قصتي مع عرض الكتب
يقرأ صاحب الأسطر منذ طفولته، ومن يومها وهو يشتري الكتب، ففي مرحلة الجامعة كانت المنحة الدراسية تخصص لشراء الكتب. وكانت الأسواق والأرصفة التي تعج بالكتب مصدر شراء الكتب.
كانت بدايات عرض الكتب عبر الصحافة الجزائرية في بداية التسعينات من القرن الماضي، مع تسجيل أن طريقة عرض الكتاب تختلف من مرحلة زمنية إلى مرحلة زمنية، لكن يبقى الأصل ثابت ألا وهو قراءة الكتاب ثم عرضه.
وما زال صاحب الأسطر وهو مقبل على 51 سنة من عمره وأب لأربعة، يشتري الكتب ويقوم بعرضها عبر الصحف، ويشتري لأبنائه الكتب، ويسعى جاهدا أن يغرس فيهم حب المطالعة ، وكيفية قراءة كتاب، وطريقة عرضه.
الكتب التي عرضت في شبابي لاقت قبولا حسنا لدى القارىء والجرائد الجزائرية ، وأزعم أن الكتب التي يعرضها صاحب الأسطر الآن عبر مختلف الجرائد والمجلات، تلقى تفس الإعجاب لدى القارىء ، والقائمين على الجرائد والمجلات .
وما زال صاحب الأسطر، ينتظر نصائح وتوجيهات في شأن قراءة الكتب وعرضها، ويظل يستفيد من النقد الذي يوجه له، شاكرا أصحابه وأهله.
لكن في الآونة الأخيرة، طفت على السطح حملة تكفير ، وتفسيق، وحقد، وغل على من يقرأ ، ويكتب، ويعرض الكتب.
فعوض أن يهتم القارىء بما قدمه له صاحب الأسطر من قراءته للكتاب، ويستفيد منها قدر ما يستطيع، ويعرض نقده للكتاب أو لمقدم الكتاب بأدب، وعلم، وأخلاق، تراه يترك كل هذا جانبا، ويسل سيف الشتائم والسباب، فيسلطها على الكتاب الذي لم يقرأه، وعلى عارض الكتاب الذي قرأ له لأول مرة، فيحرم نفسه فضل الكتاب، وفضائل عرض الكتاب، ومتعة النقد والتصحيح ، والتقويم .
ويكفي تقديم بعض النماذج التي عاشها صاحب الأسطر، وهو يتعب ، ويسهر، من أجل عرض الكتب
يهاجم المرء بأبشع الألفاظ لأنه عرض كتاب عن صدام حسين. ويشتم بأقذر الألفاظ لأنه عرض كتابا عن غولن. ويهاجم في وطنيته ويتهم في دينه، لأنه عرض كتاب للمجرم الفرنسي الجنرال ماسو، وكتاب للجلاد الجنرال أوساريس عن الثورة الجزائرية. أما عن كتب المذكرات والرحلات التركية التي تطرق إليها صاحب الأسطر، فقد ناله حظ كبير من الشتم والسباب. وكتب عن الأمير عبد القادر، وعن إحتفال الإمام بن باديس بالمولد النبوي الشريف من خلال كتاب آثار ابن باديس للأستاذ عمار طالبي. وعن رحلة إمام البيان البشير الإبراهيمي، وشخصيات علمية وفكرية ودينية من داخل الجزائر وخارجه، وشهادات المجاهدين الجزائرية عن أحداث واسماء، وكتب عديدة كثيرة لاتحضرني الآن .
وما وقف عليه صاحب الأسطر من خلال الشتائم التي يتعرض لها فيما يخص الكتب التي يعرضها، أن أصحابها يريدون أن تقرأ لهم ما يريدون، وتعلق بالطريقة التي يحبونها، وأن تبغض الذي يبغضون، ولا تتطرق للشخص أو الدولة أو الفكرة الذين لايريدون التطرق إليهم.
ما يجب التركيز عليه في هذا المقام، أن قراءة الكتاب تحتاج لجهد، ووقت، وتركيز قوي، وانتباه شديد، أضف لها ما يحتاجه عرض الكتاب ونقده من كل ذلك وزيادة.
وكم يفرح صاحب الأسطر حين يستفيد القراء من عرضه للكتب، ويوجهون له النقد بأدب، ويصححون له إن أخطأ، ويضيفون معلومات ثرية مفيدة، وهذا هو المطلوب من القارىء المتتبع.
بقيت ملاحظة، أن هذا الحقد والبغض على عرض صاحب السطر للكتب، يقابله إصرار ، وثبات، وعزم على مواصلة قراءة الكتب وعرضها ، ليستفيد منها من رزق البصيرة، وينتقد من أوتي أفضل مما جاء في الكتاب.
وتحية تقدير لكل من انتقد بأدب، وصحح بصدر واسع، وأضاف ما يفتخر به المجتمع، ويذكره الناس في حياته ومن بعده .
وسوم: العدد 695