لا نعرف أين الحق؟
يقولها كثير من المثقفين فضلا عن العوام
يقول الإمام العلامة ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة"،
وسئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله لا يُسلِم الحق، ولكن يتركه ليبلوا غَيْرة الناس عليه فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه"،
ويقول أيضًا: "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق"، فالحق أحق أن يتبع وكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم..
واﻷصل في الطريق إلى الله عدم التعلق باﻷشخاص مهما كانوا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]، والمحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم وكل من تساقط على الطريق وتجاوز الحق تجاوزه التاريخ، فيعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال.
ويحدد شيخ الإسلام ابن تيمية أن وقوفك في صفوف الظالمين خيانة، ولو نطقت بآيات القرآن، فيقول رحمه الله: "إذا وجدتموني في صفوف التتار وفوق رأسي مصحفًا فاقتلوني"، وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام مثلما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام.
قال الفرزدق الشاعر المعروف للحسين بن علي عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم: "قلوبهم معك وأسيافهم عليك، والأمر ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"، فقال الحسين رضي الله عنه: "صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو الـمستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته".
ومن يدعي الحياد فإنه متردد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخطأ والصواب؛ والخير والشر؛ والحياد في أمر الحق والباطل مسألة غير واردة إطلاقًا {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس من الآية:32].
فالمحايد شخص لم ينصر الباطل بشكل مباشر ولكنه خذل الحق وأعان عليه، وقلل سواده وأخر نصرته، وفتن أهله ولبس على الناس في أمره، وأضل نفسه وغيره ببعده عن جادة الطريق، ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "الطعن بالمجاهدين من دلائل فسق الرجل".
وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين.
ولا يخاف سماع صوت الحق إلا مَن كان على الباطل، ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل، وسيأتي النصر بزمان ومكان وطريقة لا تخطر على قلب بشر مؤمنًا كان أو كافرًا:
{ومَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى للْبَشَرِ} [المدثر من الآية:31]...
وسوم: العدد 695