المدفع السلطاني محمد الفاتح
بذل السلطان محمد الفاتح جهوده المختلفة للتخطيط والترتيب لـ"فتح القسطنطينية"، وبذل في ذلك جهودًا كبيرة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية، حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد.
وأما من الناحية البحرية فكان هناك قرابة 180 سفينة بحرية، وأقام حول المدينة 14 بطارية طوبجية مدفعية، وضع بهَا مدافع جسيمة(1).المدفع السلطاني
كما اعتنى السلطان محمد الفاتح عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية، ومن أهمها المدافع التي أخذت اهتمامًا خاصًّا منه، حيث أحضر مهندسًا مجريًّا يُدعى (أوربان) كان بارعًا في صناعة المدافع.
وصل المهندس المجري أوربان إلى بلاط محمد الفاتح بعد أن فشل في مدينة القسطنطينية وغيرها من بلدان أوربا في الحصول على وظيفة وتقدير، فرحَّب به محمد الفاتح وأنفق عليه وعلى غيره من المهندسين والخبراء الأموال الطائلة لقاء تحقيق كل ما وعدوه بتنفيذه(2).
وقد تمكَّن المهندس المجري أوربان من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة، كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذُكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان، وكانت هذه المدافع تقذف كرات من الحجر زنة كل واحدة منها 12 قنطارًا إلى مسافة ميل، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.
وكان المدفع السلطاني عظيمًا لدرجة أن تحريكه يتطلب جهد 60 رجلاً وما يقرب من 200 ثور!! وكان نصف الرجال يمهدون الطريق لسير المدفع، والآخرون يقومون بسحب الحبال لمنع الأسلحة الثقيلة من السقوط. وقد استغرق جنود السلطان محمد الفاتح قُرابة السبعة أيام لتجهيز المدفع لإطلاق النار.
وبعد مضي 7 أيام، كان المدفع جاهزًا، فانطلقت أولى قذائفه من حجر الصوان لتتحطم علي أسوار القسطنطينية، إلاّ أن البيزنطيين كانوا يتمكنون من ترميم ما دمَّره المدفع السلطاني الأعظم؛ بسبب طول الفترة التي يحتاجها المدفع للتجهيز مرة أخرى للقيام بعملية القصف.
وبعد أن استنفذ العثمانيون خدمات المدفع، قرروا البدء بالهجوم البري، وتم الاستيلاء على مدينة القسطنطينية من خلال أحد أبوابها ويُدعى sorty بعد أن عانت حاميته من الإنهاك؛ بسبب هجمات العثمانيين المتكررة والعنيفة. فدخلها السلطان الفاتح دخول الأبطال المنتصرين في يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى سنة 857هـ الموافق 29 مايو 1435م(3).م
وسوم: العدد 709