منشور كانيفا: الطليان المحتلون كذابون أصليون

د. عبد السلام البسيوني

كانت المنشورات إحدى وسائل الإيطاليين في محاولاتهم السيطرة على ليبيا، ومن هذه المنشورات منشور كارلو كانيفا - قائد الحملة الإيطالية على ليبيا - المحرم 1330 ه/ يناير 1912م:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين، صلى الله وسلم عليهم أجمعين..

للعساكر الإيطاليين، الموكل إليها نحو الحكومة التركية في طرابلس، والقيروان، والمقاطعات التابعة لها:

إن العساكر الخاضعة لأمري لم يرسلها جلالة ملك إيطاليا (فكتور عمانويل الثالث) حماه الله لإضعاف واستعباد سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها، التي توجد الآن تحت سيادة الأتراك، بل لتعيد إليهم حقوقهم، وتقتص لهم من المعتدين عليهم، سواء كان الأتراك أو أي شخص كان يريد استرقاقهم!

وعليه: فأنتم يا سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها من الآن سيحكمكم رؤساء منكم، موكل إليهم أن يقضوا بينكم بالعدل والرأفة؛ عملاً بقوله تعالى:

{وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل} (ياه على الدين)!

والويل كل الويل لمن لا يحترم الشرائع، أو لا يعتبر الأشخاص، ويمس النساء، أو يخترق حرمة الملك، أو يقاوم أو يثور على إرادة العناية الإلهية التي أرسلت إيطاليا إلى هذه البلاد (اختيار إلهي لهم)!

فيا سكان طرابلس والقيروان والمقاطعات التابعة لها: اذكروا أن الله قد قال في كتابه العزيز: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (قمة الفقه)؛ وقد جاء أيضاً: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله)، وجاء أيضاً: (لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) أي الذين يصلحون الأرض، ويمنعون منها الفساد، وينشرون فيها العدل والعمران؛ (وهم الطليان) وجاء أيضاً: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) أي لا تفسدوا في الأرض إن توليتم أمور الناس، ولا تقاتلوا بعضكم بعضاً، إن الذين يفعلون ذلك يلعنهم الله، ويصمهم ويعمي أبصارهم ويستبدلهم بغيرهم. (دقة التفسير والبيان) وجاء أيضاً: (قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير؛ إنك على كل شيء قدير)، وجاء أيضاً: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) (جاء الطليان ليحكموا بشريعة الله.. تصور) فإرادة الله ومشيئته سبحانه وتعالى قضتا أن تحتل إيطاليا هذه البلاد! لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد؛ فهو مالك الملك، وهو على كل شيء قدير، فمن أراد أن يظهر في الكون غير ما أظهر مالك الملك رب العالمين، المنفرد بتصرفاته في ملكه، الذي لا شريك له فيه (قمة التوحيد) فقد جمع الجهل بأنواعه، وكان من الممترين..

وبناء عليه يلزم على كل مؤمن أن يرضى ويسلم بما تعلقت به الإرادة الربانية، وأبرزته القدرة الإلهية، فالملك لله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء. فإيطاليا تريد السلام، وتريد أن تبقى بلادكم إسلامية تحت حماية إيطاليا، وملكها المعظم، ويخفق فوقها العلم المثلث الألوان:

أبيض، أحمر وأخضر، إشارة إلى المحبة والإيمان، والعشم في وجه الله!

يا ولاد ال.... وهل صاغ مثل هذا البيان إلا عربي خائن من نوعية المعلم يعقوب!

وسوم: العدد 698