القدس والأقصى مفتاح السّلم والحرب

قرار منظمة الأمم المتّحدة للتّربية والعلوم والثّقافة الذي ينصّ على :" الحفاظ على التّراث الثّقافيّ الفلسطينيّ وطابعه المميّز في القدس الشّرقيّة، واعتبار المسجد الأقصى وكامل الحرم الشريف موقعا إسلاميّا مقدّسا ومخصّصا للعبادة." له أهمّيّة كبيرة، كونه يشكّل اعترافا دوليّا بالحق الفلسطينيّ بمدينة القدس، وأنّ المسجد الأقصى مسجد اسلاميّ خالص." فما عادت الرّواية الصّهيونيّة تنطلي على العالم.

ومع البدهيّة التّاريخيّة بأنّ القدس مدينة عربيّة منذ أن بناها الملك اليبوسي ملكي صادق العربيّ قبل ستّة آلاف عام وسمّاها يبوس واتّخذها عاصمة لمملكته. وتأكّدت عروبة المدينة واسلاميّتها بقرار ربّانيّ منذ ما يزيد على ألف واربعمائة عام، من خلال معجزة الاسراء والمعراج. والزّائر للمدينة المقدّسة سيجد أنّ كلّ حجر فيها يشهد بعروبتها.

ورغم الحفريّات الاسرائيليّة التي استلّت أحشاء القدس، وتهدّد أساسات المسجد الأقصى، ومن قبلها حفريّات دائرة الآثار البريطانيّة، إلا أنّه لم يتمّ العثور على أيّ أثر يهوديّ.

والمسجد الأقصى جزء من العقيدة الاسلاميّة فهو قبلة المسلمين الأولى، ومعراج خاتم النّبيّين صلى الله عليه وسلم، وهو أحد المساجد الثّلاثة التي تشدّ إليها الرّحال، واسمه مقترن بقدسية واسم الكعبة المشرّفة، والمسجد النّبويّ، ممّا يعني أنّ المسّ بالأقصى مسّ بهما. من هنا فإنّ الحديث عن الأقصى ليس حديثا عن مساحة مكانيّة، بل هو حديث عن عقيدة، وبالتّالي فهو ملك للمسلمين جميعهم، ولا يملك أحد كائنا من كان التّنازل عن ذرّة تراب منه.

واسرائيل الغاضبة من قرار اليونسكو، كشفت بشكل واضح عن أطماعها في المسجد العظيم، الذي قسّمته زمانيّا منذ العام ٢٠٠٠، وتسعى لتقسيمه مكانيّا، وهي تعمل على الضّغط سياسيّا على الدّول التي صوّتت لصالح القرار، مستعينة بالعصا الأمريكيّة، كي تتراجع هذه الدّول عن موقفها بهذا الخصوص،علما أنّ اسرائيل وبدعم أمريكي لا محدود لم تحترم أيّ قرار للشّرعيّة الدّوليّة بخصوص الصّراع الشّرق أوسطي، بما في ذلك القرار رقم ١٨١ الصّادر عن الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في نوفمبر ١٩٤٧ والمعروف بقرار التّقسيم. والذي يشكّل نصفه شهادة الميلاد الدّوليّة لاسرائيل كدولة، وينصّ أيضا على اقامة دولة فلسطينيّة.

والقدس العربيّة المحتلّة تتعرّض يوميّا لعمليّات التّهويد التي تستهدف المكان والثّقافة ، وتتعدّى ذلك إلى المقدّسات، فهل سترعوي اسرائيل لقرار اليونسكو وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة بخصوص القدس والمسجد الأقصى، أم ستستمر في ضلالها؟ وإذا  ما مسّت بامسجد الأقصى فإنّها ستدخل المنطقة في حروب دينيّة لن ينجو من نارها أحد، وستهدّد السّلم العالميّ أيضا.

والخوف هو أن تخضع دول عربيّة واسلاميّة لضغوط "الصّديقة الكبرى الولايات المتّحدة الأمريكيّة"، "والجارة الحليفة اسرائيل" وتتراجع عن القرار مثلما تراجعت عن قرار اليونسكو الصادر عام ١٩٧٨ ووصف الصّهيونيّة بالعنصريّة؟ وهذا ليس مستغربا في زمن الهزائم.

وسوم: العدد 690