لا مفر من المواجهة مع النظام الايراني
صحيفة العرب القطرية
قد يفهم البعض هذا العنوان على أنه دعوة لشن حرب على إيران، لكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك بقدر ما هو استنتاج لما سينتهي إليه المسار القائم في المنطقة منذ احتلال #العراق في العام 2003 بشكل عام، وفي عهد #أوباما بشكل خاص.
سلوك النظام الإيراني لم يتغير على الإطلاق، بل زاد في غيه وطغيانه وازداد جرأة وقوة في التطاول على جيرانه، والمعضلة الأكبر أنه لا يخوض معاركه معنا بشكل مباشر وإنما بالواسطة، وكلما مر الوقت كلما تدهور وضع المنطقة لصالحه.
خلال العقود الماضية وعندما كانت #إيران تعد العدة لما نراه اليوم على أرض الواقع من ميليشيات طائفية مسلحة، ونفوذ عسكري واقتصادي وسياسي واحتلال للعديد من الدول العربية، كانت الشعوب العربية تقف إلى جانب إيران ضد كل من حذر من خطرها آنذاك.
نعم الأنظمة العربية لم تفعل الكثير ولم يكن لديها خطة للمواجهة كالعادة، لكن قوة المواجهة والمناعة تأتي أيضا من الشعوب بالدرجة الأولى، شعوبنا العربية في الغالب العام بعوامها ونخبها كانت مؤيدة للنظام الإيراني ولشعاراته الكاذبة، وحاربت كل من دعا إلى التحوط من هذا النظام وإلى مواجهته.
حتى العام 2009، كانت شخصيات مثل أحمدي نجاد و #الأسد ونصر الله هي الأكثر شعبية في العالم العربي، وكان كل من يحذر من مشروع إنشاء هلال شيعي إيراني يتهم بالعمالة لإسرائيل ! وللمفارقة تذوق الشعوب العربية اليوم المآسي والويلات، وتدفع ثمنا باهظا جداً لموقفها هذا.
المشهد الحالي يقول إن الهلال الشيعي الإيراني حقيقة، وإن إيران تغزونا في عقر دارنا، لقد نجح نظام الملالي كما يتباهى في غزو أربع عواصم عربية والسيطرة عليها حتى الآن، ولا يبدو أنه في تراجع.
أذكر أن خبراء الجيل الماضي في الدراسات العسكرية والمستقبلية من أصحاب المنهج الكمي، كانوا يهزؤون ممن يحذر من قوة إيران المتزايدة، فيشيرون إلى أن جيشها متهالك ومقاتلاتها خارج الخدمة وموازنتها العسكرية لا تساوي موازنة دولة صغيرة من دول الجوار.
لكن المفارقة الثانية هنا أن النظام الإيراني حقق كل ذلك دون أن يستخدم دبابة واحدة أو طائرة واحدة، وهذا يعني أن المواجهة ليست من النوع التقليدي حتى يتم التفكير في أساليب تقليدية لمواجهته، اليوم تحاربنا إيران باستخدام وكلاء من بيننا، وباستخدام أموالنا وباستخدام شبابنا وباستخدام سياسيينا وباستخدام ساحتنا، وبينما نقوم فقط بالتركيز على احتواء تداعيات استخدامها لهذه الموارد، لا تستمر هي في إعادة دعمهم وترتيب أوضاعهم وتدريبهم وتسليحهم وإعادة توجيههم ضدنا فقط، بل تقوم أيضاً بتطوير قدراتها العسكرية التقليدية بشكل سريع.
الصفقة النووية مع إدارة أوباما، وسماح الإدارة للنظام الإيراني بالتوسع الإقليمي ورفع العقوبات عنه وغض النظر عن تجاوزاته والامتناع عن معاقبته والدعم غير المباشر له في النزاعات الإقليمية، كلها عوامل سرعت وقوت من الموقف العسكري للنظام الإيراني في الساحة الإقليمية.
إن الكلام عن طبيعة دفاعية للاستراتيجية العسكرية الإيرانية أصبح كلاماً من الماضي، وما نراه اليوم هو استراتيجية هجومية في جميع الاتجاهات، لكنها إستراتيجية غير تقليدية تحتاج إلى أسلوب مواجهة غير تقليدي لا يكتفي بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم فقط، بل يهدف إلى إشغال إيران بنفسها، فالمواجهة مع وكلائها لم تعد كافية لتحجيمها وإيقافها عند حدها، والمسار الحالي لا يترك لنا كثيراً من الخيارات.
وسوم: العدد 689