ما الذي لم يقله بنكيران وصرح بأنه ربما سيخفيه معه في قبره؟

في معرض الحديث عن تشكيل الحكومة المغربية عرضت قناة الجزيرة القطرية مقطعا مصورا لرئيس الحكومة الذي أعفي من مهمته وهو يقول : " أنا لم أقل كل شيء ، وربما سأخفي معي أسرارا في  قبري " . ولقد أثار هذا التصريح تساؤلات الشارع المغربي عن هذا الذي لم يقله السيد بنكيران، والذي يقتضي أن يخفيه معه في قبره ليبقى سرا إلى الأبد . ولاشك أن الإنسان لا يخفي معه في قبره  سرا إلا إذا تعلق الأمر بعهد قطعه على نفسه وهو حينئذ ملزم بالوفاء به أو تعلق الأمر بفضيحة تتعلق بغيره أو تعلق الأمر بخطر يهدده . ولا زال الشارع المغربي لا يعرف عن قضية إعفاء بنكيران من مهمة تشكيل حكومته الثانية سوى أنه فشل فيها ،أما ظروف وملابسات الإعفاء فلا زالت طي الكتمان ،وهي مما لم يكشف عنه وربما مما سيخفيه معه في قبره . ولقد كان من المفروض في رئيس حكومة أن يكون صريحا مع الشعب ، وألا يخفي عليه شيئا خصوصا تلك الشريحة التي صوتت على حزبه، وراهنت عليه . وكان من المفروض أيضا ألا يخشى إلا الله عز وجل ، وهو أمين حزب مرجعيته إسلامية ، وألا يخاف في الله لومة لائم . ولا شك أن السيد بنكيران وهو الشخص الذي بلغ الحديث عنه مبلغا لم يبلغه مع غيره  حتى صح القول فيه أنه ملأ الدنيا وشغل الناس، ظل كذلك إلى آخر لحظة وهو يصرح بأن في جعبته ما لم يكشف عنه وما قد يموت وهو طي الكتمان ، وهذا ما سيظل موضوع تساؤل واستفسار الرأي العام المغربي  خصوصا وأن بعض المؤشرات تفرض ذلك منها طريقة إعفائه من مهمته حيث لم يعط الفرصة ولم يمهل ليقدم استقالته ويبرر فشله في تشكيل الحكومة إذا كان  الأمر بالفعل يتعلق بفشل ولا يتعلق بإفشال ، ومنها قبول خلفه السيد العثماني ما كان يرفضه ومن المستبعد أن يكون  رفض السيد بنكيران صادرا عنه وحده دون مشاركة حزبه في ذلك ، ولو كان الأمر كذلك لما سكت هذا الحزب عن استبداد أمينه العام في اتخاذ القرار . ويعتبر تصريح السيد بنكيران بأن لديه ما يخفيه ترجيحا للرأي القائل بأن الأزمة السياسية في المغرب لم تنفرج بتسريحه وتكليف العثماني خلفا له بل ازدادت تعقيدا . ولقد ذهب بعض المحللين إلى الأمر يتعلق بعملية تقزيم دور حزب المصباح  وتدجينه من خلال تطويقه بأحزاب وظفت بطرقة معينة  لتحد من نفوذه بعدما استطاع للمرة الثانية الفوز بثقة الشعب . ويرى هؤلاء المحللون  أن هذا الحزب قد أدى بالنسبة للنظام دوره الذي أنيط به في ظرف حراك الربيع المغربي . وإذا ما صح هذا التحليل، فإن مصير حزب المصباح لا يختلف عن مصير حزب الحرية والعدالة المصري أو مصيرحزب النهضة التونسي ذلك أن هذه الأحزاب الثلاثة وكلها ذات مرجعية إسلامية وقع الانقلاب عليها بشكل أو بآخر من أجل إقصائها من الحياة السياسية أو الحد من نفوذها. وأخيرا نتساءل هل ستضطر الظروف السيد بنكيران  إلى الكشف عما يخفيه أم أن الخفي سينجلي رغما عنه ؟

وسوم: العدد 713