كيانٌ لا يمكن قبوله
لم تكن اسرائيل، منذ اقتحمت بقوة الاستعمار، مشرقنا العربي الاسلامي، كياناً يحاول ان يجد مكاناً مقبولاً فيه، فمسألة «القبول» هذه غير واردة في العقلية الاسرائيلية التي تؤمن باكتساح شعوب مشرقنا وقهرها، إلا اذا كان قبولا استخذائياً من هذه الشعوب، وهذا ما لا يمكن ان يكون ما بقي فينا اسلام وعروبة، وما بقي في فلسطين والاردن على وجه التحديد رجال يتأبّون على الضيم، ويستشعرون انهم في رباط دائم دفاعا عن امتهم، ويؤمنون بانهم هم الطائفة المنصورة في «أكناف بيت المقدس» والتي ستظل ظاهرة على اعدائها الى يوم القيامة.
لقد أثبتت الوقائع التاريخية المعاصرة، باستثناء واقعة حزيران التي خدعت امتنا فيها عن نفسها وتم اسطرتُها والنفخُ فيها، ان ثمة في كل معركة حقيقية بيننا وبين الاسرائيليين ظهورا لجنودنا البواسل على القطعان الصهيونية، وأن روحنا القتالية قائمة فينا لا تبرح، الأمر الذي يعرفه الاسرائيليون حق المعرفة ويحسبون له ألف حساب.
ونحن لا يخدعنا الاسرائيليون بحال عن واجباتنا الوطنية والقومية والدينية، كما لا يخدعوننا عن البنية الشعورية التي تحكم وجود اسرائيل في ما استوطنته من بلادنا.
إننا نقرأ في الاصحاح العشرين من سفر التثنية الذي يعلقه الجنود الاسرائيليون تميمة في اعناقهم قول رب الجنود «يهوة» لهم: «أما مدن الشعوب التي يهبها الرب الهكم لكم ميراثا فلا تستبقوا فيها نسمة حيّة، بل دمّروها عن بكرة ابيها، كمدن الحثيين والاموريين والكنعانيين والقرزيين والحويين واليبوسيين كما امركم الرب الهكم».
كما نقرأ في الباب الثالث والثلاثين من سفر العدد: «مُر بني اسرائيل وقل لهم: إذا عبرتم الاردن وانتم داخلون ارض كنعان فأبيدوا كل سكان تلك الارض، وإن لم تبيدوا سكان الارض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماحٍ في اجنابكم».
ولو اننا ذهبنا نستشهد بالنصوص التي هي قوام النفسية الصهيونية والتي أُنشئت اسرائيل بموجبها فإن المقام سيضيق بنا، ولكننا نكتفي بما تقدم للتدليل على ان فكرة ان لاسرائيل طوال وجودها الاقتحامي المرفوض في بلادنا محاولة «من اي نوع» لان تكون مقبولة (لون قبول) في مشرقنا العربي الاسلامي، هي فكرة لا منطق فيها ولا واقع يؤيدها، وحسبنا ان نستمع او ان نشاهد نشرة اخبار في اي من آناء الليل والنهار لنرى اي مسعى دموي يقوم به «جنود الرب يهوة» لان يكون كيانهم «مقبولاً»، ولنستيقن بُعدَ المغالطة التي يقع في دركاتها من يصدقون هذه الفرية او يعوّلون عليها على نحو ما او بدرجة من الدرجات.
وسوم: العدد 698