المهاجرون!!

الشيخ حسن عبد الحميد

فتحنا أعيننا على الدنيا وسيارات المبرة تجوب شوارع حلب محملة بالقمح المجبول بعرق الأجداد ودموعهم ؟ ليأكل أبناء السين في باريس الخبز والكاتو الطيب ؟

كان لا يسمح لنا سوى ب ٢٥ كغ قمح ، أي قوت الذي لا يموت ! وكان حماة الوطن هم المليس وهم من دولة إسلامية هي السنغال ؟ 

وللحقيقة وللتاريخ إن الذين حاربوا فرنسا واستعمارها هم العلماء ومن يسمونهم العامة مشايخ . 

إن القرآن الكريم كان مشعل الثورة ضد فرنسا ، وكان علماء دمشق وفي مقدمتهم المحدث بدر الدين الحسني و في الصفوف الأولى كان حسن حبنكة والأديب الطنطاوي ، وتلاميذ مكتب عنبر . 

هذا في دمشق أما في حلب فكانت الصفوف الأولى مزدانة بالعمائم البيض أمثال مصطفى الزرقا ومعروف الدواليبي ، كان منطلق المظاهرات ثانوية المأمون وهي من بناء السلطان العثماني عبد الحميد ، وهو رحمه الله باني جامعة دمشق ، والأغرار من ابنائنا يتحدثون عن الاستعمار العثماني التركي ؟

وخابوا وخسروا ! 

إن الذين يتحدثون عنهم هم العلمانيون الأتراك أمثال جمال وانور وغيرهم ! ووقف في وجه علمانيتهم شيخ عظيم هو سعيد النورسي وهو كردي ، إن علماء تركيا وكثير منهم أكراد وصوفية هم الذين وقفوا في وجه التغريب والتتريك !.

ونحن الآن نعير بمشايخ اتقنوا مسح الخوج وتلميع الأحذية للطغاة ؟ يقولون انظر للمشايخ اين موقعهم ؟ 

وهم ليسوا مشايخ ! إنما مرتزقة ! طلاب دنيا وجاه ومنافع ؟ ورئيسهم ضال مضل يحرف الكلم عن مواضعه ؟ فهو الذي دخل المنبر الاوربي فقال فاض الله فاه ( شالوم ) .

إن الشباب الوطني كان يقوم بكل أسبوع بمظاهرة ضخمة ويضع في المقدمة طلاب الخسروية وكثير منهم معممون بعمائم صغيرة ، واصطدمنا مرة بالسود السنغال ، وتحديدا عند المتحف في حلب ، كان رصاص فرنسا يلعلع فوق الرؤوس ونحن ننشد : نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد  .

وخطف الراية شباب تتلمذ على ميشيل أو انطوان ! وصرت تسمع : بعث .. وقومي سوري ! 

 لقد حماها قرآن يتلى في المحاريب والخلوات إن جامع الأقرع في مدينة الباب وخوجة الشيخ نور لهم الأثر الكبير في حفظ العروبة أكثر من دعاة العروبة 

ومرت الأيام وإذا بشركة التابلن تقدم لنا البيان رقم واحد بتوقيع الزعيم حسني الزعيم ! وتلاه انقلاب سامي الحناوي ، وتلاه ثعلب حموي هو الشيشكلي ! وبين حانا ومانا جُزت لحانا !

وسقطت الكرة في ملعب القرامطة فعاثوا في الوطن فسادا ! 

كحلوها فعموها ؟ 

وقالوا بعث عربي ؟

 فإذا هو موت أبدي ؟

كان الشيخ الصغير وهو ابن ال ١٧ يهز منابر حمص ، وهو شاب يافع ، تلاحقه فرنسا وتطارده وتسجن الشيخ مصطفى السباعي ، وخاب وخسر من يقول أن دعاة الإسلام عملاء ؟ 

نعم عملاء لمحمد عليه السلام ، ودين محمد عليه السلام ، وشرع محمد صلى الله عليه وسلم ، تلقى الأذى بصدره الشريف عليه السلام ، ونال أصحابه رضوان الله عليهم اذى تنوء بحمله الجبال !

يمر عظيمنا عليه السلام فيرى العذاب ويقول : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ، وماتت سمية أم عمار رضي الله عنها تحت سياط التعذيب  ، وطُرح بلال واخوته على رمال مكة التي شوت جلودهم ، وبلال يصرخ في سمع الزمان : أحد أحد ، ومر زعيم مشرك عاقل فسمع بلالا يصرخ أحد أحد ، قال الزعيم المشرك أجل يابلال : أحد ، أحد  .

وأذن الله بالهجرة وهاجر الصحب الكرام ، وتركوا الوطن والأقارب ، ومشوا ٥٠٠ كم في الصحراء حتى وصلوا يثرب فقوبلوا بالأحضان من انصارالله وجنود بيعة العقبة .

 وهاجر بطل الإسلام عليه السلام وانطلق ومعه الصديق رضي الله عنه ، وخرج النبي عليه السلام من مكة مهاجرا وهو يلتفت إليها ويقول ( والله إنك لأحب البلاد اليّ ، ولولا أن أهلك اخرجوني ماخرجت ) ، وقطع عليه السلام الصحراء في عز الحر ، ووصل المهاجر العظيم إلى مهجره يثرب فصار اسمها المدينة المنورة ، المنورة بمحمد عليه السلام وبشرعه وهديه صلى الله عليه وسلم .

نلتفت قليلا لنتحدث عن عروبة عفلقية وحضارة قرمطية حيث عمّ الظلم ، وحورب الفكر ، وامتلات سجون تدمر وصيدنايا ، وكتمت الأنفاس ، ومات تحت التعذيب الآلاف وهم يصرخون الله أكبر ، ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) ٤٢ ابراهيم 

 وهاجرنا فرارا من جحيم البعث وحمدان قرمط ، ووصلنا إلى تركيا وفيها ٣ مليون فروا من جحيم البعث واحفاد حمدان قرمط ؟ 

وأكل اللصوص باسم الاشتراكية وباسم الثورة أيضا ؟ 

واستقر المهاجرون هنا في تركيا ! 

ولا يحملون من الهجرة إلا اسمها ! فجلهم في لهو ولعب إلا من رحم ربي ؟ الرجال في الحدائق وسوق الجمعة ! والنساء في زيارات خلاصتها : شلونكم ؟ 

وصارت الحدائق للأسف لملاحقة الفتيات ؟ وصار المخيم مسرحا للغرام ؟  فقد حدثنتي امرأة عما يجري في المخيمات بما يندى له الجبين ؟ وانتقلنا من قليط إلى مستنقع ؟ إلا من زهرات إيمانية لا تشكل ربيعا ؟ 

إن التجار الحضارمة والمهاجرين القدماء نشروا الإسلام في ماليزيا ، وإندونيسيا ونحن ننشر الفساد هنا في دار الهجرة ؟ 

ابحثوا عن الملاهي الليلية السورية في أورفا وغيرها وقولوا لا حول ولا قوة الا بالله ! 

وتطلبون من الله نصرا ؟

إن هزة أرضية صغيرة لم توقظنا من غفلتنا ؟ نحن بحاجة إلى هزة أقوى تجعل عاليها سافلها ؟

أيها الناس ، أيها العقلاء ( اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) الأنفال ٢٥

نعم إن زهرة لا تشكل ربيعا ، واليد الواحدة لا تصفق ؟ فالكثير منا يتهرب من دعوة لحضور ختمة قرآنية عن أرواح الشهداء ! ويفضل سوق الجمعة عن حلقة القرآن ؟ 

قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، 

( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 711