مقاومة الشعب الفلسطيني ستهزم المشروع الصهيوني
لم يعرف التاريخ غزاة أو حتى مستوطنين يهدمون بيوت أهل البلاد الأصليين قاصدين عامدين سوى الحركة الصهيونية ، وتتجاوز هذه الحركة _ التي صارت دولة _ وأدواتها العسكرية هدم البيوت إلى قلع الشجر الذي يتعيش منه المزارع الفلسطيني . وهدفها من الهدم والقلع اجتثاث مقومات الوجود الفلسطيني في الأرض التي سطت عليها بتآمر ومعاونة الغرب الاستعماري الذي ما فتىء يحيطها بكل وسائل الرعاية والحماية . والجريمة التي اقترفتها إسرائيل في قرية أم الحيران في النقب وجه من وجوه اجتثاث مقومات الوجود الفلسطيني . فرغم تصدي أهالي القرية العزل في رجولة وشجاعة للقوة الإسرائيلية المداهمة وجرافاتها إلا أنها هدمت 12 بيتا و8 منشآت زراعية ، وجرحت عدة مواطنين ، وقتلت المعلم يعقوب أبو القيعان بتهمة دهسه للشرطي الإسرائيلي إيريز ليفي . وثمة شكوك جدية في صحة الرواية الإسرائيلية الرسمية حول سبب إطلاق القوة الإسرائيلية الرصاص على سيارة يعقوب ؛ فشهود عيان في المكان يرجحون مقتل الشرطي خطأ برصاص إسرائيلي ، ويدللون على صحة ترجيحهم بالقول إن الرصاص أطلق على أبو القيعان قبل مقتل الشرطي . وأم الحيران واحدة من عشرات القرى العربية التي تصفها الحكومة الإسرائيلية بغير المرخصة ، وما أصعب ترخيص أي بيت عربي أو قرية عربية في إسرائيل ! وكان المنطقي لولا النوايا الإسرائيلية التي تستهدف تفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها؛ أن ترخص هذه القرية دون معوقات ؛ لأن إسرائيل هي التي هجرت إليها سكانها الحاليين في 1956 بعد استيلائها على موطنهم الأصلي ، وبعد 61 عاما لم تنل الترخيص ! الأرض هي لب الصراع بيننا وبين هؤلاء الغزاة المستوطنين الخارجين على منظومة القيم البشرية المألوفة . ووضعت الحركة الصهيونية عينها على النقب منذ مستهل مشروعها ، وجعلت الاستيلاء عليه من أولوياتها لقلة سكانه الفلسطينيين من ناحية ، ولاتصاله بالبحر الأحمر لاتخاذ جزء منه ميناء يصل الدولة الصهيونية بآسيا وأفريقيا ، وهو ما تحقق بإقامة ميناء إيلات ، ولقربه من سيناء التي كانت وما زالت في سجل الأطماع الصهيونية . ويقول حاييم وايزمان _أول رئيس لإسرائيل _ في كتاب سيرته إنه كان يفضل بدء الاستيطان من النقب لا من الشمال الفلسطيني ، وأصر بن جوريون على مباشرة الاستيطان فيه بعد إقامة إسرائيل ، ووصفه بأنه كنز الأرض الاستراتيجي لمساحتة البالغة 12 ألف كم مربع ، واستقر به بعد أن اعتزل الحياة السياسية ؛ في منطقة سدي بوكر .قبل الهجوم على أم الحيران الأربعاء الماضي في ال18 من الشهر الحالي ؛ ابتليت قلنسوة في المثلث بهدم إسرائيل عدة بيوت منها . والهدم في الضفة والقدس لا يتوقف ، ويستغيث أهالي البيوت والقرى التي ينقض عليها الهدم، ولا مستجيب . الفلسطينيون منقسمون يتقاتل متسيسوهم على التوافه والجلود الناشفة ، وأكثر العرب يتلهف على رضا إسرائيل وحمايتها له ، والعالم ، الرئيس الجديد لأكبر دولة فيه ، في كل ما يقوله ويخطط لفعله ، يبدو كأنه ما ترشح ولا انتخب إلا ليخدم مصلحة ومطامع وعدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني . وهذا ليس له شبيه في تاريخ الأوطان والدول ، ويبين أن هوية الوطن الأميركي لا تزال ناقصة الخصائص والملامح ، وغريب حقا أن يجمع الإسرائيليون على الترحيب بترامب ، ويستاء أكثر الأميركيين منه حتى زادت باصات المحتجين ضده على عدد باصات المحتفلين به في مكان تنصيبه . ومع سوداوية الحال ، مقاومة أم الحيران وسواها من صور المقاومة الفلسطينية الشعبية ؛ ستؤتي ثمارها مهما امتدت التضحيات زمنا وغلت ثمنا . سيطر الأوروبيون البيض على جنوب أفريقيا ، ومارسوا عنصرية قاسية على السود أهل البلاد الأصليين 300 سنة ، ولن يختلف مصير الفلسطينيين في النهاية عن مصير السود في الانتصار على المستوطنين الغزاة ، والمؤكد أن مصير الإسرائيليين لن يكون في جودة مصير البيض في جنوب أفريقيا الذين هم الآن مكون متساوٍ في المواطنة مع السود ؛ فمع جرائم هؤلاء البيض إلا أنهم ما كانوا في بشاعة الإسرائيليين وجشعهم وإصراهم على اجتثاث مقومات وجود أهل البلاد الأصليين بشرا وشجرا وحجرا .
وسوم: العدد 704