وطني ...
قال أبو ريشة :
وطن عليه من الزمان وقار
النور ملء شعابه والنار
تغفو أساطير البطولة حوله
ويهزها من مهدها التذكار
وقال آخر :
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام
أحب وطنا سقط رأسي من بطن أمي فيه ، فأول رشفة من هواء عليل استنشقتها هي من هواء بلدي الباب ...
أول بلد في سوريا مسح بعلم فرنسا الأرض ، وأخد المليس أسرى ؟؟؟
وكم كنت أطرب لسماع : على بلد المحبوب وديني ، زاد وجدي والبعد كاويني .
لمّا طلبتُ تعيني في نجران على حدود اليمن ، تسأل رئيس لجنة التعاقد السعودي قال مستغربا : تريد نجران ؟؟
أبعد نقطة في المملكة السعودية ؟؟؟
قلت فيها أبناء بلدنا الباب أمثال حسن اليوسف وعبد الرحيم حاج قاسم رحمه الله .
بل كنت أتسقط أخبار بلدنا الباب فأسأل السائقين لسيارات الشحن عن أهل حلب وأبناء البلدة سيكون بينهم ، قيل لي وراء الجبل في نجران حلبيون ، سعيت مسرعا لمسافة ٢٠ كم فوجدت عددا من أبناء الباب ، منهم واحد من آل عثمان ، أخذت أربعة ضيوفا ، أكرمتهم ، تغسلوا وناموا بهناء ، طبخت لهم في اليوم الثاني أكلة الباب المفضلة ( السماقية )
بالغت في إكرامهم لأنهم من الباب .
الباب باب المجد ، باب العزة والكرامة ...
لما درست في دمشق كنت أقف في كراج أرسان لعلي ألقى سائقا من آل عصفور أو شكري العلوش أو أحمد الباقي ، إن رائحة الباب تملأ دماغي .
كنت العبد الفقير أنزل من نجران إلى مكة المكرمة والمسافة ١٠٠٠ كم لأحج وألقى أبناء البلد وهم يتجمعون في المسعى الفوقاني في الحرم الشريف ، وكانت سعادتي أن ألتقي بهم ، وأسمع أحاديثهم وكثير منهم لا أعرف أسماءهم .
رأيت صديقا حزبيا في المسعى ووقفنا ننظر إلى الكعبة المشرفة ، وتجاذبنا الحديث فقلت له إن شاء الله وعدت للبلد الغالي سيكون كذا وكذا ، فقال على الفور ( لا قدر الله ) ؟؟
هكذا نسمع ماغرسه الفكر العفلقي في أذهان الناس ، أنا أفهم الحزبية تنافس على خدمة الوطن ،
لا أحقاد ولا ضغائن ؟؟؟؟
وشعار الحزب ولا أقول القائد بل الخاين :
أمة عربية واحدة ، ذات رسالة خالدة ؟؟؟
فإذا كنا في بلد صغير لسنا أخوة متعاونين متحابين ، فكيف تكون أمة واحدة من المحيط إلى الخليج ؟؟؟
إن ميشيل عفلق وأكرم حوراني وهما رجال البعث غرسوا في عقول الناشئة التفرقة العنصرية ، بل حشوا أدمغة الصغار بأحقاد !!! يسقط عميلة الاستعمار الإخوان المسلمين ، يالطيف ، روعنا السفهاء ؟؟؟
صرت أنا دارس شريعة محمد عليه السلام وأجل عيسى عليه السلام أكثر من ميشيل عفلق ، صرت عدوا يكتب فيه التقارير !!
صرنا جواسيس للغير ، للطائفة التي تختبىء خلف أسوار الوطن ، وتعد العدة لدولة طائفية تقف في وجه أهل السنة والجماعة !!!
وماحدث بالأمس في داريا خير شاهد ودليل ؟؟
علما أن أهل السنة والجماعة أكثر الناس تسامحا وانفتاحا ، إن عشرات بل مئات من المهاجرين الأرمن أفسحنا لهم أبوابنا ، وسمحنا لهم بإنشاء كنيسة يعبدون الله بناء على تصورهم ولو كان خاطئا !!!
وقدر الله عودتي للوطن رغم أنف الحاقدين ، لقد دخل الزعيم المسلم أبو عابد ومعه عمادان وطلب من رئيس الدولة عودتي مع أبي ماهر من المنفى إلى بلدنا ، وكان الأمر كما قدر الله ووصلت مطار النيرب بحلب وتم التحقيق معنا ، وانطلق الركب إلى البلد العزيز الذي حرمنا منه عشرون عاما ، لأنه ضاق بنا ؟؟؟؟
أنا درست الشريعة فكنت أنقل في كل سنة من بلد إلى بلد ، ولو درست الرسم والرياضة لما اقترب مني أحد ؟؟
درّست في مدرسة مسيحية عند بوابة القصب فكنت موضع الاحترام والتقدير ،
أما في بلدي فتتناوشني التقارير الحزبية من كل جانب ، مخبر تحت منبري في مسجد الصديق ، وآخر في قاعة الدرس ، وآخر في سوق البلدة ، وأنقل من مكان إلى مكان !!!!
خلاصة التقارير : يهاجم الثورة بإسلوب ناعم ، بل دعيت للتحقيق إلى الأمن السياسي لأني قلت للطالبات اكتبوا على ورقة الامتحان بسم الله الرحمن الرحيم وعلى مسؤوليتي ، وكانت مديرة المدرسة للبنات من الطائفة الحاكمة من وراء الحزب ، وصارت كتابة البسلمة جرما أعاقب عليه !!!
ونحن في بلد دستوره يقول الفقه الاسلامي ممصدر التشريع ؟؟؟
لمّا وصلنا للبلدة الغالية التي كنت أترنم فيها وانا في غربتي في نجران بقول الشاعر الاندلسي وأنا أقصد أندلس سوريا الباب :
جادك الغيث إذا الغيث همى
يازمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما
في الكرى أو خلسة المختلس
لما وصلت البلدة كان هناك زفة عروس فاعتبر الحزب الخاين أن هذا تحد له وبدأت الاتصالات ؟؟؟؟
وختام هذه الخاطرة :
كنت في زيارة لمقبرة البلدة شمالا لفت نظري قبر ، المرمر فخم ضخم ، قرأت الشاهدة وإذا به المرحوم عبد الحزب لا عبد اللطيف ؟؟؟
كدت أسجد لله شكرا وقلت ياجبار السموات والأرض عز جارك وجل ثناؤك ، ياكبير ياعظيم يارحمن يارحيم ، يامن رفعت السماء بلا عمد ، فهذا الذي قال لي في مكة : لاقدر الله ؟؟؟؟
ياقاصم الجبابرة ويامذل الفراعنة ، رحمتك نرجو ياالله
وأتسأل بحسرة وأقول أين أبطال الحمى !!!
أين المدافعون عن تراب الوطن الصغير ، عن مسقط الرأس ، أين المرابطون في تركيا ، أين أبطال كتائب المجد باسم أبو بكر والفاروق وسيف الله ، أين الشباب يدافعون عن الحرائر ؟؟
هل أصبحنا أحفاد المنهزمين في حرب حزيران ، حين هرب أبطالنا وملأوا السهل والوديان ، وألقوا السلاح الفردي على الأرض ، وصاروا اليوم أبطالا في الهجوم على العلماء ، والهمز واللمز والطعن بالمجاهدين على الجبهات الا مارحم الله ؟؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل ،
ولا حول ولا قوة الا بالله
والله أكبر والعاقبة للمتقين
وفرجك ياقدير
وسوم: العدد 684