الثورة الجزائرية في حوض الشلف
بتاريخ الثلاثاء 8 صفر 1438، الموافق لـ 8 نوفمبر 2016 ، شهدت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الشلف،محاضرة بعنوان "الثورة الجزائرية في حوض الشلف"، من إلقاء الأستاذ المجاهد بلعالية دومة محمد، وهو من مواليد 1929، وتلقى علومه من جامعة الزيتونة، ومن الذين دخلوا معترك الثورة سنة 1957، وعائلته تضم 63 شهيدا، كما ذكر ذلك الأستاذ ميلود.
تمحورت حول المسار الذي إتخذته الثورة الجزائرية في حوض الشلف من جهة، ومن جهة ثانية الأسباب التي جعلت الثورة تتأخر في حوض الشلف، رغم أن المنطقة كانت رائدة ومهمة وتعرضت لوحشية فضيعة من طرف الاستدمار الفرنسي، جراء موقف سكان الشلف المؤيد والمناصر والمشارك في الثورة الجزائرية، فكانت هذه الأسطر..
خرجت المنظمة السرية من مؤتمر إنعقد بدوار زدين بالروينة حاليا، والتي كانت تتبع الشلف يومها. وكان أعضاؤها على دراية في حمل السلاح وإستعماله، وكانوا أصحاب خبر في مجال السلاح . وبعد 09 سنوات إنفجرت الثورة .
في 10 أكتوبر 1954، حدّد تاريخ الثورة، واليوم، والساعة، وعلى أن تشمل الجزائر كلها، وليس منطقة دون منطقة.
وعن مكانة الشلف ودورها في الثورة الجزائرية ، يقول.. كانت الشهيدة حسيبة بن بوعلي تفتخر على الشهيد علي لابوانت رحمة الله عليهم جميعا، أن عدد الفدائيين والمجاهدين بالأصنام يومها والشلف حاليا، يفوقون بكثير نظرائهم بالعاصمة.
ومن الأسباب التي أدت إلى تأخر الثورة في منطقة الشلف، هي..
1. زلزال 9 سبتمبر 1954، الذي ألحق اضرارا بالغة بالأصنام يومها والشلف حاليا، رغم أن الشلف كانت على كامل الاستعداد لاحتضان الثورة الجزائرية.
2. جماعة كوبيس: وهي جماعة كانت لها أهداف تخدم الاستدمار الفرنسي ولا تخدم الجزائر. ضغطوا على حفظة القرآن الطٔلْبة (بضم الطاء وسكون اللام) ليتبعوهم، ثم راحوا يكذبون على الناس ويقولون لهم زورا.. لو لم نكن على حق ما تبعنا الطٔلْبة. وهل أنتم أفضل من الطٔلْبة. وبلحاج الجيلالي المدعو كوبيس، كان من أبرز قادة الثورة الجزائرية ومتمرس عسكريا، وصديق حميم لبوضياف وبن مهيدي ، باعتبار المنظمة الخاصة نشأت في زدين. وكان تحت إمرته 2000 خائن مثله، لذلك كانت الثورة عنيفة جدا في حوض الشلف .
3. جماعة مصالي: إستقبلت الأصنام سابقا والشلف حاليا مصالي الحاج، وفتحت له كل القرى والمداشر. وكان المصاليون بكثرة في وادي الشلف، لكنهم أتعبوا كثيرا الثورة الجزائرية ، خاصة حين ظهر جيش كوبيس وفيما بعد مايسمون بالشيوعيين، الذين إلتحقوا متأخرين بالثورة. ما فعله مصالي في الجزائر وفي داخل فرنسا أيام الثورة الجزائرية لا يشرف أبدا . كان المصاليون يقتلون الجزائريين في المقاهي، والدكاكين، والطرقات. وأرسلت الجبهة رسالة إلى الرئيس حبيب بورقيبة ليوقف أعمال مصالي الحاج المضادة للثورة الجزائرية ويوقفه، وفعلا بعث له بورقيبة رسالة في ذات الشأن. وبعد 15 يوم من الرسالة، قتل مصالي والمصاليين عددا كبيرا من المجاهدين . وكان مصالي يثبط الجزائريين، ويقول لهم زورا.. هل جننتم كيف تحاربون فرنسا، وأنتم لا تملكون شيئا، وفرنسا تملك الطائرات والبوارج والمدافع .
4. الثورة كانت تحتاج لاستعداد، وإعداد، وجمع المال.
5. إنطلقت الثورة الجزائرية في كل حوض الشلف في النصف الثاني من سنة 1955، عن طريق التفجيرات، وتخريب منشآت العدو الفرنسي المحتل.
وعن سؤال حول مايو أجاب.. كان مايو ضد الحزب الشيوعي الفرنسي، وهرّب كمية كبيرة من الأسلحة ، وألقي عليه القبض في حدود الكريمية بالشلف من طرف حركى وخونة.
وعن سؤال حول الإعدامات أجاب.. وكان الجيش يعدم بعض المجاهدين خوفا على الثورة، ولو لم يكونوا من الخونة والحركى. وتحدث عن حادثة وقعت بالشلف وراح ضحيتها أحد المجاهدين لم أستطع إستحضار إسمها، بأن السبب في الاغتيال يعود لخلاف بين جيشين في منطقتين مختلفتين .
تعرضت بقعة أولاد بن يوسف بالشلف، لقصف الطبران الفرنسي المحتل، ولم سلم الحيوانات من القصف، لأن القرية كلها كانت مع الثورة الجزائرية، وخرج من ظهرها مجاهدون، وشهداء.
شملت الثورة كل أنحاء الشلف، وكانت تنتقل من مجاجة إلى الطوافرية وهكذا، ولم تكن في منطقة واحدة، لذلك كان رد الاحتلال الفرنسي عنيفا ووحشيا ضد الشلف وسكانها لنصرته للثورة الجزائرية ومشاركتهم الفعالة .
تحدّث الأستاذ المجاهد عن نفسه ، فقال.. لم أستطع أن أعلّم أبنائي لظروف الثورة الجزائرية التي منعتنا من الاهتمام بأبنائها، لكن أمهم هي التي تكفلت بهم، وأصبح منهم الآن في مناصب حسنة وبشهادات جامعية عالية .
قال إتجهت إلى فرنسا سنة 1957، وأنا أتحدث عن الفترة التي عشتها، أما الفترة التي غبت فيها عن الجزائر، فلا يمكنني التحدث عنها ولا التطرق إليها.
ختم محاضرته قائلا .. الثورة الجزائرية كانت نصرا من الله تعالى وهبة من الله تعالى.
وسوم: العدد 694