زوجك أولاً
الدكتورة لورا شلسنجر مؤلفة كتاب (( السعادة الزوجية عبر العناية الخاصة بزوجك )) تقول لكل زوجة : ضعي زوجك في أعلى لائحة أولوياتك وإلا انهارت حياتك الزوجية لا محالة .
وتضيف : ينبغي على الزوجة أن تكون أكثر عناية بزوجها وقلقاً عليه ، لأن هذا القلق وتلك العناية يخففان من حدة التوتر بين الزوجين ويزيدان في تواصلهما .
ولقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوصية حين جعل أول حق على المرأة هو حق زوجها ، وقدَّم هذا الحق وعظّمه حتى قال عليه الصلاة والسلام (( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغيـر الله ؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيـده لا تـؤدي المرأة حـق ربها حتى تؤدي حق زوجها كلّه ، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه )) الإمام أحمد وابن ماجه وابن حبان .
ففي هذا الحديث النبوي الشريف يوجه الرسول عليه الصلاة والسلام كل امرأة إلى أن طاعتها زوجها قريبة من الخضوع والاستسلام كما هو الحال في السجود لله تعالى وما فيه من خضوع تام واستسلام مطلق له جل شأنه .
وواضح تعظيم حق الرجل على امرأته في قوله صلى الله عليه وسلم (( والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله )) ونلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم أقسم على هذا فقال (( والذي نفس محمد بيده )) وفي هذا من التأكيد ما فيه على عظم حق الرجل على زوجته حتى إنها لا تؤدي حق الله عليها إذا لم تؤد حق زوجها ! أي أن صلاتها وصيامها وغيرهما من حقوق الله عليها لا تقبل إذا لم تكن قد أدت حقوق زوجها عليها كاملة . وأقول (( كاملة )) لأنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث (( حتى تؤدي حق زوجها كلَّه )) فتأكيد الحق بـ (( كله )) جعلني أوجه الزوجة إلى وجوب أداء الحقوق الكاملة لزوجها عليها .
وقال الرازي في قوله تعالى (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )) : إن الزوج كالأمير والراعي ، والزوجة كالمأمور والرعية ، فيجب على الزوج – بسبب كونه أميراً وراعياً – أن يقوم بحقها ومصالحها ، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج .
ويقول الرازي أيضاً في قوله تعالى (( فالصالحات قانتات )) : واعلم أن المرأة لا تكون صالحة إلا إذا كانت مطيعة لزوجها ، لأن الله تعالى قال (( فالصالحات قانتات )) وحرف الألف واللام في الجمع يفيد الاستغراق ، فهذا يقتضى أن كل امرأة تكون صالحة فهي لا بد أن تكون قانتة مطيعة . قال الواحدي رحمه الله : لفظ القنوت يفيد الطاعة ، وهو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج .
وأساس هذا الحق ، حق الطاعة ، هو ما للزوج من حق القوامة على المرأة ، إذ لا معنى لحق القوامة بدون حق الطاعة .
يقول الله تعالى (( الرجال قوامون على النساء )) وقد جاء في تفسير هذه الآية : وأن عليها – أي الزوجة – طاعة زوجها وقبول أمره ما لم تكن معصية (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) .
أعود إلى كتاب لورا شلسنجر لأنقل ما تذكره المؤلفة من أن النساء يتزوجن وهن يفكرن مليا في ما سيقدمه أزواجهن لهن لا في ما يمكن أن يقدمنه هن لأزواجهن , ولهذا تنشأ النزاعات والخلافات حول أصغر الأمور وأتفهها ويخفق من ثم الزواج الذي كان يمكن أن يكون ناجحاً .
وتعرض المؤلفة لرسالة وصلتها من امرأة تدعى (( سيندي )) تقول فيها : لقد استمرت علاقتي الزوجية عشر سنوات ، وكنت أخفق في اعتنائي بزوجي وإشباعي رغباته ، حتى نشأت خلافات ونزاعات بيني وبينه … ولما لاحظت أمي ذلك صارت تشرح لي دور الزوجة تجاه زوجها وأهمية أن تجعله الأول في حياتها .
وفي كلمات أوضح وأصرح تضيف الدكتورة لورا قائلة : إن نساء كثيرات يذهلن لدى إدراكهن مدى الألم الذي يسببنه لأزواجهن جراء سلوكهن المشين معهم . وإن كنا فعلاً نريد أن نكون منصفات فإن الرجال يحاولون أن يكونوا صابرين متحملين الصعاب مهما كانت قاسية دون تذمر أو تأفف ، فهذه هي الرجولة الحقة .
وتقول المؤلفة لتؤكد أن على الزوجة أن تقدم زوجها على جميع من حولها ، وأن تجعل اهتمامها به قبل مختلف اهتماماتها الأخرى : الحياة مليئة بالأعمال والنشاطات والاهتمامات التي من شأنها أن تستنفد أوقاتنا وطاقاتنا ، لكن علينا أن نختار الأهم ونضعه في قمة أولوياتنا .. وهو الزوج ؛ وإن لم تختر المرأة زوجها ليحتل المرتبة الأولى في حياتها فإنه سوف يضطر أيضاً – وللأسف – إلى معاملتها بالمثل .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أعظم حقاً على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فأي الناس أعظم حقاً على الرجل ؟ قال : أمه . ( البزار والحاكم ) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها )
هذا كله يدل على عظيم حق الزوج ، فعلى الزوجة رعاية حقوق زوجها عليها والقيام بمضمونها وما يتعلق به . قال ابن قدامة في المغني : وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى (( وللرجال عليهن درجة )) .
وحتى تسعى المرأة إلى هذه الطاعة ، وتحرص عليها أشد الحرص جاءت البشارة لها بأن تدخل الجنة من أي أبوابها شاءت إذا بات زوجها راضياً عنها ؛ فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة )) الترمذي . قال الشوكاني : في هذاالحديث ترغيب عظيم إلى طاعة الزوج وطلب مرضاته وأنها موجبة للجنة .
والآن ، أختي الزوجة ، كيف تحققين هذه الطاعة لزوجك ؟
- لا تتدخلي في قرارات زوجك إلا تدخلاً بناءً ، واجعلي مشورتك له من باب العرض الذي يعرف هو إن كان ينفعه الأخذ به أو لا ينفعه .
- كوني منصتة جيدة لزوجك وأظهري اهتمامك بمشاعره ومخاوفه وكل ما يتضمنه حديثه .
- الهدوء من أكثر الصفات التي يحبها الزوج في زوجته حين يكون مشغولاً بأمر ما .
- لا تجادليه .. وافعلي ما يأمرك به مادام ليس فيه معصية لله تعالى .
- افهميه جيـداً .. إذا كان خجولاً أو اجتماعياً أو ذكياً أو ملولاً حتى تنجحي في كسبه وإرضائه .
وفقك الله إلى حياة زوجية سعيدة مستقرة .
وسوم: العدد 718