الحُريَّةُ وَالشَّرِيعَةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يَقولُ بعضُ العُلماءِ..الحريةُ غايةٌ مُقدَمةٌ علَى تَطبيقِ الشريعةِ..ويزيدُ فيقولُ الحريةُ أهمُ منَ الشريِّعةِ..إنَّ عبارةَ (مقدمةٌ علَى تطبيقِ الشريعةِ) تحتاجُ إلى مُراجعةٍ..لإزالةِ مَا يقعُ منْ لَبسٍ بأنَّ الحريِّةَ مُتطلبٌ منفصلٌ عنْ الشريعةِ..وأنَّها ليست منْ مُرتكزاتِها ومَقاصدِها..أمَّا عبارةُ (أهمُ مِنَ الشريعةِ) فَهي بتقديري عِبارةٌ فيها جنوحٌ عَنِ الدقةِ الشرعيِّةِ..فَلَيسَ هُناكَ أمرٌ أهمُ مِنَ الشريِّعةِ إلا تَطبيقَاتُها..وتفعيلُ مَقاصدِها الربانيِّةِ الجليلةِ..والحريِةُ مِنْ جَوهرِ الشريِّعةِ ومِنْ أولوياتِ مَقاصدِها وتَطبيقاتِها..ومقاصدُ الشريِّعةِ قرَّرَها مُشرِّعُ الشريِّعةِ سُبحانَه وتعالى وهي:

1.     تُحريرُ الإنسانِ منَ الجهلِ والأميِّةِ لقوله تعالى:"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"

2.     تُحريرُ الإنسانِ منَ الرقِّ والعبوديِّة لغيرِ اللهِ لقوله تعالى:"فَكُ رَقَبَةٍ"

3.      تُحريرُ الإنسانِ منَ العَوزِ والفاقةِ لقوله تعالى:"إطعامٌ في يَومٍ ذي مَسْغَبةٍ"

4.      تُحريرُ الإنسانِ منَ الخوفِ لقوله تعالى:"وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ"

5.     تُحريرُ الإنسانِ منَ الظُلمِ لقوله تعالى:"إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ"

6.     تُحريرُ الإنسانِ منَ الضعفِ لقوله تعالى:"وَأعِدوا لَهم مَا استطعتُم مِنْ قُوةٍ"

لا شكَ أنَّ عُلماءَ الأمةِ علَى علمٍ ويقينٍ بهذِه الأولوياتِ..ولكنَّ الإشكالَ في دِقةِ التعبيرِ وتَخيّرِ الألفاظِ..ومنْ أهمِ مسؤولياتِ أهلِ العلمِ والفكرِ..بذلُ أقصى مَا يُمكنُ منَ الجَهدِ في تَحرِّي دِقَةِ الكلمةِ وشَرّعيتها..وبِهَذا الصددِ أدعو نَفسي والمُنشغلين بالتَأصيلِ الفكريِّ..إلى التَرويِّ والحذرِ في تَخيُّرِ المُصطلحاتِ واستخدامِها..وَأذَكِّرُ الجميعَ بِقولِ الخليفةِ الرَاشدِ أميرِ المُؤمنين عَليٌ بِنْ أبِي طَالِبٍ رَضي اللهُ عنَه وأرضَاهُ:"لَيتَ لِي رَقَبَة كَرَقَبَةِ البَعيرِ لأزِنَ بِهَا الكلامَ قَبْلَ خُروجِهِ"وَلنَحْذرَ مَا حَذّرَنَا مِنْهُ رَسُولُنِا سَيدٌنَا مُحَمدٌ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ أحَدَكُم لَيَقُول الكلِمَة لا يُلْقي لَهَا بالٌ فَتَهوي بِه فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعينَ خَرِيفاً".اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بكَ أن نَضِلَّ أو نُضَلَّ،أو نَزِلَّ أو نُزَلَّ،أونَظلِمَ أو نُظلَمَ،أو نَجهَلَ أو يُجهَلَ علينَا.

وسوم: العدد 705