سألت مسؤولا حزبيا كبيرا ، قلت له فكوا عن هذه الأمة !!! 

أأنتم استعمار ؟؟ 

قال نعم : استعمار !!!؟ 

الشيخ المجاهد محمد حسن حبنكة رحمه المولى قال لأبي عبدو الحافظ : الله أعز الدروز بسليم حاطوم ، والعلويين بصلاح جديد ، وأذل الإسلام والمسلمين بك ياأباعبدو ؟؟؟ 

في فحص المقابلة لكلية التربية نجحت لأني قرأت كتاب معالم الحياة العربية لمنيف الرزاز ، وأنا لم أقرا الكتاب بل اطلعت على الفهرس ، فقالت اللجنة قم ناجح ؟؟؟ 

في بلاد الدنيا كلها برلمانات ويحاسب الوزير فستقط الوزارة !!!!

أما في بلادنا فالحاكم مقدس والشعب دُرب على التصفيق والانحناء ؟؟؟

 فرنسا جلت عن سوريا لكن خلفّت  أذنابا وأنصارا ، وصار دين الشعب وإسلامه هو 

العدو الأول  !!!

 وهتاف أمة عربية واحدة كذب وخداع ؟؟؟ فالآن أمم ؟؟ 

والرسالة الخالدة هي لمصالح الطائفة والحزب وعلى الوطن السلام !!!!

وضاع الوطن وخسرنا الحروب ولايعرف أحد ماذا حدث لأن الأفواه مكممة وأصحابها في السجون !!!!

إليك هذه القصة : 

عند ساحة المرجة في دمشق رجل مسن يركب عربة كارو ، تزحلق الحصان وجعل الفزيعة ينهضوه ، قال صاحب العربة ببراءة والله كان مثل أسد ، مر جنود رفعت سرايا الدفاع فأطلقوا عليه النار ، فكان أول شهيد لاتحاد العمال الذي يحتفل به في ٦ أيار !!! 

وأخيرا أقام الفزيعة الحصان لكن صاحبه انتقل للدار الآخرة بجهود جنود رفعت البواسل ؟؟؟ 

وأتسال بحسرة هل لا زال الحصان وراكبه على حاله عند دوار الباسل ؟؟ 

أم اقتبس من نفحات جامع عبد الله بن عباس في حلب فسقط ؟؟؟

وأما أن لهذا الفارس أن يترجل عبارة قالتها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حين صلب الحجاج ولدها عبد الله بن الزبير بعد أن حز رأسه ؟؟؟؟

وعلى الديمقراطية السلام !!!!

فالنواب الأمنيون يصفقون وهمهم قبض الراتب آخر الشهر شعارهم من أخذ أمي أناديه عمي ، ويصفقوووون !!! 

وصور قائدهم تعم المدن والدوائر والمؤسسات بل وصالات الأفراح الأتراح

، بل وفي بعض صالات المساجد ؟؟؟؟ 

وهم الذين أسقطوا مقولة القائد الوطني وابدلوها بمقولة نحن أو نحرق البلد !!!!

 في بلدنا في المهجر لاحظت أعلام تركيا تملأ الميادين والجدران والأسطحة والمحلات ، ولم أجد وأقسم بالله لم أجد صورة واحدة لزعيم البلاد ، هم يمجدون الوطن ولايمجدون زعيم ، ونحن في بلدنا نمجد الزعيم فهو كل شيء ، فالوطن اختزل  فصار عنوانه الفرعون الجديد ، وكأنه مابقي في الميدان إلا حيوان واحد !!!!

 كما هتفوا سابقا ناصر ، ناصر في ساحات دمشق !!! وقديما قالوا يافرعون من فرعنك ، هذه هي الوثنية بثوبها الجديد !!!!

 ولله الأمر من قبل ومن بعد ، 

وحسبنا الله ونعم الوكيل 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 680