النافخ في النعرة الطائفية مستفز للشعور الوطني ولو كان هازلا

توجد أمور لا يحتمل الخوض فيها هزلا كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة للطلاق في دين الإسلام . وعلى غرار ذلك يعتبر النفخ في النعرة الطائفية أنى كان نوعها  عرقية أو دينية أو سياسية ...جدا ولو كان فاعل ذلك هازلا ، لأن هذا الأمر لا يحتمل هزلا. ومما تداوله  مؤخرا الذين يتعاطون  التغريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي على إثر تكليف السيد سعد الدين العثماني  بمهمة تشكيل الحكومة خلفا لسلفه التندر بالانتماء الأمازيغي له ولبعض أمناء الأحزاب المتوقع أن تدور بينه وبينهم مشاورات لتشكيل حكومة عسرت ولادتها مع سلفه الذي أعفي من رئاسة الحكومة والذي حمّل  وحده  وزر فشل التشكيل دون غيره . ومما نشر على بعض  وسائل التواصل الاجتماعي أن الحكومة المنتظرة ستكون أمازيغية بحكم انتماء رئيسها و بحكم انتماء بعض من يتوقع أن ينخرطوا فيها الأمازيغي  . وفي خضم الحديث الهازل عن حكومة أمازيغية متوقعة تشتم رائحة النفخ في النعرة الطائفية عند الذين تحدثوا عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الانتماء الأمازيغي في التقريب بين رئيس الحكومة الجديد وخصوم سلفه السياسيين الذي كانوا وراء إفشال محاولته تشكيل الحكومة. وإذا صح هذا الزعم ، ونتمنى ألا يصح ، فإن الأمر في غاية الخطورة، ذلك أن مصير الوطن أصبح في  كف  عفريت  إذ أصبح خاضعا للهوى الطائفي بحيث يصير المرفوض مقبولا بسببه. ولئن قبل رئيس الحكومة الجديد ما رفضه سلفه ، أو قبل خصوم هذا الأخير ما رفضه بسبب تأثير النعرة الطائفية، فسلام على الوطنية ، وويل للوطن من شر قد اقترب . ولا يمكن قبول الخوض في موضوع النعرة الطائفية ولو كان الخائض فيه هازلا . ومع أن المغاربة لا يمكن أن يجزم فيهم عاقل بانحصار نسبه في طائفة دون أخرى  والفروج ليس عليها أقفال كما يقال ، وقد اختلطت الدماء ، فإن البعض يريد لغرض في نفسه أن يخلق قضية من انتمائه الطائفي . ويحاول البعض إضفاء المظلومية أوالمحرقية إن صح التعبير على الانتماء الأمازيغي ، وذلك من أجل النفخ في النعرة الطائفية  وتأجيجها ، وتوظيفها لتحقيق مكاسب سياسية وغير سياسية . ولقد تعايش المغاربة  قرون طويلة على اختلاف انتمائهم الطائفي في وئام  وانسجام ، ولم تشعر طائفة من الطائفتين العربية والأمازيغية بظلم أو حيف نالها  في فترة من فترات تاريخ هذا الوطن . ولم نسمع بما يسمى مظلمة أمازيغية إلا لدى بعض النافخين  اليوم في النعرة الطائفية والذين يحاولون الارتزاق بها سياسيا . ومن جراء النفخ في النعرة الطائفية تنشأ لدى الذين تستهويهم عقدة الشعور بالتميز والاستعلاء  ، وهو شعور يحمل في طياته رائحة  العصبية بل رائحة العنصرية المقيتة التي وصفها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بأنها منتنة ونهى أمته عن النبش فيها وقد كانت من قيم الجاهلية الجهلاء.ومن الأمور التي تتهاون فيها الدولة محاولة غض الطرف عن النافخين في النعرة الطائفية والذين يتذرعون  بهذه الذريعة أو تلك ، ويغتنمون الفرص لتأجيجها ، ولا تفوتهم فرصة ولا مناسبة إلا جمعوا جموعهم ولوحوا بالتعصب للطائفية  عن طريق  رفع شعارات وشارات مستفزة للحمة والشعور الوطنيين. ومعلوم أن المغاربة بحكم انتمائهم الإسلامي لا يوجد تفاضل طائفي بينهم بل هم سواسية كأسنان المشط في عقيدتهم الدينية ، وفي عقيدتهم الوطنية . والقول أو بالأحرى الزعم بأن الحكومة المقبلة ستكون أمازيغية بحكم أمازيغية من سيشكلونها ولو كان ذلك هزلا يعتبر استفزازا للشعور الوطني للمغاربة ، وهو استفزاز مرفوض .

وسوم: العدد 713