استدمار الجزائر لم يكن مفاجأة
استدمار الجزائر لم يكن مفاجأة
معمر حبار
خلال هذا الأسبوع، أهداني الأستاذ محمد قدار، صاحب موقع صناع الحياة، كتاب: "مذكرات أحمد باي، الذي ترجمته إلى اللغة العربية في 14 نوفمبر 1971، والمتكون من 102 صفحة.
وخلال قراءة 20 صفحة الأولى من الكتاب، يقف القارئ على الطريقة التي تمّ فيها استدمار الجزائر من طرف الاستدمار الفرنسي سنة 1830..
كان حكام الجزائر يومها على علم مسبّق بغزو الجزائر لفرنسا، بدليل أن باي أحمد، حين زار الجزائر العاصمة، ليؤدي ماعليه من واجبات تجاه الداي حسين، تزامن وصوله مع الغزو الفرنسي للجزائر، ويقول في صفحة 11، أن داي الجزائر أخبره قائلا: " إنني أعرف مكان النزول من الرسائل التي تصلني من بلادهم ومن كتاب طبع في فرنسا وأرسله لي جواسيسي من مالطة وجبل طارق".
إذن داي الجزائر كان على علم بما يحاك ضد الجزائر من طرف فرنسا. وكان يعلم أن الغزو سيتم عبر شواطئ سيدي فرج.
والسؤال المطروح، لماذا لم يتم تحصين سيدي فرج في حينها؟. لماذا لم يتخذ الداي حسين ومن معه الإجراءات المناسبة، لصد ومنعه الغزو؟.
يقول باي أحمد، حين بدأ الغزو الفرنسي للجزائر، نصحتهم أن يركزوا اهتماماتهم على تحصين الجزائر العاصمة، وأن لاينشغلوا بسيدي فرج، لأن تحصينها يحتاج لأشهر وإمكانات معتبرة لنقل المدفعية إليها، وهذا غير ممكن حاليا وغير مجدي، لأنه تضييع للوقت والجهد، ونصح بالاكتفاء بتعطيل عملية الغزو إلى حين.
ومن يتصفّح كتاب: "مذكرات القنصل الأمريكي بالجزائر وليام شالر1816م ـ 1824م"، الذي قام بترجمته إلى اللغة العربية، الأستاذ إسماعيل العربي، يرى بوضوح، الجهد الكبير الذي بذله القنصل الأمريكي لحثّ فرنسا على استدمار الجزائر من خلال شاطئ سيدي فرج، لأنه الأسهل والأضعف. وفعلا تمّ ترجمة الكتاب سرا، وعملت فرنسا بما جاء فيه من نصائح لاتحلم بها لاستدمار الجزائر.
إن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تنسى أنها كانت تدفع الضرائب للجزائر ذات يوم، وتطلب منها أن تضع العلم الجزائري على سفنها، لحمايتها ولكي لاتتعرّض للقرصنة، فكان كتاب القنصل الأمريكي هدية لفرنسا من أجل احتلال الجزائر.
والسؤال الذي يعاد طرحه من جديد، لماذا لم يتخذ الداي حسين احتياطاته من أجل صد فرنسا؟. ولماذا لم يتم تحصين سيدي فرج، وهو الذي كان على علم بأن الغزو الفرنسي سيمر عبر سيدي فرج؟.
هناك إذن ثلاثة عوامل ساهمت في استدمار الجزائر، وهي ..
الضعف الداخلي للجزائر.
حقد أمريكي على الجزائر.
أطماع فرنسية ظاهرة بيّنة، ألبست لبوس الدين.